السودان يوقف استيراد منتجات كينيا بعد استضافتها اجتماعات لتشكيل حكومة موازية

الخرطوم - أصدرت الحكومة السودانية في تطور دبلوماسي لافت قرارًا يقضي بوقف استيراد جميع المنتجات الواردة من كينيا، وذلك على خلفية استضافة الأخيرة اجتماعات لقادة قوات الدعم السريع وحلفائهم الذين أعلنوا عن تشكيل "حكومة موازية" في السودان. ويعد هذا القرار جزءًا من سلسلة من التطورات التي أثرت بشكل كبير على العلاقات بين السودان ودول الجوار، لاسيما كينيا.
ويأتي هذا القرار في وقت حساس حيث يعاني السودان من حرب مدمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين.
وبدأت الأزمات بين السودان وكينيا عندما استضافت كينيا اجتماعات لقوى سياسية سودانية وقادة من قوات الدعم السريع في فبراير 2024. هذه الاجتماعات تمهد لتشكيل "حكومة موازية" في السودان، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية تدخلاً في شؤونها الداخلية.
وقد وصفت حكومة الخرطوم ما جرى بأنه تهديد لسيادتها، وأن استضافة كينيا لقادة قوات الدعم السريع تعد بمثابة دعم لمليشيات مسلحة متمردة على الحكومة السودانية.
وفي رده على هذه التطورات، استدعى السودان سفيره في نيروبي كما أصدر وزير التجارة السوداني، عمر أحمد محمد علي، قرارًا بوقف استيراد المنتجات الكينية اعتبارًا من تاريخ القرار.
وجاء القرار بناءً على توصية من مجلس الوزراء السوداني الذي أكد أن هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي السوداني وحماية مصالح البلاد.
من جانبها، أكدت الحكومة الكينية أن استضافتها لتلك الاجتماعات لا تعد تدخلاً في شؤون السودان الداخلية، بل جزءًا من جهودها الرامية إلى المساهمة في إيجاد حلول سلمية لوقف الحرب في السودان.
وأوضحت أنها تنسق في هذا المجال مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في إطار السعي لتحقيق السلام والأمن في السودان، مشيرة إلى أنها تعمل من أجل إيجاد أرضية مشتركة بين مختلف الأطراف السودانية المتصارعة.
والقرار السوداني بوقف استيراد المنتجات الكينية من شأنه أن يضاعف التوترات بين الخرطوم ونيروبي حيث تعد كينيا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للسودان.
ويصدر السودان لكينيا العديد من المنتجات الزراعية مثل الشاي، فضلاً عن بعض المنتجات الغذائية والدوائية. ومن المتوقع أن يؤثر هذا القرار بشكل كبير على التجارة بين البلدين، ويزيد من تعقيد العلاقات الدبلوماسية بينهما في وقت يحتاج فيه السودان إلى دعم دولي أكبر من أجل تخفيف آثار الأزمة التي يمر بها.
كما أن هذا القرار قد يشجع على تشكيل تحالفات إقليمية جديدة، مع احتمال تأثيره على مجريات الحرب الدائرة في السودان، حيث تبحث دول الجوار عن سبل للتأثير في نتائج هذه الحرب، سواء عبر الوساطة أو من خلال تقديم الدعم لطرف معين.
ومن الممكن أن تعمق هذه المواقف الخلافات الإقليمية وتؤدي إلى تزايد الانقسامات بين الدول العربية والأفريقية في تعاملها مع الوضع السوداني.
وعلى الرغم من أن القرار السوداني قد يساهم في تعزيز موقف الحكومة السودانية في مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية، فإنه في الوقت ذاته قد يؤدي إلى مزيد من العزلة السياسية والاقتصادية للسودان.
وترى أطراف داعمة للحكومة السودانية أنه من المهم أن تتبع الدول الكبرى والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، مسارًا دبلوماسيًا لضمان تفادي تصعيد الأوضاع في السودان، والتأكيد على ضرورة احترام السيادة الوطنية للسودان في إطار البحث عن حل سلمي للأزمة.
وقد يتعين على الحكومة السودانية أن توازن بين تحصين أمنها القومي وحماية علاقاتها الإقليمية والدولية في الفترة المقبلة وفي الوقت نفسه، سيكون من الضروري أن تتفهم كينيا أبعاد النزاع السوداني وحساسية المواقف المختلفة داخل السودان، وتحاول إيجاد طرق أكثر فاعلية للمساهمة في إنهاء الحرب دون تعميق الهوة بين دول الجوار.
وكان عبدالرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع أكد جاهزية الحكومة الجديدة لمباشرة مهامها، مثل طباعة العملة والأوراق الثبوتية وغيرها من الاستعدادات.
ووقعت قوات الدعم السريع وجماعات متحالفة معها دستورا انتقاليا مما يمهد لإنشاء حكومة موازية تهدف إلى تولي زمام الأمور وانتزاع الشرعية الدبلوماسية من فريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش.
ويهدف الدستور الذي تبنته قوات الدعم السريع إلى أن يحل محل الدستور الذي تم توقيعه بعد أن أطاح طرفا الصراع بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لفترة طويلة خلال انتفاضة عام 2019.
وينص الدستور الجديد رسميا على تشكيل حكومة، ويرسم خارطة لما يصفه بالدولة الاتحادية العلمانية المقسمة إلى ثمانية أقاليم. كما ينص على وثيقة للحقوق الأساسية تمنح تلك الأقاليم الحق في تقرير المصير إذا لم يتم استيفاء شروط معينة، وأهمها فصل الدين عن الدولة.