السوريون أكبر ضحايا العمل بين الأجانب في تركيا

لا سبيل للكثير من العمال السوريين إلا العمل ضمن ظروف غير آمنة مقابل تقاضي أجور مقبولة مقارنة بوظائف أخرى.
الاثنين 2022/09/19
أوضاع مأساوية تعمقها الأزمة الاقتصادية التركية

قيصري (تركيا) - على ارتفاع بضعة أمتار ودون وجود أدنى متطلبات السلامة، يعمل لاجئون سوريون في مجال تركيب اللافتات الإعلانية في ولاية قيصري وسط تركيا، الأمر الذي قد يعرض حياتهم للخطر باستمرار.

وليس هذا العمل هو الوحيد الذي يشكل خطرا على حياة العمال السوريين، بل هناك عدة مجالات أخرى كالعمل في مجال الإنشاءات وخصوصا أولئك المتخصصين في طلاء الجدران وتركيب النوافذ وزجاج الشرفات وغيرهم.

ويقول أبوأنمار (32 سنة) وهو أحد العاملين السوريين في مجال تركيب اللوحات الإعلانية في قيصري “نعمل بشكل شبه يومي في مناطق مرتفعة لتركيب هذه اللوحات، أحيانا نستخدم رافعات وتبدو آمنة مقارنة بالوسائل الأخرى التي نستخدمها أثناء العمل”.

السوريون كانوا في صدارة العمال الأجانب الذين فارقوا الحياة إثر تعرضهم لحوادث أثناء العمل خلال العام الحالي

وحول الاحتياطات التي يتخذها أثناء العمل في هذا المجال، يجيب بأن “الأعمار بيد الله، أنا مجبر على البقاء في هذا العمل، فالأجور جيدة خصوصا أن لدي خبرة تتجاوز الخمس سنوات في ذات المجال”.

ومع تزايد عدد اللاجئين السوريين في تركيا والذي يقترب من الأربعة ملايين، يبدو أنهم كانوا في صدارة العمال الأجانب الذين فارقوا الحياة إثر تعرضهم لحوادث أثناء العمل خلال العام الحالي.

وتفيد آخر إحصائيات مجلس الصحة والسلامة المهنية التركي لشهر أغسطس الماضي، بأن هناك 27 عاملا سوريا فقدوا حياتهم بسبب العمل من أصل 67 أجنبيا قضوا في تركيا لذات السبب وذلك منذ بداية عام 2022 وحتى نهاية الشهر الماضي.

وفي أواخر أغسطس لقي عامل سوري مصرعه في ولاية كوجالي شمال غربي تركيا بعد أن سقط في آلة للف الأسلاك ضمن مصنع لتدوير المعادن.

ولقي عامل سوري آخر حتفه في ولاية قونيا جنوب غربي تركيا في الشهر الفائت بعدما سقطت عليه ألواح من الرخام في ورشة تقع في حي تاتليجاك في نفس الولاية.

وتتكرر حوادث العمل بين العمال السوريين في تركيا، حيث تحصل أكثر من حادثة مع مرور كل شهر وسط انعدام وسائل الأمان التي يحتاجون إليها أثناء العمل.

ولا سبيل للكثير من العمال السوريين إلا العمل ضمن ظروف غير آمنة مقابل تقاضي أجور مقبولة مقارنة بوظائف أخرى.

s

ومن بين هؤلاء العمال أبوعدي (34 سنة) ويعمل في مجال طلاء المنازل في غازي عنتاب جنوب تركيا، إذ يقول “نحن مجبرون على استخدام السقالات غير الآمنة أثناء العمل في مجال طلاء المنازل خصوصا من الخارج، فهي الوسيلة الوحيدة المتوفرة والأرخص لصاحب العمل”.

وحول تعرضه لحوادث أثناء العمل، يضيف الشاب بأنه “وقع ذات مرة من ارتفاع بضعة أمتار أثناء عمله في طلاء جدار أحد الأبنية، واضطره للتوقف عن العمل مدة أسبوع بسبب ألم لازم ظهره، إلا أنه عاد من جديد للعمل في ما بعد”.

ويبدو أن العديد من العمال السوريين ممن يعملون وسط ظروف عمل غير آمنة متمسكون بهذه الأعمال في الوقت الذي تعاني فيه معظم العائلات السورية من الأزمة الاقتصادية التي تحيط بتركيا.

وحسب التقديرات، يوجد في تركيا ما يقارب 930 ألفا من أصل حوالي مليوني عامل سوري في سن العمل يشتغلون حاليا.

وغالبية السوريين يعملون بشكل غير قانوني، أما الأسباب ففي غالبيتها تعود إلى أرباب العمل الذين يتهربون من تحمل تكاليف إضافية في حال سجلوا العمال لديهم بشكل قانوني.

2