السعودية تخطط لحل مشكلات توظيف المبتعثين في القطاع العام

تركز المملكة العربية السعودية في سياساتها التعليمية على الاستثمار في التعليم في جميع مراحله خاصة منها التعليم الجامعي في سعي متواصل لسد الفجوة بين متطلبات سوق العمل المحلية وبين أعداد الخريجين الجامعيين والكوادر ذات الكفاءة من المواطنين، وهذا الاستثمار اتخذ طرقا وأشكالا عديدة من تطوير الجامعات العامة والخاصة وتنويع الاختصاصات وتطوير برامج التعليم إلى جانب الاستثمار في تكوين المتفوقين من الطلاب في أفضل الجامعات دوليا.
الثلاثاء 2016/02/23
التعلق بأحلام ما بعد التخرج

الرياض - رصدت الحكومة السعودية ميزانيات ضخمة للارتقاء بالتعليم العالي في الداخل من خلال دعم وتحسين البنية التحتية للجامعات العمومية وتطوير برامجها واختصاصاتها، وذلك عبر تزويدها بكفاءات عالية من الداخل والخارج، وكذلك فتحت الآفاق أمام الجامعات الخاصة وشجعت المستثمرين على القيام بمشاريع تعليمية، مما أثرى المشهد الجامعي في المملكة، فارتفع عدد مؤسسات التعليم العالي وأصبحت تتجه نحو تطوير سبل وطرق تعليمها لبلوغ معايير التعليم العالي الدولي المتطور.

وفي الآونة الأخيرة أعلنت الحكومة اعتزامها خصخصة نظامها التعليمي لتفتح المجال أمام المزيد من الاستثمار في التعليم العالي وتحفز العمل التنافسي بين الجامعات بحيث تتنافس في ما بينها لتصبح من أفضل الجامعات في المنطقة، وهو ما يدل على تفوق قطاع التعليم الخاص على التعليم العمومي ليس فقط في المستوى الجامعي بل في جميع المراحل التعليمية، حيث أثبتت التجارب أن التعليم الخاص حقق نتائج جيدة في ما يخص قدرات ومهارات الطلاب. طلاب التعليم الخاص عموما يتقنون اللغات الأجنبية ويمتلكون مهارات عالية في التفكير النقدي لأن التعليم الخاص يعتمد نظما تعليمية لا تقوم على التلقين الذي ثبت أنه وسيلة غير مجدية في تأهيل الطلاب للحياة العملية.

ومنذ سنوات ركزت المملكة العربية السعودية على الانفتاح على التجارب الأجنبية الناجحة في التعليم العالي وسعت للاستفادة من الخبرات المعرفية في العالم بأسره، وجاء برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي عام 2005؛ ليكون رافدا يدعم الجامعات السعودية، والقطاعين الحكومي والأهلي بتوفير الكفاءات من المواطنين، من خلال أعدادهم وتأهيلهم في أفضل الجامعات الأجنبية، ويقوم هذا البرنامج على خطط سنوية تسهر فيها الدولة على تمويل دراسة النخبة من الطلبة السعوديين في الخارج لتتمكن من الاستفادة من كفاءاتها ومؤهلاتها بعد التخرج.

واليوم يعد برنامج منحة الملك عبدالله للابتعاث الخارجي من المبادرات التعليمية الدولية التي كان لها تأثير سواء من حيث أعداد الطلاب المستفيدين أو من حيث التعاون الدولي، وقد أرسل البرنامج مئات الآلاف من الطلاب السعوديين إلى الخارج في السنوات الموالية بتمويل كامل من الحكومة. ومنذ تاريخ إنشائه كان للمملكة أكثر من 3 آلاف طالب سعودي في الولايات المتحدة الأميركية، وهي الدولة التي شكلت الوجهة الأساسية للطلبة الممولين من البرنامج في السنوات التالية، وتعد السعودية رابع دولة من حيث ترتيب الدول التي ترسل طلابها إلى جامعات الولايات المتحد خلال الخمس سنوات الماضية.

وشهدت كندا نموا مماثلا، حيث استضافت حوالي 14 ألف طالب سعودي في عام 2014 وتحتل المملكة العربية السعودية المركز الخامس في قائمة الدول التي ترسل أبناءها للدراسة في كندا، أما في المملكة المتحدة فتأتي السعودية في المرتبة السابعة من حيث ترتيب عدد الطلبة الأجانب في الجامعات البريطانية.

الطلاب المتقدمون للحصول على المنح ينبغي أن يكونوا متجهين لجامعات من بين أفضل 50 مؤسسة أكاديمية في العالم

تم تمديد برنامج منحة الملك عبدالله ثلاث مرات منذ عام 2005، وكان آخرها في عام 2012 عندما تم الإعلان عن أن البرنامج سوف يستمر حتى عام 2020، ومنذ شهرين اعتمد البرنامج شروطا أكثر تدقيقا يستند فيها إلى أعلى المؤهلات الأكاديمية واللغوية لدى الطلاب لمعالجة قضايا سوق الشغل في مع التركيز على متطلبات القطاع العام تحت شعار “حياتك المهنية، منحة خاصة بك”، والتي تروج لحصول المستفيدين على وظائف في المؤسسات الحكومية عند التخرج.

وعقدت وزارة التعليم شراكة مع عدد من المؤسسات وهيئات القطاع العام في المملكة للاستفادة من المبتعثين في شغل الوظائف التي تحتاجها تلك الجهات، وعليه، فإن تخصصات المرحلة الثالثة من البرنامج أصبحت مقترنة بحاجة جهات التوظيف، و كذلك المؤهلات السابقة للمتقدمين، وفي عام 2015 اقتصرت الهيئة التي تشرف على برنامج المنحة في الولايات المتحدة، على مدة ستة أشهر كحد أقصى لتمويل التدريب على اللغة في الفترة التي تسبق دخول الجامعة.

وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك علامات على المزيد من التغييرات الهامة في برنامج منحة الملك عبدالله، وعلى نطاق أوسع من المنتظر أن يتم إدخال تغييرات هامة على النظام التعليمي السعودي برمته، وقد أظهرت تقارير وزارة التعليم العالي أواخر العام الماضي التوجه نحو إحداث تغيير كبير في السياسة المتبعة في برنامج منحة الملك عبدالله، من ذلك إعادة النظر في التركيز على التمويل لدعم الطلاب المسجلين في أفضل الجامعات في العالم.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن الحكومة وضعت شروطا جديدة لبرنامج منحة الملك عبدالله، منها أن يكون الطلاب المتقدمون للحصول على التمويل متجهين للدراسة والتسجيل في مؤسسات تعليمية في الخارج تكون من بين أفضل 50 مؤسسة أكاديمية في العالم في مجال عملها أو تكون واحدة من أفضل 100 جامعة في العالم.

التغييرات الطارئة على برنامج منح الابتعاث للملك عبدالله في هذه المرحلة تستهدف تقييد تمويل المبتعثين لتوفير عدد محدد من الكفاءات من الخريجين الذين يحتاجهم القطاع العام لكي يستفيد من المؤهلات لتي اكتسبوها في أرقى مؤسسات التعليم العالي الأجنبية، وذلك بهدف خلق حلقة ربط مباشرة بين الوظائف الشاغرة في سوق العمل وبين الخريجين من المبتعثين، غير أن تطورات قطاع التعليم في السعودية تنبئ بتغييرات أكبر لتحسين خبرة وتنافسية القطاع التعليمي بما يواكب المعايير الدولية، من ذلك التوجه نحو الخصخصة.

17