السراج يتراجع عن الاستقالة إلى حين انتهاء جولات الحوار الليبي

طرابلس - بحث رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، السبت، مع الممثلة الأممية بالإنابة ستيفاني وليامز، مسار الحل السياسي لأزمة البلاد، وفق بيان نشرته حكومة الوفاق عبر صفحتها في فيسبوك.
وجاء اللقاء عقب إعلان السراج، الجمعة، عدوله عن قرار الاستقالة من منصبه بنهاية أكتوبر، في خطوة تعكس رضوخه للضغوط الدولية التي لا تخرج عن دائرة الحرص على عدم حصول فراغ في السلطة يسبق توصل فرقاء الصراع إلى تسوية سياسية تعيد الاستقرار للبلد، وتستجيب إلى تطلعات الشارع الليبي.
واتفق الجانبان على أن ملتقى الحوار السياسي الليبي المزمع عقده بتونس في 9 نوفمبر “يمثل فرصة تاريخية، ليقرر الساسة الليبيون مسار التحرك نحو حل سياسي دون تدخل خارجي”، وذلك “وفق خارطة طريق واضحة وملزمة وبتواريخ محددة، للوصول إلى انتخابات وطنية تجرى على قاعدة دستورية صلبة”، وفق ذات المصدر.
وتعقد اللقاءات المباشرة لمنتدى الحوار الليبي في تونس بين ممثلين عن حكومة الوفاق والجيش الليبي في التاسع من نوفمبر بعد عقد الاجتماع الافتراضي للمنتدى، الإثنين الماضي، بهدف الاتفاق على إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن.
بموازاة ذلك، تتواصل جهود التسوية السياسية محليا، حيث من المقرر أن تعقد اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5) في الفترة من الثاني وحتى الرابع من نوفمبر، الجولة الخامسة من المحادثات، وذلك للمرة الأولى داخل ليبيا، في مدينة غدامس (جنوب غرب طرابلس).
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان السبت، إن “هذه الجولة من المحادثات تأتي بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بين الوفدين يوم 23 أكتوبر في جنيف”.
ووفق البيان، تلتئم اللجنة بحضور الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، وسيبحث المشاركون في اللقاء آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، بما في ذلك إنشاء اللجان الفرعية، فضلاً عن آليات المراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار.
ويشير المتابعون إلى أن رغبة أطراف دولية في تفادي حالة الفراغ الحكومي الذي من شأنه أن يفتح الباب لخلافات جديدة، وراء محاولات إثناء السراج عن قرار الاستقالة بهدف تسهيل العملية السياسية وإنجاح الحوار الليبي المرتقب.
وكان السراج قد أعلن، الجمعة، استجابته لدعوات طالبته بالتراجع عن قراره الاستقالة من منصبه وفق بيان للناطق باسمه، غالب الزقلعي، نشره عبر حسابه على تويتر، ونقلته قناة “ليبيا” الرسمية عبر حسابها الموثق على فيسبوك.
وبحسب البيان، فإن السراج شكر مجلس النواب في طرابلس، والمجلس الأعلى للدولة، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وقادة الدول الصديقة، على دعوتهم له للاستمرار في مهامه حتى انتهاء جولات الحوار، وتشكيل مجلس رئاسي جديد.
اللجنة العسكرية الليبية المشتركة ستعقد في بداية نوفمبر الجولة الخامسة من المحادثات، وذلك للمرة الأولى داخل ليبيا
ورحب السراج بما أبدته الأطراف المحلية والدولية من “حرص على الانتقال السلس للسلطة التنفيذية، حرصا على الاستقرار وتجنبا لحدوث أي فراغ سياسي”.
وكان السراج قد أعلن في منتصف سبتمبر الماضي أنه سيقدم استقالته ويسلم مهامه في نهاية أكتوبر لحكومة جديدة تنبثق عن الحوار القائم الآن بين الأطراف الليبية.
واتهم لدى إعلانه التنحي، أطرافا لم يسمها ووصفها بالمتعنتة، بالعمل على عرقلة الحكومة بشكل لافت ومتكرر، مؤكدا أن كل هذه الأمور “جعلت الحكومة تواجه صعوبات وعراقيل جمة في أداء واجباتها على النحو الأمثل”.
وفي وقت سابق، دعت الولايات المتحدة على لسان سفيرها في ليبيا، ريتشارد نورلاند، السراج إلى البقاء في السلطة ما أثار تساؤلات بشأن تنسيق محتمل بين أنقرة وواشنطن من أجل إبقاء رئيس حكومة الوفاق في المشهد لرعاية مصالح البلدين في ليبيا.
وقال ريتشارد نورلاند في بيان له “أريد أن أثني على إعلان فايز السراج نيته التنحي، لذلك آمل وأتوقع أن يبقى في منصب رئيس الوزراء لفترة أطول قليلا على الأقل حتى يصبح انتقال السلطة هذا ممكنا” على حد قوله.
وكان قرار الاستقالة قد آثار غضب أنقرة حيث عبّر الرئيسي التركي رجب طيب أردوغان عن انزعاج بلاده من قرار السراج التنحي عن رئاسة حكومة الوفاق الليبية. وتنظر تركيا بعين الريبة تجاه محاولات رأب الصدع بين الليبيين وإنهاء حالة الاقتتال الداخلي وإرساء السلام وذلك خوفا على مصالحها الاقتصادية.
من جهتها، أعربت ستيفاني وليامز المبعوثة الأممية لدى ليبيا بالإنابة في وقت سابق، الجمعة، “عن أملها في مواصلة السراج عمله، حتى يحين الوقت الذي يقرر فيه ملتقى الحوار السياسي الليبي تكليف سلطة تنفيذية جديدة”.
كما طلب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الجمعة، من السراج، خلال اتصال هاتفي بينهما، الاستمرار في أداء مهامه طوال فترة الحوار الليبي.
وقال ماس ” في ضوء انطلاق المحادثات السياسية، نرغب بأن يؤجل السيد السراج استقالته ويبقى في منصبه طوال فترة عقد الحوار”، مضيفا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تؤيد دعوته.
وأضاف “من وجهة نظرنا، سيكون ذلك مهما من أجل ضمان الاستمرارية المؤسساتية والتنفيذية” في “الأسابيع الحاسمة” المقبلة.
وطالب المجلس الأعلى للدولة الليبي السراج، الخميس، بالاستمرار في أداء مهامه حتى اختيار مجلس رئاسي جديد تجنبا لأي فراغ سياسي، ومن أجل استقرار البلاد.
وتتعدد القراءات من وراء التمسك بالسراج بين الرغبة الأميركية في إرضاء تركيا للقبول بعملية الحوار السياسي الشامل وبين تجنب الفراغ السياسي الذي قد ينجم عن تنحي السراج مع غياب البديل، في وقت ترى فيه واشنطن سيناريو إخفاق التوصل إلى تفاهمات في تونس يوم 9 نوفمبر خيارا واردا، رغم تزايد احتمالات نجاح التسوية السياسية في ليبيا بعد إعلان وقف دائم لإطلاق النار.
ويرأس السراج حكومة الوفاق منذ تشكيلها في طرابلس عام 2015 إثر اتفاق الصخيرات الذي توسطت فيه الأمم المتحدة بهدف توحيد ليبيا وإشاعة الاستقرار بها بعد الفوضى التي اجتاحتها عقب الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.