السمراوات نجمات منصات الأزياء في البرازيل

أسبوع الموضة في البرازيل اختلف هذه السنة ليس فقط لأنه أقيم افتراضيا بل لأن نظامه الجديد اشترط مشاركة عارضات من ذوات البشرة السوداء أو من السكان الأصليين.
الجمعة 2020/11/27
باب العالمية مفتوح فلا مجال لإغلاقه

حقق أسبوع الموضة في ساو باولو حلم شابتين من ذوات البشرة السمراء في اعتلاء منصات عروض الأزياء، وفتح أمامهما آفاقا للوقوف أمام عدسات أشهر مصوري العالم سيرا على خطى البريطانية ناعومي كامبل والأسترالية السودانية أدوت أكيش.

ساو باولو (البرازيل)- حلمت غلوريا ماريا سيكويرا وشيرلي بيتا منذ طفولتهما بأن تعرضا أزياء المصممين الكبار، لكن الطريق إلى منصات عالم الموضة بدت طويلا موصدة أمام هاتين الشابتين السوداوين في البرازيل التي تعاني العنصرية.

إلاّ أن طموح الحسناوين تحقق في مطلع نوفمبر الحالي، خلال أسبوع الموضة في ساو باولو الذي يُعتبر أبرز مواعيد قطاع تصميم الأزياء في الدولة الأميركية الجنوبية.

ولم يكن أسبوع الموضة في ساو باولو (جنوب شرق البرازيل) هذه السنة شبيها بما كان عليه في السابق، ليس فقط لأنه أقيم افتراضيا، من خلال بث العروض بالفيديو عبر الإنترنت بسبب جائحة كورونا، بل لأن نظامه الجديد اشترط أن يكون نصف العارضات المشاركات من ذوات البشرة السوداء أو من السكان الأصليين.

ويعود الفضل في هذا التغيير غير المسبوق إلى جهود بذلتها جمعيات عاملة لتحقيق المساواة العرقية، أتاحت للشابتين اعتلاء المنصة بعد طول انتظار.

وقالت شيرلي البالغة من العمر 21 عاما والتي سبق أن وقفت أمام عدسات مصوّري مجلات “فوغ” و”إيل” و”ماري كلير” الشهيرة “لقد لزمني وقت طويل لأجد نفسي جميلة. لم أر قطّ أشخاصا مثلي على شاشة التلفزيون”.

وكانت دور الأزياء في السابق غالبا ما تكتفي بالاعتماد على عارضة سوداء أو اثنتين فحسب، إلى جانب عارضاتها الشقراوات والزرقاوات العيون، ومن أبرزهن جيزيل بوندشين، مع أن أكثر من نصف سكان البرازيل من السود أو الخلاسيين.

وجذبت قصة “سندريلا” القرن الحادي والعشرين هذه اهتمام وسائل الإعلام أخيرا، فقبل أن يتم اكتشافها العام 2018، كانت الجميلة ذات الشعر القصير والوجنتين النافرتين تبيع اللحم المشوي مع والدتها بالقرب من حديقة حيوانات في مسقط رأسها سلفادور دي باهيا (شمال شرق البلاد). وأضافت العارضة العشرينية “كنا نذهب إلى هناك كل يوم، حتى الأحد، من الصباح إلى المساء”.

طموح تحقق
طموح تحقق

وفي صغرها كانت شيرلي تخجل من شعرها المجعّد، وتتذكر قائلة “كنت ألفّ رأسي بمنشفة لإخفائه”، لافتة إلى أنه “من المهم أن يدرك الأطفال السود أن لا بأس إذا لم يكن شعرهم أملس، فشعرنا رائع”.

أما غلوريا (17 عاما)، وهي من باهيا أيضا، فلم تكن واثقة من مستقبلها في عالم الموضة، مع أن القريبين منها كانوا يؤكدون لها أنها مؤهلة لتكون عارضة أزياء.

وتقول المراهقة ذات التسريحة الأفريقية النمط “اعتقدت أنني لن أتمكن من ذلك أبدا. لم أكن أثق بنفسي، ولم أكن أرى أنني جميلة ما يكفي”.

وتابعت غلوريا التي أعجبت منذ طفولتها بأهم عارضات الأزياء السوداوات كالبريطانية ناعومي كامبل والأسترالية السودانية أدوت أكيش “صرت أدرك الآن أن بإمكاني استكشاف العالم”.

وباتت غلوريا، وهي الأصغر بين سبعة أشقاء، تعطي الصحافيين مقابلات في مقر وكالة “فورد” العالمية، وتحلم بأن تقف يوما أمام عدسة البيروفي ماريو تيستينو، أحد أشهر مصوري الأزياء في العالم.

وأشارت إلى أن “الناس غالبا ما يشعرون بالنقص لأنهم مختلفون، وتحاول الفتيات التشبه بصاحبات الجمال التقليديات، لكنهن لا يدركن أن هذا الاختلاف هو ما يجعلهن فريدات”.

أسبوع الموضة في ساو باولو الذي يُعتبر أبرز مواعيد قطاع تصميم الأزياء في الدولة الأميركية الجنوبية

ولا تنوي شيرلي النظر إلى الوراء، بل تقول “الآن، بعدما دخلنا عالم الموضة، لم يعد الوقت مناسبا للتفكير في الماضي. نريد المضي قدما”.

وترى شيرلي أن العنصرية البنيوية تتجلى أيضا في يوميات البرازيليين، ومن مظاهرها الفاقعة غياب السود عن وسائل الإعلام.

وقد أدى مقتل الرجل الأسود البالغ 40 عاما جواو ألبرتو سيلفيرا فريتاس الذي تعرض للضرب حتى الموت ليلة الخميس على أيدي رجال الأمن البيض في متجر “كارفور” في بورتو أليغري، إلى إحياء الجدل في شأن العنصرية البنيوية في البرازيل التي كانت آخر دولة في القارة الأميركية تلغي العبودية العام 1888.

وانتشرت صور قاسية للاعتداء على مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة الذي صادف أنه العيد الوطني للوعي الأسود.

24