السوداني يدعو من طهران إلى حوار إقليمي شامل تستضيفه بغداد

طهران – دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال لقائه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأربعاء في قصر سعد آباد بالعاصمة طهران التي وصلها في زيارة رسمية، إلى حوار إقليمي شامل تستضيفه بغداد، يضمن الأمن والاستقرار ويعزز الثقة بين دول المنطقة.
ووصل السوداني الأربعاء، إلى العاصمة طهران في زيارة رسمية هي الأولى له في عهد الحكومة الإيرانية الحالية منذ تشكيلها في أغسطس الماضي، وذلك تلبية للدعوة التي وجهها له الرئيس الإيراني، وفي جعبته ملفات كثيرة قد تم الإعداد لها مسبقا، على رأسها ملف الفصائل العراقية المسلحة ومساعدة إيران في تحجيم دورها بسبب الضغوط الغربية على العراق.
وقال السوداني في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الإيراني إن "زيارتنا إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعاً موسعاً مع الرئيس الإيراني وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين".
وأضاف "نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصاً في قطاعي السكك والسكن"، مؤكداً أن "تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة".
وأشار إلى أن "العراق يؤكد موقفه الثابت في إدانة حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني"، منوهاً بأن "الانتهاكات الإسرائيلية تهدد السلم والأمن الإقليميين، لذلك فإن السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة هو وقف الحرب في غزة".
ودعا السوداني إلى إقامة حوار إقليمي شامل، باعتماد لُغة الحوار كأسلوب أمثل لحل الخلافات بين الدول، مؤكداً أن العراق يحرص على بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية والاقليمية، وبما يحقق مصالح الجميع
وبشأن النطورات في سوريا قال السوداني "نحترم إرادة الشعب السوري وندعم قراره في اختيار نظامه السياسي"، مشدداً على أن "استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة"، داعياً إلى “حل سياسي شامل في سوريا".
وأكد رئيس الوزراء، أن "العراق مستعد للتعاون مع جميع الأطراف لتعزيز الاستقرار في سوريا وتحقيق إنتقالة سلمية سلسة لنظام يعكس ارادة الشعب السوري بكل تنوعاته وأطيافه، وفي عملية إعادة الاعمار وعودة اللاجئين"، معبراً عن رفضه "لغة التهديد واستخدامها ضد الدول".
ودعا رئيس الوزراء، إلى "احترام القانون الدولي وحوار إقليمي شامل يضمن الأمن والسلام"، مبيناً أن "الحكومة نجحت في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية"، مؤكداً أن "العراق حريص على نشر التهدئة وعدم توسيع الحرب في المنطقة، كما يسعى إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول".
ومن جانبه، أعرب الرئيس الإيراني عن تخوف بلاده من التطورات في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وقال بزشكيان، في المؤتمر الصحافي المشترك إن "اللقاء مع رئيس الوزراء العراقي بحث التطورات في المنطقة والمفاوضات الثنائية كانت جيدة"، مبيناً أن "طهران لديها هواجس مشتركة مع العراق بشأن التطورات في سوريا ووحدة أراضيها وضرورة انسحاب الكيان الصهيوني منها".
وأضاف بزشكيان أن "احتمالية إعادة تفعيل الخلايا الإرهابية في المنطقة يشكل تحدياً بالنسبة للعراق وإيران على المستوى الأمني"، مشيراً إلى أن "العراق يمر بفترة جيدة من الاستقرار والتنمية وطهران تأمل استمرارها".
وبشأن المباحثات الثنائية، أشار بزشكيان، إلى أن "اللقاء تطرق أيضاً إلى التعاون الاقتصادي والتجاري مع العراق، فضلاً عن التأكيد على أهمية تسريع العمل في إنجاز خط الشلامجة السككي".
وسبقت زيارة السوداني إلى طهران ترتيبات تمثلت بزيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، الأحد، لبغداد، ناقشت خلال الجزء الأهم من أجندة ما ستسفر عنه اتفاقات السوداني مع طهران بشأن الملفات المشتركة، وأهمها الفصائل المسلحة.
وكانت وسائل إعلام قد أفادت نقلا عن مصادر، بأن قاآني، أوصل رسالة لبغداد، خلال زيارته السريعة لها، أن بلاده لا تريد أن تكون جزءا من الحرب، وأنها لا تتحفظ على أي قرار بشأن الفصائل المسلحة العراقية، فيما أبلغ الفصائل بضرورة الالتزام بقرارات الحكومة العراقية.
وأشارت وسائل إعلام إلى أن الزيارة قد تهدف إلى اعتماد سبل وآليات لتحويل بعض تلك الفصائل إلى قوى أو جبهة سياسية.
وتأتي الزيارة في ظل أوضاع غير مستقرة في المنطقة، خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في سوريا وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد أبدى مرات عدة قلقه من الأوضاع في سوريا لوجود تنظيمات مسلحة وعناصر داعش، وقد أجرى زيارات خاطفة الى الأردن، ومن ثم إلى المملكة العربية السعودية، وبحث فيهما تطورات سوريا وتأثيرها على المنطقة، ومن ثم أرسل السوداني إلى سوريا وفدا رفيعا برئاسة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري الذي التقى قائد الإدارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع.
ومنذ زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى بغداد، في الثالث عشر من ديسمبر الماضي، تتصاعد الأحاديث في الكواليس السياسية عن رسائل أميركية للعراق بضرورة حل وتفكيك الفصائل المسلحة الموالية إيران،
وبحسب مصادر متطابقة، فإن بلينكن أوصل رسالة شفهية من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى السوداني بشأن عدم التدخّل في الوضع السوري، فضلا عن دعوته إلى منع خوض الفصائل المدعومة من إيران مواجهة مسلّحة مع الفصائل السورية أو أن تتلاعب بأمن المنطقة.
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.
وهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص لحمل السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، عقب طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.
وكانت آخر زيارة قام بها السوداني إلى طهران في 22 من مايو الماضي، وذلك للمشاركة في مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه جراء تحطم طائرته الرئاسية شمال غرب إيران في 19 من الشهر ذاته.
مع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديا إستراتيجيا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها، إذ ينبغي لصانع القرار العراقي أن يأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار فهم القوى الجديدة وتحليل امتداداتها، وعوامل قوتها وضعفها وتحصين الحدود.