السوريون يكتفون بالقليل في شهر الصيام

دمشق - بالرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها غالبية السوريين هذه الأيام، والظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد من غلاء الأسعار، وتدهور الليرة السورية إلى مستويات متدنية أمام العملات الأجنبية، إلا أن السوريين يصرون على استقبال شهر رمضان المبارك بكثير من الفرح والبدء بالتحضير له.
وتشهد أسواق دمشق اليوم حركة نشطة للمواطنين السوريين، والغالبية تشتري بعض الاحتياجات التي تلزم لشهر الصوم من بقوليات وتمور والمشروبات التي تحضر على مائدة الإفطار بهذا الشهر الفضيل.
ولكن ما يلفت الانتباه حقا هو أن الناس تشتري ما يلزم وبكميات قليلة، وهناك بعض الأشياء تم الاستغناء عنها بسبب غلاء سعرها، وعدم قدرة الغالبية على شرائها، فالكل يريد أن يعيش طقوس رمضان الجميلة، ولكن ضمن الحدود الدنيا.
دراسات وتقارير سورية تشير إلى أن معدل احتياجات الأسر من 3 إلى 5 أشخاص في الشهر يتجاوز الـ600 ألف ليرة سورية
وأعرب أبوعدنان (54 عاما) عن دهشته من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل جنوني، مؤكدا أن هذا الغلاء والظروف المعيشية الصعبة سيحرمان السوريين من الكثير من الأطعمة.
وقال أبوعدنان الذي خرج لتوه من سوق البزورية بدمشق القديمة ومعه بعض الأكياس المعلقة بأصابع يديه، لوكالة أنباء (شينخوا) "نحن معتادون أن نذهب إلى السوق قبل قدوم شهر رمضان المبارك لنشتري بعض الاحتياجات والأطعمة"، مشيرا إلى أن هذا الطقس بات تقليدا سنويا، ويشكل احتفالية بقدوم شهر الصوم.
وأضاف "في هذه السنة، وبالرغم من معرفتي المسبقة بارتفاع الأسعار لغالبية السلع، قبل قدوم شهر رمضان، إلا أنني أحببت أن أعيش هذا الطقس مع عائلتي، مع فارق بسيط أن كمية المشتريات قليلة هذه السنة".
وأشار أبوعدنان، الذي يعمل في مهنة البلاط والسيراميك، إلى أن هناك عددا لا بأس به من الأطعمة ستخرج من موائد رمضان هذا الموسم لأن الدخل اليومي لا يناسب مع الغلاء الحاصل. وأوضح أن العزائم والولائم التي كانت تقام في شهر رمضان لن تكون حاضرة.
وتشير دراسات وتقارير سورية غير رسمية إلى أن معدل احتياجات الأسر من 3 إلى 5 أشخاص في الشهر يتجاوز الـ600 ألف ليرة سورية عدا إيجار المنزل إذا كانت تملك الأسرة منزلا. في حين تبلغ معدلات الرواتب الشهرية الحكومية والخاصة في سوريا بين 100 ألف إلى 250 ألف ليرة سورية.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا نهاية شهر فبراير الماضي ارتفعت أسعار مواد غذائية وخاصة الزيوت ومشتقات الحبوب ووصل سعر كيلو زيت الذرة وعباد الشمس إلى أكثر من 18 ألف ليرة سورية، وسط عجز حكومي عن تأمين احتياجات الأسواق السورية عبر الدعم الحكومي وحاجة السوق عموما.
وتقول ميساء علي وهي موظفة في حي المزة بدمشق "ارتفعت أسعار عموم المواد الغذائية والخضار بشكل كبير جدا، والأنواع الرخيصة من الأرز اليوم لا يقل سعر الكيلو عن 4000 ليرة سورية، وارتفع سعر كيلو الزيت من 8500 ليرة إلى 15 ألف ليرة سورية والمؤسسات الحكومية تقدم للعائلة في الشهر حوالي 2 لتر، ماذا نعمل بهذه الكمية، هل تكفي للطبخ لمدة أسبوع، ماذا نعمل بعدها؟ ليست لدينا القدرة على شراء مواد بسعر السوق، راتبي الشهري وراتب زوجي لا يتجاوزان 200 ألف ليرة سورية واحتياجاتنا الشهرية تتجاوز الـ500 ألف ليرة في الحد الأدنى عدا تكاليف الملابس والعلاج والمناسبات".
وعبرت أم ياسين (58 عاما) عن سرورها بقدوم شهر رمضان الذي هو شهر الخير والبركة، موضحة أن الأسواق تشهد حركة نشطة رغم غلاء الأسعار، وهذا دليل على أن السوريين يصرون على استقبال شهر رمضان بكثير من الفرح.
وقالت أم ياسين، التي كانت تتجول في أحد أسواق دمشق لشراء بعض السلع والفاكهة المجففة “لم أتوقع أن أرى هذا الازدحام الكبير في الأسواق”، مؤكدة أن الناس منذ وقت طويل يحبون التسوق قبل شهر رمضان، ولكن غلاء الأسعار أفسد هذه المتعة لدى غالبية الناس، واقتصر التسوق على شراء أشياء بسيطة.
العديد من السوريين عبّروا عن سعادتهم بقدوم شهر رمضان، ولكن بنفس الوقت أشاروا إلى أنه سيكون صعبا على الغالبية منهم وخاصة الفقراء منهم
الشاب أحمد (23 عاما) أراد أن يكون احتفاله بقدوم شهر رمضان مختلفا، فهو أراد أن يشتري زينة وأضواء يضعها على شرفة بيته، ترحيبا بقدوم شهر الصيام.
وقال أحمد الذي كان بداخل متجر يحتوي على ألعاب وأدوات كهربائية "اشتريت هلالا يضيء ليلا، سأضعه على شرفة بيتي، وحبلا من الأضواء الملونة التي سيتم وضعها بجانب الهلال أيضا"، مبينا أن "رمضان هو شهر الخير والمحبة، وإذا كانت أسعار السلع غالية فلماذا لا نعبر عن سرورنا بشيء بسيط".
وأشار الشاب أحمد ساخرا إلى أن الزينة التي اشتراها ستضاء فقط عندما يأتي التيار الكهربائي، مبينا أن المنطقة التي يسكن بها تشهد برنامج تقنين جائر يفوق الـ5 قطع وساعة واحدة وصل.
وعبّر العديد من السوريين عن سعادتهم بقدوم شهر رمضان، ولكن بنفس الوقت أشاروا إلى أنه سيكون صعبا على الغالبية منهم وخاصة الفقراء منهم.
وأشار سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن المواطن يشعر بالحيرة حول ماذا سيأكل عند الإفطار، لأن كل شيء ثمنه مرتفع، والدخل المادي قليل أو معدوم، مؤكدين أن الإفطار سيكون عبارة عن صنف واحد فقط.