السعودية والصين: علاقات شراكة تعزز تقارب البلدين

الرياض - تستضيف السعودية قمة صينية – عربية في التاسع من ديسمبر يحضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ومن المتوقع أن يبحث قادة البلدين العلاقات التجارية والأمن الإقليمي.
تأتي زيارة شي في وقت تراجعت فيه العلاقات الأميركية – السعودية لأدنى مستوياتها، فيما تخيم حالة من الضبابية على أسواق الطاقة العالمية مع فرض الغرب حدا أقصى لسعر النفط الروسي، فضلا عن متابعة واشنطن بحذر تنامي نفوذ الصين في الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسيون لرويترز إنهم يتوقعون أن يوقع الوفد الصيني العشرات من الاتفاقيات مع السعودية ودول عربية أخرى في مجالات تشمل الطاقة والأمن والاستثمارات. كما تجد السعودية في الصين شريكا مثاليا يجمع بين مقومات المتانة الاقتصادية والتطور العلمي والتكنولوجي، وتجمع بين البلدين علاقات نفطية وتجارية وأمنية.
حيث تعدّ الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 87.3 مليار دولار في 2021. وبلغت قيمة الصادرات الصينية للسعودية 30.3 مليار دولار، فيما بلغت واردات الصين من المملكة 57 مليار دولار.
زيارة شي تأتي في وقت تراجعت فيه العلاقات الأميركية – السعودية لأدنى مستوياتها، فيما تخيم حالة من الضبابية على أسواق الطاقة العالمية
وتظهر بيانات الجمارك الصينية أن السعودية هي أكبر مورد للنفط للصين، فهي منشأ 18 في المئة من إجمالي مشتريات الصين من النفط الخام، وبلغ إجمالي الواردات 73.54 مليون طن (1.77 مليون برميل في اليوم) في الأشهر العشرة الأولى من 2022، بقيمة 55.5 مليار دولار.
وبلغت واردات النفط العام الماضي 87.56 مليون طن، بقيمة 43.9 مليار دولار، تمثل 77 في المئة من إجمالي واردات الصين السلعية من السعودية.
ولدى عملاق النفط السعودي أرامكو صفقات توريد سنوية مع عدد من من المصافي الصينية، من بينها سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري وسينوكيم وشركة شمال الصين للصناعات (نورينكو) وشركة تشجيانغ الخاصة للبتروكيمياويات.
ومن ناحية أخرى، اتخذت أرامكو في أوائل العام الحالي قرارا استثماريا نهائيا ببناء مصفاة ومجمع للبتروكيمياويات بعشرة مليارات دولار في شمال شرق الصين، في أكبر استثمار منفرد لها في البلاد.
والمشروع الذي أُطلق عليه اسم شركة هواجين أرامكو للبتروكيمياويات هو مشروع مشترك يضم أرامكو ومجموعة هواجين للصناعات الكيمياوية، وهي وحدة تابعة لنورينكو، ومجموعة بانجين سينسين الصناعية.
ويضم المشروع، المتوقع أن يبدأ تشغيله في العام 2024، مصفاة تبلغ طاقتها 300 ألف برميل في اليوم ومصنع إيثيلين بطاقة 1.5 مليون طن سنويا، ومن المقرر أن توفر أرامكو ما يصل إلى 210 آلاف برميل يوميا من النفط الخام.
والاستثمار المشابه الآخر الوحيد لأرامكو في الصين هو حصة 25 في المئة في شركة التكرير والبتروكيمياويات المحدودة في مقاطعة فوجيان التي تسيطر عليها شركة التكرير الحكومية العملاقة سينوبك، والتي بدأت في 2008 بتشغيل مصفاة تبلغ طاقتها الإنتاجية 280 ألف برميل يوميا ومجمع إيثيلين بطاقة 1.1 مليون طن سنويا.
ووقعت أرامكو في أكتوبر 2018 مذكرة تفاهم مع حكومة تشجيانغ لاستثمار تسعة في المئة في تشجيانغ للبتروكيمياويات التي تدير أكبر مصفاة منفردة في الصين بطاقة 800 ألف برميل يوميا. ولم يتم الإعلان عن أي تقدم آخر منذ ذلك الحين.
وبالمثل، تمتلك سينوبك 37.5 في المئة في ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف)، وهي مشروع مشترك مع أرامكو يشغل مصفاة بطاقة 400 ألف برميل في اليوم في ينبع على ساحل البحر الأحمر.
وترتبط السعودية والصين بعلاقات مالية متشعبة، فصندوق طريق الحرير المملوك للدولة في الصين هو جزء من كونسورتيوم تقوده شركة إي.آي.جي جلوبال إنرجي بارتنرز ومقرها الولايات المتحدة التي أبرمت منتصف 2021 صفقة لشراء 49 في المئة من أعمال خطوط أنابيب نفط أرامكو مقابل 12.4 مليار دولار.
وطريق الحرير هو أيضا جزء من كونسورتيوم تقوده شركة بلاك روك ريل أسيتس وشركة حصانة الاستثمارية التي أعلنت في فبراير استكمال الاستحواذ على حصة 49 في المئة من شركة أرامكو لإمداد الغاز مقابل 15.5 مليار دولار.
كما أعلنت شركة تطوير المرافق السعودية أكوا باور، التي يملك جزءا منها صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي بالسعودية، في سبتمبر أنها اتفقت مع صندوق طريق الحرير على الاستثمار المشترك في محطة طاقة كهربائية تعمل بالغاز بقدرة 1.5 جيغاوات في أوزبكستان مقابل مليار دولار، وهي جزء من مبادرة بكين (حزام واحد طريق واحد).
وتبني شركة الصين لهندسة الطاقة التي تديرها الدولة محطة طاقة شمسية بقدرة 2.6 جيغاوات في الشعيبة بالسعودية، المملوكة أيضا لأكوا باور.
ولا تقتصر العلاقات بين البلدين على الجانب المالي والعقاري بل تتعداها إلى علاقات عسكرية، فمنذ أواخر الثمانينات اشترت السعودية من الصين 50 صاروخا من طراز “رياح الشرق”. وفي عام 2014 أضافت السعودية إلى ترسانتها الصاروخية صواريخ صينية متوسطة المدى من طراز “DF – 21s”، ما عزز ثقتها في الشراكة مع الصين.
وكانت تقارير صُحفية تحدثت عام 2019 عن أن السعودية تعمل على تصنيع صواريخها البالستية بمساعدة الصين.
وأوردت صحيفتا عرب نيوز وسعودي جازيت السعوديتان في مارس أن الشركة السعودية لأنظمة الاتصالات والإلكترونيات المتقدمة وقعت اتفاقا مع مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية لتصنيع أنظمة حمولات الطائرات المسيّرة في المملكة.