السعودية تستعد لموسم حج جديد دون حوادث

السلطات تتخذ تدابير للتخفيف من درجات الحرارة في الأماكن المقدسة.
السبت 2025/01/11
من أحلام المسلمين

تستعد المملكة العربية السعودية لموسم حج جديد استعدادا مكثفا لضمان سلامة الحجاج وتقديم أفضل الخدمات لهم. وتعمل الجهات المعنية على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتفادي وقوع حوادث أو مشاكل للحجاج، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتوقع خلال الموسم.

الرياض– أعلنت السلطات السعودية عن خطط لتوفير المرافق الحديثة والخدمات المتكاملة من أجل ضمان راحة الحجاج في ظل الظروف المناخية الحارة، مع التركيز على الوقاية من الأمراض وضمان الأمن والصحة العامة. وتشمل الاستعدادات توفير مراكز طبية في مواقع إستراتيجية، بالإضافة إلى تجهيز الأماكن المخصصة للراحة وتوزيع المياه بشكل دوري على الحجاج.

كما تواصل المملكة تطوير البنية التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى تأمين وسائل النقل الحديثة لضمان سلاسة الحركة وتنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة.

وأكدت وزارة الحج والعمرة أنها ستعمل على تعزيز التعاون مع الجهات الأمنية والطبية لضمان تنفيذ خطة الحج بفاعلية، ما يسهم في تجربة حج آمنة ومريحة للحجاج، مع الحرص على اتخاذ الإجراءات الوقائية للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

بعد وفاة 1300 شخص خلال موسم الحج العام الماضي، باتت الحاجة ملحّة في السعودية للتخفيف من المخاطر التي يشكّلها الحر الشديد على الحجاج، مع اعتبار إدارة الحشود خطوة أولى أساسية، وفق ما يقوله محللون. وصلت الحرارة إلى 51.8 درجة مئوية في مدينة مكة المكرمة مع مشاركة 1.8 مليون شخص في مناسك الحج السنوية في يونيو الماضي.

لمن استطاع إليه سبيلا

وقال مسؤولون سعوديون إن 83 في المئة من الوفيات المسجلة البالغ عددها 1301 لم يكن أصحابها يحملون تصاريح حج رسمية، وبالتالي لم يتمكنوا من الوصول إلى وسائل الراحة المخصصة لجعل الحج أقل صعوبة، بما في ذلك الخيام المكيّفة.

وشكل ذلك مثالا بارزا على الأضرار التي أحدثتها الحرارة في عام 2024، والذي قال مرصد “كوبرنيكوس لتغير المناخ” أخيرا إنه كان العام الأكثر حرا على الإطلاق.

وتأتي غالبية الحجاج من خارج السعودية، وقال دبلوماسيون شاركوا في استجابة بلدانهم لأزمة العام الماضي في ذلك الوقت إن أغلبية الوفيات كانت مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة.

ولم تعلن الرياض بعد عن تفاصيل استعداداتها للحج هذا العام والمرتقب بعد خمسة أشهر، إلا أن السلطات ستحرص بلا شك على تجنب تكرار ذلك، بحسب ما قاله عبدالرزاق بوشامة من مركز الملك عبدالله الدولي للأبحاث الطبية في السعودية.

توقيت الانقلاب الصيفي يضع الحجاج في مواجهة أقصى قدر من التعرض لأشعة الشمس أثناء أداء الطقوس الخارجية

وقال بوشامة الذي عمل مع الحكومة السعودية لأكثر من ثلاثة عقود على الحد من الوفيات الناجمة عن الحر “أعتقد أنهم سيقللون قبل كل شيء من خطر الحجاج غير الشرعيين.”

وأضاف “أعتقد أنهم تعلّموا الدرس، لذلك يتعيّن علينا أن نرى نوع التدابير التي اتخذوها لذلك.”

وأضاف بوشامة أن الخطوات الأخرى لجعل الحر أقل خطورة، مثل إدخال أجهزة استشعار يمكن ارتداؤها للكشف السريع عن الإجهاد الحراري، هي مشاريع طويلة الأجل ومن غير المرجح أن يتم إطلاقها بحلول يونيو المقبل.

وشهدت مناسك الحج عددا من الكوارث على مر السنين، بما في ذلك في عام 2015 عندما أدى تدافع أثناء طقوس الرجم في منى إلى مقتل ما يصل إلى 2300 شخص.

وقال كريم الجندي، الزميل المشارك في مؤسسة تشاتام هاوس للأبحاث، إن الاستجابات في الماضي “ركزت عادة على تحسين البنية التحتية وتدابير السيطرة على الحشود.”

وأضاف أنه “بناء على ذلك النمط، نتوقع أن تتعامل السلطات مع الحج في عام 2025 ببنية تحتية معززة للتخفيف من وطأة الحر واحتمال فرض ضوابط أكثر صرامة.”

وتخصص تصاريح الحج للدول على أساس نظام الحصص وتوزيعها على الأفراد بالقرعة. ولكن حتى بالنسبة إلى أولئك الذين يمكنهم الحصول عليها، فإن التكاليف الباهظة تحفز كثيرين على محاولة الحج من دون تصريح، رغم أنهم قد يواجهون احتمال الاعتقال والترحيل إذا قُبض عليهم.

حح

وقد سهّل إدخال تأشيرة السياحة العامة في عام 2019 دخول جميع الأجانب، بمن فيهم الحجاج الذين لا يحملون تصاريح، إلى البلاد.

وقال عمر كريم، الخبير في السياسة السعودية بجامعة برمنغهام، إن إغلاق نقاط الدخول إلى مكة “صعب للغاية”، ما يعني أن السلطات السعودية يجب أن تتوقع حجاجا غير نظاميين مرة أخرى هذا العام.

واعتبر أن السلطات السعودية “بحاجة إلى اتخاذ الترتيبات ليس فقط للأعداد المسجلة ولكن أيضا للأعداد الإضافية،” وخصوصا مرافق التبريد والطوارئ الصحية.

ورغم ذلك أكد الجندي أن وفيات العام الماضي كانت نتاجا لـ”عاصفة متكاملة غير مسبوقة من الظروف البيئية،” وليست نتيجة مجرد ضغط على الموارد بسبب الحجاج غير المسجلين.

وقال إنه بالإضافة إلى درجات الحرارة المرتفعة، فإن “توقيت الانقلاب الصيفي يعني أن الحجاج يواجهون أقصى قدر من التعرض لأشعة الشمس أثناء الطقوس الخارجية.”

وتعكف السلطات على اتخاذ تدابير للتخفيف من درجات الحرارة في الأماكن المقدسة منذ فترة طويلة سابقة لوفيات العام الماضي.

وبالقرب من الكعبة تسمح المساحات المكيّفة للحجاج بالتبريد، ويربط مسار يتم التحكم في أجوائه بين الصفا والمروة داخل مجمع المسجد.

ومنذ عام 2023 تم مد مادة تبريد بيضاء على الطرقات التي يستخدمها الحجاج، يقول المسؤولون السعوديون إنها تقلل درجة حرارة الإسفلت بنسبة 20 في المئة.

عع

كذلك يوزع المتطوعون المياه والمظلات ويقدمون النصائح للحجاج لتجنب ارتفاع درجة حرارة أجسادهم، بينما توفر أنظمة الرذاذ ومراكز التسوق المكيفة راحة مؤقتة بين الصلوات.

وقال بوشامة إن “تكييف الهواء هو الإجراء الفعال الوحيد للحماية من الحر الشديد،” داعيا إلى نشر وحدات تبريد متنقلة بين الحجاج.

وأضاف أن “شرب الماء يساعد على إعادة ترطيب الجسم، لكنه ليس كافيا. يجب عليك الابتعاد عن الحر.” وقال إنه حتى لو لم تُتخذ خطوات مماثلة بحلول موسم الحج هذا العام في يونيو، فإنها لا تزال تستحق المتابعة.

وذكرت دراسة نشرتها مجلة “جيوفيزيكل ريسارتش لترز”  في عام 2019 أنه بسبب تغير المناخ وتوقيت موسم الحج سيتجاوز الإجهاد الحراري للحجاج “عتبة الخطر الشديد” من عام 2047 إلى عام 2052، ومن عام 2079 إلى عام 2086.

16