السجون الإيرانية تكشف تواطؤ السلطات على الحرية

طهران – أدان الاتحاد الدولي للصحافيين تعامل السلطات الإيرانية مع حالة الصحافي الإيراني علي رضا رجائي البالغ من العمر 54 عاما، حين تجاهلت حالته الصحية مما أدى إلى تدهورها بعد خروجه من السجن في أكتوبر 2015، حيث يخضع منذ ذلك الحين إلى جلسات علاج بالليزر والعلاج الكيميائي بعد ثبوت إصابته بالسرطان.
وخسر علي رضا رجائي عينه اليمنى وبعض الأجزاء من فكه العلوي وبعض عضلات الوجه، وقال المقربون منه إن ما حدث له كان بسبب إهمال المسؤولين ومنعه من الخروج من سجن إيفين لتلقي العلاج.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن علي رضا رجائي خضع الأربعاء 30 أغسطس إلى عملية جراحية صعبة استمرت 14 ساعة، تم خلالها استئصال عينه اليمنى وبعض أجزاء الفك العلوي وبعض عضلات وجهه لمنع السرطان من الانتشار.
ونُشرت له صورة على شبكات التواصل الاجتماعي بعد إجراء العملية يظهر فيها فوق سرير في المستشفى والنصف الأيمن من وجهه مغطى.
وبحسب راديو “فردا” الإيراني المعارض، أصيب علي رضا رجائي بسرطان الجيوب الأنفية أثناء فترة اعتقاله في سجن إيفين لمدة 4 سنوات منذ عام 2011.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن السلطات الإيرانية تركت رجائي دون علاج خلال فترة اعتقاله لمدة 4 سنوات بتهمة “تهديد الأمن القومي للدولة”.
وأثارت قضية رجائي جدلا واسعا في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خصوصا بعد تزايد عمليات اعتقال الصحافيين بشكل غامض، وبتهم لا تعترف بها منظمات حقوق الإنسان والمتعلقة عموما بآرائهم السياسية.
ما حدث من تدهور في حالة الصحافي رجائي الصحية هو بسبب المسؤولين وطبيب السجن الذي يشخص حالته بطريقة خاطئة
وجاءت إيران في المرتبة السادسة عالميا من حيث عدد المساجين، رغم أنها تأتي في المرتبة الـ19 عالميا من حيث عدد السكان، فما يحدث داخل السجون الإيرانية جعل تصنيفها مستقلا بذاته من حيث أساليب التعذيب والترهيب، خاصة في ما يتعلق بالمعتقلين السياسيين.
وكتب علي جاني ناشط سياسي أعتقل مع علي رضا رجائي، على حسابه الرسمي على تويتر، أن رجائي كان دائما يشتكي من مرضه في السجن فيتم تحويله إلى طبيب السجن الذي يقول له إن ما يعاني منه هو ألم أسنان، ثم يعطيه مسكنات دون أن يحوله إلى الفحص في المستشفى.
وأضاف علي جاني قائلا، “إن ما حدث من تدهور في حالة علي رضا رجائي الصحية هو بسبب المسؤولين وطبيب السجن الذي يشخص حالته في كل مرة بطريقة خاطئة”.
قصة علي رضا رجائي تتكرر دائما في السجون الإيرانية مع المعتقلين السياسيين، حيث تتلاعب السلطات بصحة السجناء وحياتهم بإهمال احتياجاتهم الصحية.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر في يوليو 2016 إن السلطات الإيرانية تتلاعب بقسوة بأرواح سجناء الرأي وغيرهم من السجناء السياسيين بحرمانهم من الرعاية الطبية الكافية، مما يجعلهم عرضة لخطر الموت أو الإصابة بعاهة مستدامة أو غير ذلك من الأضرار الصحية التي لا يمكن تداركها.
وقال فيليب لوثر مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “في سجون إيران عادة ما تحتجز الصحة كرهينة على أيدي السلطات التي تتجاهل الاحتياجات الطبية لمن يقبعون في السجون دون تقدير لعواقب ذلك. ويُعد حرمان السجناء السياسيين من الرعاية الطبية عملا يتسم بالقسوة ولا يمكن تبريره مطلقا”.
وكثيرا ما ترفض النيابة العامة منح تصاريح بنقل بعض السجناء إلى المستشفيات، بالرغم من أن الرعاية التي يحتاجونها لا تتوفر في السجن، كما ترفض طلبات الإفراج الطبي المؤقت عن سجناء يعانون من حالات مرضية حرجة، وذلك على خلاف ما يوصي به الأطباء.
بعض أطباء السجون دأبوا على التقليل من شأن مشاكل السجناء الصحية الصحية أو تجاهلها باعتبارها مجرد "تلفيقات من وحي خيالهم"
وقال فيليب لوثر، “لقد أظهرت السلطات الإيرانية، ولا سيما السلطات القضائية، وحشية شديدة في موقفها من السجناء المرضى، فهي تتلاعب بأرواح أفراد، مخلفة آثارا مدمرة ودائمة على صحتهم”.
واستطرد قائلا “يجب على السلطات الإيرانية أن تكف فورا عن استخدام الحرمان من الرعاية الطبية كشكل من أشكال العقاب والإكراه. كما يجب عليها أن تكفل حصول جميع الأشخاص المحتجزين على الرعاية الطبية الكافية دون تمييز”.
وخلصت بحوث منظمة العفو الدولية إلى أن مسؤولي السجون أيضا كانوا في بعض الحالات مسؤولين عن انتهاك حقوق السجناء في الصحة، أو عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
ففي عدة حالات حجب مسؤولو السجون أدوية عن سجناء سياسيين أو استخدموا دون ضرورة وسائل تكبيل مثل أصفاد اليدين أو قيود الساقين مع سجناء سياسيين، على نحو يتعارض مع العلاج الطبي الذي يتلقونه، مما أدى إلى إصابتهم بكدمات في اليدين أو القدمين أو سبب لهم نوعا من المعاناة أو الإذلال.
وقال بعض السجناء الذين التقت بهم منظمة العفو الدولية، إن أطباء السجون كانوا متواطئين في الانتهاكات في بعض الأحيان.
وذكر هؤلاء السجناء أن بعض أطباء السجون دأبوا على التقليل من شأن مشاكلهم الصحية أو تجاهلها باعتبارها مجرد “تلفيقات من وحي خيالهم”، أو كانوا يكتفون بمعالجة حالات خطيرة بأدوية مهدئة أو مسكنة للألم.
وتقول منظمة العفو الدولية إن المعتقلات السياسيات في سجن إفين في طهران، حيث كل العاملين من الأطباء والممرضين الذكور، يواجهن عقبات إضافية في الحصول على الرعاية الطبية.
ففي بعض الحالات حرمت سجينات يعانين مشاكل صحية من إجراء فحوص طبية عاجلة أو غير ذلك من العلاج لأنه حسب زعم المسؤولين من غير الملائم أن يخضعن للعلاج على أيدي أطباء ذكور.
إيران تحاول أن تقدم صورة مغايرة لسجونها سيئة السمعة رغم التقارير الإعلامية وشهادات السجناء التي تصف قسوة المعاملات في السجون، حيث قامت في يوليو 2017 بمحاولة دعائية عندما فتحت باب سجن إيفين في طهران أمام الممثلين الدبلوماسيين من 40 بلدا.