السعودية تقود تقاربا خليجيا وعينها على بايدن

الإمارات تعلن استئناف الحركة التجارية والنقل مع قطر خلال الأيام القليلة المقبلة.
الخميس 2021/01/07
خطوات المصالحة تحتاج إلى ثقة

الرياض - قادت السعودية قاطرة التقارب الخليجي مع قطر في خضم متغيرات سياسية مرتبطة بمخاوف من التحديات التي قد تحملها معها إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.

وشكلت قمة العلا التي احتضنتها الرياض قبل أيام خطوة في مسار طويل لتحقيق المصالحة الكاملة. وكان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وعد خلال حملته الانتخابية بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية على خلفية مسألة حقوق الإنسان، وهو ما أثار مخاوف سعودية بشأن مستقبل العلاقات يين الجانبين.

ويرى متابعون أن السعودية تسعى لإزاحة أي منغصات قد تقود إلى توتر في العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة ومنها الأزمة الخليجية، وفي هذا السياق يأتي حرصها على تحقيق اختراق في جدار الأزمة.

وقبيل قمة العلا قررت الرياض فتح المجال الجوي أمام الدوحة، فيما أعلنت الإمارات الخميس عن استئناف الحركة التجارية والنقل مع قطر هذا الأسبوع.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش "لدينا بداية جديدة طيبة جدا وطوينا صفحة الأزمة مع قطر ولكن علينا بناء الثقة".

وأضاف قرقاش أن "عودة التنقل بين الدول والتجارة وفق اتفاق العلا ستكون خلال أسبوع من التوقيع على الاتفاق"، وأكد الحاجة إلى بناء ثقة بين الدول الأربع وقطر، وقال إن بلاده "تفتح صفحة جديدة وتؤسس لمرحلة أخرى حتى لا تقع أزمات كبيرة أو صغيرة".

لكنه أشار إلى أن مسائل أخرى مثل استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة ستستغرق وقتا نظرا لاستمرار وجود جوانب خلاف، من بينها قضايا جيوسياسية مثل تركيا والجماعات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين.

قرقاش: طوينا صفحة الأزمة مع قطر ولكن علينا بناء الثقة
قرقاش: طوينا صفحة الأزمة مع قطر ولكن علينا بناء الثقة

ويرى دبلوماسيون أن مسعى الرياض للتقارب الخليجي يهدف بالأساس إلى وضعها في موضع الشريك المهم للولايات المتحدة بوصفها راعية للاستقرار الإقليمي.

وقالت مذكرة داخلية في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن السعودية قدمت "صورة تصالحية" أمام واشنطن وإدارتها الجديدة. وأضافت المذكرة "لكن يمكن أن نفترض أن الإمارات ومصر والبحرين ستراقب بدقة سلوك قطر عبر عدسة مكبرة قبل توسيع نطاق الإجراءات التصالحية معها".

وأفرزت القمة توافقا على بداية تطبيع العلاقات الخليجية مع قطر بعد توقيع قادة دول مجلس التعاون الخليجي على البيان الختامي للقمة بالتأكيد على "التضامن والاستقرار".

ولم يوضح بيان القمة الختامي ما يتعلق بمصير المطالب الـ13 التي حددتها الدول الأربع منذ بداية الأزمة كشرط لإعادة العلاقات مع الدوحة.

ويدرك المتأمل لخط بداية الأزمة الخليجية التي اندلعت عام 2017 والتي تلتها مقاطعة الرباعي العربي، المتمثل في السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لقطر أن إعلان المصالحة والعودة الكاملة إلى العلاقات الدبلوماسية بينهما، يتحدد بمدى التزام الدوحة وجديتها في تحقيق مطالب الرباعي خاصة مع إبقاء قطر لعلاقاتها مع إيران، الأمر الذي يثير تحفظات خليجية ومصرية.

ولا يخفى الاستياء في الإمارات ومصر من دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، أما البحرين فلا تشعر بالارتياح لعلاقات قطر الوطيدة بطهران.

وتحدثت مصادر مطلعة أنه بالنسبة لحلفاء الرياض فهم يعتبرون الاتفاق في القمة "نقطة بداية وليس خط النهاية" طالما لا توجد ضمانات حقيقية من الدوحة للرجوع عن سياساتها.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الخميس إن بلاده لن تغير علاقاتها مع إيران وتركيا بعد التوقيع على اتفاق المصالحة.

وصرح الوزير القطري في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" بأن الدوحة وافقت على التعاون في مكافحة الإرهاب و"الأمن العابر للحدود" مع السعودية والدول الثلاث الأخرى، مشددا في الآن ذاته على أن "العلاقات الثنائية سيحكمها بشكل أساسي القرار السيادي... والمصلحة الوطنية"، وأكد أن هذا "لن يكون له تأثير على علاقتنا مع أي دولة أخرى".

وكانت من بين الأسباب التي أعلنتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر عند قطع العلاقات مع قطر عام 2017، علاقة الدوحة مع كل من إيران وتركيا، إلى جانب دعمها للحركات الإسلامية، كما كان من بين المطالب إغلاق قناة "الجزيرة".

وفي هذا الخصوص اعتبر محمد بن عبدالرحمن أنه لن يكون هناك تغيير في ما يتعلق بقناة الجزيرة، بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع، لافتا إلى أن تحقيق مصالحة شاملة سيستغرق بعض الوقت.

وأوضح "أن الأمر يحتاج إلى بعض الخطوات من الدول لإعادة بناء العلاقات... وستكون هناك خلافات وبعض القضايا العالقة التي ستتم مناقشتها ثنائيا بين الدول... فلكل دولة مجموعة مختلفة من الخلافات مع قطر".

وأشار الوزير القطري، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، إلى احتمال قيام صندوق الثروة السيادي بالاستثمار في السعودية ودول الخليج الأخرى إذا انتهت الأزمة.

وأكد أن الدوحة وافقت على تعليق القضايا القانونية ضد السعودية وحلفائها، بما في ذلك الدعاوى المرفوعة في منظمة التجارة العالمية ومحكمة العدل الدولية.