السعودية فضاء رحب لمراقبة النجوم والكواكب

السعودية تدخل عالم سياحة تأمّل النجوم الذي أصبح يستهوي الشباب وكبار السن ممن يبحثون عن إجازة وسط نقاء الصحراء وأنوار النجوم.
الأحد 2020/03/08
جمال استثنائي

تسجل مراقبة النجوم والأجرام في الفضاء اهتماما متزايدا في العالم وتجعل من المناطق التي تخلو من التلوّث الضوئي مقاصد سياحية إذ تلقى إقبالا كبيرا من هواة الفلك، ولأن في السعودية صحراء شاسعة ونظيفة، فإنها تسارع لخوض مغامرة الاستثمار في سياحة تأمل النجوم.

 تبوك (السعودية) – لم تنتظر السعودية طويلا لتنويع مصادر السياحة بعد أن أعلنت رغبتها في الاستثمار في هذا القطاع، لتعلن دخولها في عالم سياحة تأمل النجوم الذي أصبح يستهوي الشباب وكبار السن الذين يبحثون عن إجازة وسط نقاء الصحراء وأنوار النجوم الخافتة، حيث يمكن رصد السماء ليلا ومراقبة نجومها وكواكبها، بل وحتى النيازك العابرة والشهب المتساقطة.

وقد وقعت شركة البحر الأحمر للتطوير، المنفذة لأحد أكثر المشاريع السياحية طموحاً في العالم، عقدا مع شركة للاستشارات الهندسية متعددة التخصصات، ستقدم خلاله حلولاً مبتكرة في مجال التصميم الهندسي المستدام، وتطوير استراتيجية تحدّ من استخدام الضوء غير الطبيعي في مشروع البحر الأحمر.

بهذه المبادرة حققت شركة البحر الأحمر للتطوير أولى خطواتها ضمن خطتها الهادفة إلى وضع وجهة مشروع البحر الأحمر على خريطة محميات السماء المظلمة في العالم، حيث تسعى إلى الحصول على اعتماد الجمعية الدولية للسماء المظلمة لعدد من مناطقها الطبيعية التي تحظى بأجواء استثنائية تتيح للزوار رصد النجوم ليلاً، والتمتع بمشاهدة سماء الوجهة حالكة الظلمة، بعيدا عن المراكز السياحية الصاخبة أو المناطق الحضرية الملوثة بالضوء.

وكلما كانت المنطقة غير متطورة بدرجة أكبر، كان النزل أو موقع المخيم بعيداً، وكانت صناعة السياحة الفلكية الناشئة أكثر ازدهارا، لذلك ممن الممكن أن تكون الصحراء فضاء لرصد النجوم سواء بالعين المجردة أو من خلال تلسكوب إذ توفر للسائح تجربة فريدة وربما مثالية لقضاء أوقات ممتعة عبر النجوم.

وفور حصول مشروع البحر الأحمر على اعتماد الجمعية الدولية، سينضم إلى أكثر من مئة موقع عالمي في أميركا الشمالية وأوروبا، وأيضا في صحارى بوتسوانا وناميبيا، حيث التزمت هذه المواقع بإجراءات صارمة بدعم من مجتمعاتها المحلية للحصول على اعتماد السماء المظلمة.

ويعد هذا المشروع استجابة سريعة لعشاق السياحة الفلكية ليقضوا أوقاتا أكثر توازنا لمراقبة النجوم ومطاردة الكسوف والسهر تحت ضوء القمر.

وقال الرّئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر للتطوير جون باغان، “لطالما كانت النجوم على مرّ العصور وسيلة فعالة استرشد بها الرحالة والحجّاج والقوافل التجارية للاهتداء إلى وجهاتهم في أنحاء المنطقة. ومن شأن اعتماد وجهتنا كمحمية سماء مظلمة أن يتيح للضيوف فرصة الاستمتاع بالسماء المضيئة التي ألهمت أسلافنا. ويكفينا فخرا أن نكون جزءا من حركة عالمية لاستعادة تلك العلاقة المذهلة التي تربط الإنسان بالنجوم”.

وأضاف “سعداء باتخاذ هذه الخطوة التي ستقودنا إلى أن نكون وجهة سياحية ذات سماء حالكة الظلمة في الشرق الأوسط، وهذا ينسجم مع مساعينا لحماية البيئة في الوجهة، وإتاحة الفرصة أمام زوارنا للاستمتاع بسماء مليئة بالنجوم ليلاً”.

مشروع لسياحة الفلك وتأمل السماء في البحر الأحمر
مشروع لسياحة الفلك وتأمل السماء في البحر الأحمر

ويتوافق الاعتماد الدولي للوجهة كمحمية سماء مظلمة مع التزام شركة البحر الأحمر للتطوير بتقديم تجربة حصرية ترتكز على التنوع البيئي الفريد لموقع المشروع. وتنطلق الشركة في ذلك من إدراكها لتهديد التلوث الضوئي وآثاره السلبية على البيئة وبعض الكائنات الحية النادرة، مثل السلاحف صقرية المنقار المهددة بالانقراض.

من جانبه، قال مدير شركة “لايت 4” في “كندال”، أندرو بيسيل، “تتمتع سماء الوجهة ليلاً بجمال استثنائي يضم تكوينات فلكية فريدة من نوعها. وبعيدا عن الأضواء الصناعية المشعة من المدينة، يبدو امتداد مجرة درب التبانة مذهلاً في أفق السماء”.

وأضاف “سيوضح المشروع من خلال العمل الطموح والتخطيط الدقيق إمكانية تطوير المشاريع بطريقة فريدة وغير مسبوقة تحمي جمال منظر السماء ليلا. وتحقيق ذلك سيثبت بأنه ليس من الضروري لأيّ مبنى سواء خارج المدن أو داخلها أن يؤثر سلبيا على جمال السماء ليلا”.

وتتعاون شركة “كندال” مع فرق الهندسة والتطوير في شركة البحر الأحمر للتطوير على مدار ستة أشهر لمراجعة المخطط الحالي للمشروع، وتقديم المشورة حول التدابير الممكنة للحد من التلوث الضوئي. ويشمل ذلك التواصل مع المجتمع المحلي في المنطقة بهدف رفع مستوى التوعية بالإجراءات المناسبة التي يمكنهم اتخاذها لدعم المبادرة، وتشجيعهم على استخدام الإنارة الخارجية الأقل تكلفة والأكثر كفاءة من ناحية استهلاك الطاقة.

وخلال الشهر الحالي، سيسجل فريق العمل حالة خط الأساس الذي سيتم اعتماده كمحور ارتكاز في المستقبل، كما سيقوم بمسح لمعدات الإضاءة الحالية وتفاصيل تركيبها على كافة الأصول التي تشمل الإضاءة العامة المثبتة على المباني، بالإضافة إلى إنارة المعالم والحدائق والشوارع بالوجهة، وتحديد وقياس جمال السماء المظلمة، حيث ستكون هذه المعلومات مرجعاً لمدى تأثير التلوث الضوئي على وهج السماء في الوجهة ليلاً.

وسيتم إتباع خطة لإدارة الإضاءة التي ستحدد أعمال التحسين اللازمة في أنحاء الوجهة، بالإضافة إلى تحديد تصاميم الإنارة الجديدة في الفنادق والمطار والوحدات السكنية، وعلى ضوء ذلك، سيتم تقديم طلب رسمي للحصول على الاعتماد الدولي لمحميات السماء المظلمة للوجهة.

وتم إطلاق البرنامج الدولي لأماكن السماء المظلمة في عام 2001، ويهدف إلى تشجيع المجتمعات والحدائق والمحميات حول العالم على حماية المواقع المظلمة عبر اتّباع سياسات الإنارة المسؤولة والتوعية العامة بهذا الخصوص.

يذكر أن مجلة علوم العلمية، نشرت دراسة مؤخرا، أوضحت فيها أن نحو ثلث سكان العالم ليس بمقدورهم مشاهدة مجرة درب التبانة، وتوزعت هذه النسب على 60 في المائة من أوروبا، و80 في المائة في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك نتيجة لكثافة الضوء الاصطناعي في المدن الذي أدى إلى ظهور “وهج” حجب إمكانية مشاهدة النجوم ليلاً.

Thumbnail
Thumbnail
16