السميط التركي.. من موائد القصور إلى منازل الشعب

يعد "السميط" مكوّنا أساسيا من مكونات منظومة العادات الغذائية لدى الأتراك، وهو ما تعكسه الإحصائيات التي تشير إلى أنهم يستهلكون يوميا أربعة عشر مليون قطعة منه. وقد كان طعام السلاطين العثمانيين.
إسطنبول - السميط هو إحدى أبرز الأكلات الشعبية في تركيا، وربما أكثرها شعبية على الإطلاق؛ إذ يتمتع بطعم لذيذ تستسيغه الغالبية العظمى من الأتراك وتعتبره ركنا أساسيا، وخاصة في وجبة الفطور.
يعود تاريخ هذا النوع من المعجنات إلى أكثر من 600 عام، أي منذ بدايات الدولة العثمانية (1299 – 1923)، وبحسب روايات تاريخية فقد شكل جزءا من قائمة الطعام في قصور السلاطين العثمانيين قبل أن يخرج من القصور وينتشر بين أفراد الشعب.
كما كان السميط من الأطعمة المفضلة للجيش الانكشاري في السلطنة، والذي شكل العمود الفقري للجيش العثماني على مدى مئات السنين قبل أن يتم حله في زمن السلطان محمود الثاني عام 1826.
وينتج السميط من الطحين والخميرة والحليب ودبس العنب، وبعد اختماره يجري تغليفه غالبا بحبوب السمسم وإن تعذر ذلك يتم تغليفه ببذور عباد الشمس، ثم يوضع في فرن حراري يحبس البخار، ما يجعله لينا من الداخل ومقرمشا من الخارج.
وتختلف نكهة السميط وحجمه من مدينة تركية إلى أخرى، لكن المجمع عليه أنه يتم تناوله بشكل أساسي في ساعات الصباح كوجبة أو جزء من وجبة الفطور مع الشاي وقطع الجبن أو اللبن أو الرائب.
تاريخ هذا النوع من المعجنات يعود إلى أكثر من 600 عام، أي منذ بدايات الدولة العثمانية (1299 – 1923)
ولأن العمل ودوام المدارس في إسطنبول وغيرها من المدن يبدآن في وقت مبكر، فإن الطلاب والعمال والموظفين لا يهملون تناول قطعة من السميط خلال المضي إلى مدارسهم وأعمالهم صباحا.
كما يؤكل السميط خلال النهار كوجبة إسناد ضد الجوع حتى يحين وقت الوجبة الرئيسية، وهو يعد من المعجنات الرخيصة، إذ يبلغ سعر قطعة السميط 10 ليرات تركية (الليرة التركية = حوالي 0.038 دولار أميركي).
وتنتشر في تركيا محلات بيع السميط، كما يشكل باعته المتجولون أحد معالم إسطنبول، حيث يختارون الأماكن المزدحمة، مثل مداخل ومخارج المترو والأماكن التي يرتادها السياح.
وتتميز عربات بيع السميط بلونها الأحمر، ويتم صف السميط فوق بعضه البعض داخل العربة، وفي القسم العلوي يوضع العيران والماء وقطع الجبن.
ويتفاخر أصحاب عربات السميط بمنتجهم الطازج، ويدعون الناس إلى التأكد من ذلك سعيا لبيع أكبر قدر ممكن من منتجاتهم.
وإلى جانب أصحاب العربات يوجد الباعة المتجولون الذين يضعون السميط على صفائح خشبية ويحملونها فوق رؤوسهم ويجولون بها بين السيارات.
كما يشكل السميط جزءا من قائمة الطعام في المطاعم التي تقدم وجبات الفطور، فهو من الأكلات القليلة التي تباع من قِبل الباعة المتجولين والمطاعم في آن واحد.
وبفضل انتشاره الواسع يتمكن السائح والزائر من تذوق السميط والتمتع بنكهته اللذيذة والتعرف على واحدة من أكثر المعجنات شعبية في تركيا.

وعادةً يتم تناوله مع كوب من الشاي، فيما يفضل الجيل الجديد تناوله محشوا بأنواع مختلفة من الأجبان مع شرائح من الطماطم والفلفل الأخضر، أو بالشوكولاتة الذائبة أو المربي أو العسل.
وفي إطار مسايرة العصر وتطوير صناعة السميط في تركيا يتم حاليا صنع أنواع كثيرة منه لإرضاء الزبائن دوما وتلبية تطلعاتهم، فقد أصبح في الإمكان رؤية السميط الأسود الذي تضاف إليه عند عجنه بودرة الشوكولاتة، كما يتم خبز أنواع أخرى محشوة بالطماطم المجففة والزيتون الأسمر، أو الجبن السائل، ناهيك عن صنع فطائر البيتزا من عجينة السميط حيث تأخذ حواف البيتزا شكل حبة السميط المغلفة بالسمسم وفي منتصفها توضع مكونات البيتزا من لحوم وأجبان وزيتون وخضروات.
ولما كان السميط جزءا أساسياً في منظومة العادات الغذائية اليومية للأتراك، خصوصا وأن هناك إحصائيات تشير إلى أن أنهم يستهلكون يوميا أربعة عشر مليون قطعة سميط ، سعى عدد من رجال الأعمال إلى تطوير هذه الصناعة الهامة والارتقاء بها، وتحويلها من مجرد مهنة تمارس على الأرصفة في الشوارع والميادين إلى صناعة وطنية منظمة تدر أرباحا خيالية عبر افتتاح سلسلة من المطاعم المتخصصة في بيع أنواع السميط المختلفة، مستمدة اسمها من المنتج الذي تبيعه، والذي يقدم مصحوبا بكوب من الشاي التركي الشهير أو العصائر الطبيعية أو القهوة، وهي المطاعم التي سرعان ما انتشرت في أنحاء تركيا وتطورت لتضيف إلى قائمة ما تقدمه لزبائنها أنواعا من الحلويات المحلية والغربية إلى جانب المشروبات الساخنة والباردة، كل ذلك بأسعار في متناول الجميع.
نجاح التجربة داخل تركيا حفز رجال الأعمال الأتراك على أخذ السميط، تلك الأكلة الشعبية، والتحليق بها صوب العالمية، وذلك بهدف تعريف شعوب العالم على النظام الغذائي لدول حوض البحر المتوسط، وإطلاعها على أحد مكونات الهوية الثقافية والعادات الشعبية للأتراك، والتأكيد على الهوية التركية للسميط، وتم افتتاح فروع لمطاعم السميط التركي في فرنسا وهولندا وألمانيا وبريطانيا وأذربيجان والولايات المتحدة، كما تم افتتاح عدة فروع في السعودية والإمارات ومصر ولبنان.