السهر يحلو في ليالي رمضان بيروت

النجمة ساحة الفرح ولمّة الأحباب الحلوة للإفطار أو للسحور ولمشاهدة العروض الفنية، و"سيبانة رمضان" تقليد تحافظ عليه العاصمة اللبنانية.
الثلاثاء 2018/05/22
سهرة من الإفطار حتى موعد السحور

بيروت - يحلّ شهر رمضان على سكان العاصمة اللبنانية، فيحتفلون بقدومه على طريقتهم من حيث الزينة التي تملأ المحلات والطرقات والبيوت، وتكثر في شهر الصيام السهرات حيث تجتمع العائلات والأصدقاء والأقارب في المنزل أو في المقاهي والمطاعم، ومنهم من يختار السهر على الكورنيش في الهواء الطلق.

ومع حلول موعد الإفطار، تتجمّع عائلات قليلة في المنازل حول موائد رمضان، بينما تزخرُ المطاعم والفنادق بالولائم تتبعها سهرات، خاصة وأنّ الطقس مناسب لقضاء بعض الوقت بين الأحبّة والعائلة.

ويشهد الوسط التجاري لمدينة بيروت، مهرجانا رمضانيا تحت عنوان “رمضان بالساحة”، يستمرّ طوال شهر رمضان من الإفطار وحتى موعد السحور.

وفتحت المطاعم والمقاهي في ساحة النجمة أبوابها للزوّار الذين يتهافتون للإفطار أو للسحور ولشرب النرجيلة، مع عروض فنية لفرقة الدراويش، بالإضافة إلى قصص يرويها الحكواتي وبرامج مخصّصة للحزازير وبرامج ترفيهية للأطفال.

سهرات تؤثثها عروض الدراويش، وقصص يرويها الحكواتي، وبرامج مخصصة للحزازير وبرامج ترفيهية للأطفال

وتنتشر في الساحة أكشاك ومعارض للحرفيين لعرض أعمالهم اليدوية والحرفية، وأكشاك للحلويات العربية اللبنانية، ويتضمن المهرجان كل أسبوع عرضا لمطبخ وثقافات وتقاليد بلدان عربية كبلاد الشام وشمال أفريقيا وشرق آسيا والخليج.

وفي كل أسبوع ستكون الفكرة الأساسية والعامة في المهرجان مستوحاة من قارّة معيّنة، خلال هذا الأسبوع يتمحور الطابع العام حول الدول المحيطة بلبنان سوريا والعراق وفلسطين والأردن، أما الأسبوع الثاني فسيكون حول دول آسيا، والأسبوع الثالث حول أفريقيا، والأسبوع الأخير للدول الخليجية.

وتغصّ ساحة النجمة بالزوّار الذين يحضرون باكرا جدا لحجز أفضل الأماكن والاستمتاع بالبرامج المنوّعة التي تقّدمها مجموعة المقاهي الممتّدة على طول السوق التجاري.

ودأبت بيروت منذ سنوات على الاحتفال بـ”سيبانة رمضان”، وهي أحد التقاليد الرمضانية القديمة التي تحافظ عليها بيروت في الأسواق، وتتضمّن هذا العام مسرحا إنشاديا وأشغالا يدوية وسوقا رمضانية ولعبة تحت شعار “برمضان أنا قوي” تهدف إلى تعزيز مفهوم الصحة والإيمان والتركيز والإرادة.

يقول أحد أصحاب المقاهي، “مع حلول فصل الربيع وشهر رمضان تدبّ الحياة في ساحة النجمة التي كانت تشبه مدينة أشباح جرّاء الوضع الأمني والسياسي”.

النرجيلة صديق لا يغيب عن الجلية
النرجيلة صديق لا يغيب عن الجلية

ويضيف، “فتحت المقاهي والمطاعم أبوابها خلال هذا الشهر بأسعار مناسبة تشجيعا للعائلات اللبنانية على الخروج والسهر، وتقدّم هذه المحلات أشهى الأطباق اللبنانية خلال الإفطار والسحور من الفتوش والتبولة وجميع المازات إضافة إلى المناسف والمشاوي”، متمنيا أن تتواصل الأجواء مزدحمة في الساحة كما هو الحال خلال الأيام الأولى من رمضان.

ويتمتع اللبنانيون بسفرة مميزة في رمضان، نظرا إلى غنى المطبخ اللبناني، إضافة إلى الأكلات المعروفة المتوارثة بين العائلات، والمشروبات الرمضانية، كالجلاب والتمر هندي والخرنوب وقمر الدين، والحلويات كالقطايف المشبك والشعيبيات.

تقول الشابة رشا وهي تلعب الورق مع صديقات لها في المقهى، “رمضان فرصة لي لأخرج في الليل مع صديقاتي بعيدا عن أجواء الجامعة والامتحانات، هي لحظات تجعلنا نجدّد حياتنا اليومية”.

وتضيف، “من قبل لم نكن نأتي إلى هنا، الآن الجو دافئ ونشعر ببعض الأمان، من الرائع أن هذا المكان مزدحم بهذا الشكل الآن، كما أن الأسعار تشجعنا لكي نخرج ونسهر”.

زائرة أخرى تقول، “لا نصدق أنه بات بإمكاننا القدوم إلى هنا، الآن ساحة النجمة لا تنام، الأجواء جميلة جدا ونتمنى أن يظل الوضع السياسي مستقرا في لبنان وكذلك الأمني”. وتؤكد، أنها “لم تكن تتوقع أن يستقطب رمضان هذا العدد الكبير من الناس ليخرجوا، الزحام شديد ولا نستطيع الحضور الى هنا دون الحجز مسبقا”.

يقول يوسف الذي ينتظر آذان المغرب بقاعة حفلات بأحد الفنادق لينقض على مائدة الطعام، “نحن شعب يستمتع بحياته ولا يعطي لهموم الحياة أي أهمية”.

وتقدّم المطاعم والفنادق اللبنانية في الغالب وجبات السحور مصحوبة ببرامج ترفيهية يشارك فيها مطربون ومطربات وراقصات للزبائن الذين كان من بينهم قليل من السائحين من منطقة الخليج.

أبوالحسن أحد ملاّك المطعم يقول أن العمل مزدهر في رمضان هذا العام غير أن الناس ينفقون أقل من المعتاد. وينظر البعض للوجه الإيجابي لهذه

السهرات في مدينة متعدّدة الطوائف، يقول عباس، إن لقاءات الإفطار خارج المنازل، “حوّلت الصوم الرمضاني من مناسبة دينية تقتصر على المسلمين إلى مناسبة مفتوحة حيث أصبح المسيحيون يرتادون هذه المطاعم لتناول وجبة العشاء مع إخوانهم المسلمين.

وقد شهدت بيروت في فترة من الفترات إقبالا كبيرا على الخيم الرمضانية، لكنها تراجعت لأسباب عدة منها انتقادات رجال الدين الذين رأوا أن هذه الخيم شوّهت معاني الشهر المبارك لما تحويه من رقص لفنانات الاستعراض والغناء.

في بيروت، يمكن لبقية العائلات أن تسهر بعيدا عن المطاعم والمقاهي، فيكتظ كورنيش بيروت المطل على البحر المتوسط بحركة المرور والسيارات المصفوفة في الليل، حيث تأتي العائلات بالنرجيلة والمقاعد البلاستيكية وتجلس حتى الفجر تتسامر خلال شهر رمضان.

Thumbnail
20