السلطة الفلسطينية تعتبر تكتيكات حماس في مواجهة إسرائيل فاشلة

حسين الشيخ المرشح الأبرز لخلافة عباس يهاجم حماس ويدعو لتقييم وطني بعد حرب غزة.
الاثنين 2023/12/18
حسين الشيخ يروج لخارطة طريق لا تستوعب حماس

رام الله - تعتبر السلطة الفلسطينية تكتيكات حركة حماس في مواجهة إسرائيل فاشلة وضارة بالقضية الفلسطينية، متمسكة باتفاقيات أوسلو على سلبيتها وعدم تحقيقها نتائج تذكر حتى الآن.

وترى السلطة الفلسطينية أن مفاوضات السلام وفق مقررات أوسلو التي تنشد حلا للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين هي الطريق الأنسب والأقل تكلفة، في ظل الدعم الدولي وخاصة الأميركي لهذا المسار.

وتدعو السلطة الفلسطينية إلى تقييم وطني شامل بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، في تلميح إلى أن حماس لن يكون لها أي دور في إدارة شؤون القطاع وهو ما يتناغم مع الخطط الأميركية ويحقق بعض الأهداف الإسرائيلية.

سامي أبوزهري: حسين الشيخ يقف إلى جانب الإدارة المدنية الإسرائيلية
سامي أبوزهري: حسين الشيخ يقف إلى جانب الإدارة المدنية الإسرائيلية

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن على جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إجراء “تقييم وطني شامل لكل ما جرى”، وذلك بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية في غزة مباشرة.

وأضاف الشيخ لوكالة رويترز “لا يجب أن يعتقد أحد أنه فوق المحاسبة والمساءلة” و”يجب أن يكون هناك حوار وطني فلسطيني شامل مسؤول وأن نتحلى بالمسؤولية وبالجرأة وأن نواجه أنفسنا بكل صراحة وبكل مسؤولية ودون تردد، لا أحد فوق النقد”.

وتابع الشيخ (63 عاما) أن الحرب التي دارت رحاها في غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل تعني أنه “لا يوجد أحد فوق المساءلة، إذن يجب أن يكون تقييم وطني فلسطيني شامل لكل ما جرى وما سيجري في المستقبل”.

وتسببت هجمات حماس، بحسب قول إسرائيل، في مقتل 1200 إسرائيلي مما أثار قصفا بلا هوادة وحربا برية، مما أودى بحياة أكثر من 19 ألف فلسطيني وتسبب في تشريد مئات الآلاف وتحويل الكثير من أنحاء قطاع غزة إلى ركام.

ويرى البعض أن الشيخ خليفة محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وهذه التصريحات هي المرة الأولى التي يتحدث فيها قيادي كبير في منظمة التحرير الفلسطينية علنا عن تكتيكات حماس منذ هجمات السابع من أكتوبر.

وأقر الشيخ بأن المسار السياسي بموجب اتفاقيات أوسلو للسلام يتعثر و”لم يحقق مبتغاه حتى هذه اللحظة” ولن يحقق بصيغته الحالية طموح الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية داخل حدود ما قبل حرب عام 1967.

واجتمع الشيخ وعباس مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في رام الله الجمعة. وقال الشيخ لرويترز إن الفلسطينيين أبلغوا سوليفان بأن هناك حاجة إلى جهد دولي جديد لإقناع إسرائيل بحل شامل يتضمن الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

اتفاقات أوسلو للسلام مع إسرائيل عام 1993 كانت ناجحة جزئيا لأنها منحت الفلسطينيين هوية وأدت إلى عودة مليوني لاجئ إلى الضفة الغربية وقطاع غزة

وقال الشيخ لرويترز السبت في مقابلة نادرة جرت في مكتب أنيق تزينه صور عباس وسلفه ياسر عرفات في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، إنه يتعين أن تكون هناك حكومة واحدة تدير الوطن الفلسطيني.

ومعلوم أن الضفة الغربية مقطعة الأوصال بجدار وسياج إسرائيلي يمر كالأفعى قاطعا المئات من الكيلومترات عبر التلال. ووسع المستوطنون اليهود في السنوات القليلة الماضية البناء في مناطق من شأنها أن تكون ضمن الدولة الفلسطينية المرتقبة مستقبلا.

وتعتبر معظم دول العالم المستوطنات اليهودية المبنية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير قانونية.

وقال الشيخ إنه على الرغم من تقديم دعم بالأقوال، مرحب به، لدولة فلسطينية في الاجتماعات فإن واشنطن لم تقترح آليات ملموسة أو مبادرات سياسية. وكرر دعوة عباس إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لرسم طريق جديد.

وقال مسؤول أميركي كبير هذا الأسبوع إن فكرة عقد مؤتمر نوقشت مع الشركاء لكن الاقتراح لا يزال في مرحلة أولية.

إعادة تأهيل

لقاء مودة أم تعاون؟
لقاء مودة أم تعاون؟

أرسل الرئيس الأميركي جو بايدن سلسلة من كبار المسؤولين الأميركيين إلى الضفة الغربية للاجتماع مع عباس والشيخ في مسعى لتجديد السلطة الفلسطينية المتداعية لتتولى مسؤولية غزة بمجرد انتهاء الحرب وتوحيد إدارة القطاع والضفة الغربية.

وناقش المسؤولون الأميركيون الزائرون الحاجة إلى إجراء إصلاحات لمكافحة الفساد وتسليم سلطات تنفيذية أوسع لرئيس الوزراء وإدخال دماء جديدة للسلطة الفلسطينية.

ويقول بعض المسؤولين الفلسطينيين إن استعادة مصداقية السلطة ستتطلب توسيع قاعدتها في إدارة وحدة وطنية لتشمل حماس في حكم غزة والضفة الغربية.

لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن واشنطن مصرة على رفضها اضطلاع زعماء حماس بأيّ دور، ولو بالمشاركة بدور صغير. وذكروا أيضا أن القوات الإسرائيلية ينبغي ألا تظل في غزة أكثر من فترة “انتقالية” غير محددة بمجرد انتهاء الحرب.

وقال المسؤول الكبير بإدارة بايدن “نحتاج إلى شيء ما في غزة. ذلك الشيء لا يمكن أن يكون حماس التي تلحق الضرر بسكان غزة والتي تهدد إسرائيل، ولن تدعم إسرائيل ذلك”.

جو بايدن أرسل سلسلة من كبار المسؤولين الأميركيين إلى الضفة الغربية للاجتماع مع عباس والشيخ في مسعى لتجديد السلطة الفلسطينية المتداعية لتتولى مسؤولية قطاع غزة

وأضاف “الفراغ ليس الحل أيضا، لأن ذلك سيكون فظيعا وربما يمنح حماس مساحة للعودة”.

وقالت ثلاثة مصادر فلسطينية ومسؤول كبير من المنطقة على دراية بالمحادثات إن مقترحات واشنطن في الغرف المغلقة تشمل أيضا تنازل عباس عن بعض سيطرته على السلطة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن خيارات القيادة مسألة تخص الشعب الفلسطيني ولم تعط توضيحا للخطوات اللازمة لإعادة هيكلة السلطة.

وفي مقابلة مع رويترز في مكتبه برام الله قال عباس إنه مستعد لإدخال تعديلات على السلطة الفلسطينية بقيادات جديدة وإجراء الانتخابات التي تم تعليقها منذ فوز حماس في آخر انتخابات عام 2006 وإقصاء السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، على أن يكون هناك اتفاق دولي ملزم من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية. وهذا أمر يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف تأييده.

ويعتقد مسؤولون أميركيون أن من الممكن أن يستعيد عباس بعض الثقة بين الفلسطينيين إذا تمكن من إظهار استئصاله للفساد ورعايته لجيل جديد من القادة وحشده المساعدات الأجنبية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب ونيل المزيد من الدعم من الخارج لإقامة دولة فلسطينية.

ورغم الجهود الأميركية قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة إنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية بإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وأشار إلى أن إسرائيل ستحتل القطاع بدلا من ذلك.

الممثل الشرعي

في صف من تقف
في صف من تقف

قال الشيخ إن السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وستكون مستعدة لتولي إدارة غزة بعد انتهاء الحرب. غير أنه أقر بضرورة إعادة تقييم السلطة الفلسطينية لدورها.

ولا تحظى السلطة الفلسطينية بشعبية ويعتبرها العديد من الفلسطينيين فاسدة وغير ديمقراطية ومنفصلة عن الواقع. وعلى النقيض من ذلك، أظهر استطلاع رأي فلسطيني قبل أيام زيادة شعبية حماس في كل من غزة والضفة الغربية منذ تنفيذها الهجمات.

وفي إشارة إلى حماس التي خاضت خمس حروب ضد إسرائيل منذ عام 2008، قال الشيخ “لا يجوز للبعض إنه يعتقد أن طريقته وأسلوبه في إدارة الصراع مع إسرائيل كانت الأمثل والأفضل”.

وأضاف أنه بعد سقوط هذا العدد من القتلى وبعد كل ما حدث “ألا يستحق كل ذلك وكل ما يجري أن نجري تقييما جادا وصادقا ومسؤولا لنحمي شعبنا ونحمي قضيتنا؟”.
وتابع القول متسائلا “ألا يستحق كل ذلك أن نناقش كيف ندير هذا الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي؟”.

وقال الشيخ إنه تم تدمير 60 في المئة من قطاع غزة وإن إعادة الإعمار ستتكلف 40 مليار دولار على مدى عقود.

وأضاف أن اتفاقات أوسلو للسلام مع إسرائيل عام 1993 كانت ناجحة جزئيا لأنها منحت الفلسطينيين هوية وأدت إلى عودة مليوني لاجئ إلى الضفة الغربية وقطاع غزة من البلدان التي فروا إليها خلال حربي 1948 و1967 مع إسرائيل.

وقال إن المداهمات العسكرية الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات أديا إلى إضعاف السلطة الفلسطينية.

ورقّى عباس الشيخ العام الماضي، ودوره الجديد جعله فعليا ثاني أقوى رجل في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي مظلة لفصائل فلسطينية غير إسلامية ولا تشمل حماس.

ولا يحظى الشيخ بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، ويرجع ذلك جزئيا إلى دوره في الاتصال مع الجيش الإسرائيلي المحتل. وتمنحه استطلاعات الرأي تأييدا بنحو ثلاثة في المئة.

وردا على طلب للتعليق، قال المسؤول في حماس سامي أبوزهري إن الشيخ يقف إلى جانب الإدارة المدنية الإسرائيلية وإن هجومه على المقاومة الفلسطينية ليس مفاجئا. وقال الشيخ إن وظيفته هي العمل مع إسرائيل من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين.

7