السعودية تحض البرهان وحميدتي على الالتزام بالتهدئة

وزير الخارجية السعودي يدعو الجنرالين إلى الحل السياسي لضمان عودة الاستقرار للسودان، بعد تسجيل خرق لهدنة الأيام الثلاثة وسط اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع.
الثلاثاء 2023/06/20
السودانيون يأملون في تمديد الهدنة بمناسبة عيد الأضحى

الرياض/ الخرطوم - جدّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الدعوة إلى التهدئة ووقف التصعيد العسكري في السودان، خلال اتصالين هاتفيين مع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بعد تبادل طرفي الصراع اتهامات بخرق هدنة الأيام الثلاثة التي بدأت صباح الأحد، فيما يأمل السودانيين تمديدها بمناسبة عيد الأضحى.

ولفتت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، في بيانين اليوم الثلاثاء إلى أنه جرى خلال الاتصالين، "بحث مستجدات الأوضاع في جمهورية السودان الشقيقة، حيث أكد وزير الخارجية أهمية التزام جميع الأطراف السودانية من أجل استعادة مجريات العمل الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية".

وجدد وزير الخارجية السعودي دعوة المملكة بالتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري، واللجوء إلى حل سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار للسودان وشعبه الشقيق".

وتجاوز عدد الأشخاص الذين فروا من القتال في السودان 500 ألف بينما نزح مليونا شخص داخليا، وفق ما قال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.

وأوضح في مؤتمر صحافي في نيروبي "اليوم تجاوزنا عتبة نصف مليون لاجئ من السودان بعد بدء الصراع. نزح مليونا شخص داخل البلاد".

وكان قائد قوات الدعم السريع، قد أعلن مساء الاثنين عبر صفحاته الرسمية على فيسبوك وتويتر أنه أكد لوزير الخارجية السعودي التزام قواته بإعلان جدة واتفاق وقف إطلاق النار.

وقال حميدتي إنه "بحث مع وزير الخارجية السعودي، جملة من القضايا والموضوعات المتعلقة بالأوضاع في السودان، والمساعي المبذولة لتحقيق الاستقرار، لاسيما الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية في جدة".

وأعرب حميدتي عن امتنانه لجهود المملكة ودعمها السخي من خلال مؤتمر المانحين، الذي سيسهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة الإنسانية التي يواجهها السودانيون"، مؤكدا تطلعه إلى مزيد من الدعم والمساندة من الأشقاء في السعودية ومن الأسرة الدولية كافة.

وفي مؤتمر استضافته جنيف الاثنين تعهّد فيه المانحون تقديم نحو 1.5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.

وهذا المبلغ لا يمثل سوى نصف الإجمالي الذي تقدر الوكالات الإنسانية أنها بحاجة إليه في بلد يعتمد فيه 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، على المساعدات الإنسانية.

وتم تنظيم المؤتمر في منتصف هدنة لمدة ثلاثة أيام، بوساطة سعودية أميركية، ومن المقرر أن تنتهي صباح غد الأربعاء بتوقيت الخرطوم (04:00 ت.غ).

ومنذ 6 مايو الماضي، ترعى السعودية والولايات المتحدة محادثات بين الجيش السوداني والدعم السريع أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.

ويتبادل طرفا الصراع بالسودان الاتهامات بارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في إنهاء الاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل الماضي، والتي خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.

واتهمت قوات الدعم السريع قوات الجيش بمهاجمة قواتها المتحركة برفقة بعثة الصليب الأحمر الدولي لإجلاء عدد 35 جريحا من الجيش كانوا متواجدين في المستشفى العسكري بحري.

وقالت، في بيان الإثنين، إن الهجوم أسفر عن إصابة أحد الضباط المشرفين على عملية الإخلاء وتعريض حياة أفراد بعثة الصليب الأحمر للخطر.

وأوضح البيان أنه "بحسب اتفاق مسبق بين وفد قوات الدعم السريع والجيش، في منبر جدة وبعثة الصليب الأحمر الدولي، بإجلاء جرحى قوات الجيش، تحرك وفد من الدعم السريع برفقة الصليب الأحمر، وعند آخر نقطة في مناطق سيطرة قواتنا، التي كان مقرراً أن يتوجه بعدها وفد الصليب الأحمر لبدء عملية الإخلاء حسب الاتفاق، أطلق الانقلابيون النار بكثافة على الوفدين في مشهد مخالف لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، إلى جانب كونه يشكل انتهاكاً صارخاً لوقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية المعلنة".

وأضاف البيان "نضع المجتمع الدولي والإقليمي أمام مسؤولياته حيال هذا الهجوم البربري، الذي يعضد ما ظللنا نشير إليه بوجود عدد من مراكز اتخاذ القرار داخل قيادة الانقلابيين، وإلا كيف يتم تفسير هذا الفعل رغم الاتفاق والترتيب المسبق لعملية الإخلاء والتنسيق حول كافة الإجراءات اللازمة، وتحديد موعد التنفيذ بعلم جميع الأطراف، بما في ذلك الوساطة السعودية الأميركية".

كما اتهم الجيش السوداني في بيان الدعم السريع بـ"خرق واضح للهدنة"، عندما "هاجمت عناصر من الميليشيا المتمردة منطقة طويلة بولاية شمال دارفور لليوم الثاني على التوالي"، لافتاً إلى قيامهم بـ"ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق مواطني المنطقة على مدى اليومين تضمنت قتل 15 وجرح عشرات من المدنيين العزل".

وقالت منظمة الصليب الأحمر، في بيان، إن "فريقها في السودان كان ينقل الجنود الجرحى إلى المستشفى بناء على طلب من طرفي النزاع، بيد أن العملية فشلت بعد إطلاق أعيرة نارية على مقربة من القافلة عندما كانت على وشك عبور خط المواجهة".

وأشار بيان المنظمة إلى أنه "على الرغم من الضمانات الأمنية التي تم الحصول عليها من كلا الطرفين قبل النقل، لم يتم احترام وقف إطلاق النار".

الوضع مقلق خصوصا في إقليم دارفور (غرب) حيث تدور معارك بين الجيش والدعم السريع بمشاركة مقاتلين قبليين ومدنيين مسلحين.

وصف حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، اليوم الثلاثاء، ما يجري في "الجنينة" و"كتم" بـ"الجرائم المكتملة"، محذرًا من أن "الاغتيالات تقود الإقليم للانزلاق في حرب أهلية".

ودعا حاكم دارفور "مجلس الأمن بدعم المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق لما تم من اغتيالات، والجرائم التي وقعت في الإقليم"، مؤكدًا أن "ظروف الحرب في السودان أدت إلى تفجر الأوضاع في أجزاء واسعة من الإقليم لحساسية الموقف فيه".

وشدد على ضرورة "جلوس أطراف النزاع في السودان إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب"، داعيًا أيضًا "الاتحاد الأفريقي لأن يكون له دور في حل الأزمة دون تسييس للتحركات الإقليمية".

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنه على مدى الأيام الأربعة الماضية فرّ "15000 سوداني بينهم نحو 900 جريح" من أعمال العنف واسعة النطاق ضد المدنيين في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بحثا عن ملجأ في أدري في تشاد.

وفي بيان الإثنين، أعربت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و"إيغاد"، عن قلقها إزاء "التدهور السريع للأوضاع في دارفور".

واعتبرت الآلية الثلاثية أن النزاع أخذ بعدا عرقيا في دارفور، وهو ما أدى إلى هجمات ضد أشخاص بسبب هوياتهم وإلى تهجير فئات مجتمعية.

وحذّرت الأمم المتحدة من أن دارفور يتجه نحو "كارثة إنسانية" جديدة، مشيرة إلى "جرائم محتملة ضد الإنسانية".

وسبق أن شهد الإقليم حربا دامية في العقد الأول من القرن الحالي خلفت حوالي 300 ألف قتيل ونحو 2.5 مليون لاجئ، وفق الأمم المتحدة.