السوداني يستبعد تغيير النظام السياسي في العراق إثر إسقاط الأسد

رئيس الوزراء العراقي يؤكد أن لا يحق لأي أحد فرض التغيير على البلد الذي وصفه بأنه يمثل نظاماً ديمقراطياً تعددياً.
السبت 2025/01/04
السوداني يتعرض لضغوط أميركية بشأن سلاح الميليشيات

بغداد - قلل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم السبت، من أهمية الحديث عن تغيير سياسي في بلاده، على إثر أحداث سوريا وإسقاط نظام بشار الأسد وما رافقها من تداعيات، مؤكدا أنه لا يحق لأي أحد فرض التغيير على البلد الذي وصفه بأنه يمثل "نظاماً ديمقراطياً تعددياً".

وقال السوداني، في كلمة خلال مشاركته اليوم في الحفل التأبيني الذي أقيم في بغداد بمناسبة ذكرى مقتل محمد باقر الحكيم، "حرصنا منذ بدء الأحداث في سوريا، على النأي بالعراق عن الانحياز لجهة أو جماعة وترك الخيار للسوريين ليقرروا مصيرهم".

وأضاف "هناك من حاول ربط التغيير في سوريا، بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، وهو أمر لا مجال لمناقشته" موضحا أن "المنطقة شهدت منذ أكثر من سنة، تطورات مفصلية نتجت عنها تغيرات سياسية مؤثرة".

وتابع السوداني، في بيان نشره المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي على صفحته بموقع فيسبوك، "نمتلك نظاما ديمقراطيا تعدديا يضم الجميع، ويضمن التداول السلمي للسلطة، ويسمح بالإصلاح وتصحيح الخلل تحت سقف الدستور والقانون، وليس من حق أحد أن يفرض علينا التغيير والإصلاح في أي ملف، اقتصاديا كان أم أمنيا، مع إقرارنا بوجود حاجة لعملية الإصلاح في مختلف المفاصل".

ولفت إلى إكمال "العديد من الاستحقاقات المهمة، مثل إجراء انتخابات مجالس المحافظات، والتعداد السكاني، وتنظيم العلاقة مع التحالف الدولي، وتأطير علاقة جديدة مع بعثة الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن "الاستحقاقات من إصرار حكومتنا على إكمال جميع متطلبات الانتقال نحو السيادة الكاملة، والتخلص من أي قيود موروثة تقيد حركة العراق دوليا".

وتأتي تصريحات السوداني في وقت يتصاعد فيه الحديث عن إمكانية تأثر العراق بأحداث المنطقة وحدوث تغيير سياسي في البلاد، خصوصا إثر أحداث سوريا، وسط تصعيد وضغوط تمارسها الولايات المتحدة على الحكومة العراقية، بضرورة سحب سلاح الفصائل وحل "الحشد الشعبي"، وهو الخيمة الجامعة لنحو 70 فصيلا مسلحاً معظمها لها ارتباطات بإيران، فيما لم تعلن حكومة بغداد رسمياً أي إجراءات لها بهذا الصدد، على الرغم من اعتراف مستشار للسوداني بتلك الضغوط، بيّن أن الولايات المتحدة قد تلجأ للقوة إن لم تستجب بغداد لحل "الحشد الشعبي".

وتتزامن تصريحات السوداني مع أنباء عن زيارة مرتقبة لطهران، قد يجريها في غضون الأيام القليلة المقبلة، بحسب ما كشفه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، فيما لم يعلن الجانب العراقي عنها، فيما أكدت مصادر عراقية أن الزيارة تهدف إلى بحث ملف التطورات في سوريا، فضلاً عن موقف العراق تجاهها وتجاه الفصائل العراقية المرتبطة بإيران.

ومنذ سنوات، يحاول العراق أن يسير على حبل مشدود بين القوى الكبرى التي تؤثر عليه. فالعلاقات العراقية-الأميركية تسير ضمن إطار تحالف استراتيجي قائم على المصالح الأمنية والاقتصادية، في حين ترتبط بغداد بإيران عبر علاقات تاريخية وجغرافية وثيقة، تكرّست بعد سقوط نظام صدام حسين.

لكن الوضع الحالي يحمل تغييرات جذرية، فالرسائل الأمريكية الأخيرة للعراق، والتي تتحدث عن ضرورة "حصر السلاح بيد الدولة"، تعكس إصراراً على تحجيم دور الفصائل المسلحة، وهذه الخطوة، إن أُنجزت، قد تؤسس لتحول جذري في التوازن السياسي والأمني داخل العراق.

وتمثل الفصائل المسلحة في العراق بالنسبة إلى إيران، إحدى أدواتها الرئيسية في مشروع "محور المقاومة"، لكن الضغوط الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل تراجع النفوذ الايراني، قد تدفع طهران لإعادة النظر في سياساتها.

وزيارة السوداني المرتقبة قد تكون فرصة لإيران لتقييم الموقف الجديد، خصوصاً إذا ما اعتبرت بقاء نظامها السياسي أولوية تفوق الاحتفاظ بالنفوذ المسلح في العراق.

وعودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تكون لها تداعيات مباشرة على هذه الديناميكيات، فهو معروف بمواقفه الحادة تجاه إيران، ويبدو أنه ينقل رسائل واضحة تفيد بأن واشنطن لن تتسامح مع استمرار دور الفصائل المسلحة في العراق.

ومع ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في زعزعة الاستقرار السياسي في العراق ككل، فالحفاظ على النظام السياسي القائم، لكن مع تغييرات جذرية تطال القوى المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، قد يكون هدفا أميركيا مرحليا، وفق مراقبين.

ويعتقد مراقبون أن نجاح العراق، في حصر السلاح بيد الدولة قد يمنحه استقلالية نسبية عن الضغوط الإقليمية، لكن ذلك يتطلب توافقاً داخلياً بين القوى السياسية المختلفة، وهو أمر معقد في ظل الانقسامات الحالية.

أما بالنسبة إلى إيران، فان إعادة تموضع استراتيجي قد يساعدها في تخفيف الضغوط الدولية عليها، خصوصاً إذا ما وجدت بديلا للعلاقة مع الفصائل المسلحة كوسيلة للحفاظ على نفوذها في العراق.

في حين أن تطوير الولايات المتحدة علاقة بناءة مع العراق قد يساعدها في تقليل النفوذ الإيراني دون التورط في مواجهات مباشرة.