السجال بين الرياض وطهران يمتدّ من الساحة الإقليمية إلى المسرح

العلا (السعودية) – تجمّع هذا الشهر عدد من الفنانين الإيرانيين الذين يعيشون في المنفى وينتقدون السلطات الدينية المتشددة في طهران لتقديم فنهم في أغرب بلد يمكن أن يخطر على البال ألا وهو السعودية.
تدور هذه الوقائع وسط ازدياد التوتر بين الخصمين الإقليميين. وقد روج المنظمون لها باعتبارها حوارا ثقافيا لكنها أتاحت في الوقت نفسه للرياض الفرصة لتنال بصورة غير مباشرة من طهران إذ أذاعت قناة أم.بي.سي الفارسية الحفلات للمشاهدين الإيرانيين.
كانت تلك الحفلات التي تم تنظيمها في موقع العلا الصحراوي من آخر الفعاليات العامة الكبرى في السعودية قبل أن تفرض السلطات قيودا على التحركات للحدّ من انتشار فايروس كورونا. وشارك فيها اثنان من أشهر المطربين الإيرانيين هما إبي وليلى فروهر إلى جانب نجوم من أمثال ساسي وآراش وآندي.
وقال إبي، الذي طار إلى السعودية من لوس أنجلس، “أبدا. لم يخطر على بالي أبدا في يوم من الأيام أنني سأتمكن من الغناء في السعودية.. أنا سعيد جدا بوجودي هنا“.
وكان بعض هؤلاء الفنانين في السابق موضع احتقار السلطات الإيرانية لأسباب بعضها ذو صبغة سياسية واضحة. واجتذب أداؤهم في السعودية انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي. وأثار جدلا في الداخل الإيراني، حيث علق أحد الإيرانيين في تغريدة على توتير “إذا ذهب شخص وغنى في السعودية فأكثر الكلمات تأدبا في وصفه هي ‘خائن”.
بعض هؤلاء الفنانين الذين قدموا عروضا في السعودية موضع احتقار السلطات الإيرانية لأسباب بعضها ذو صبغة سياسية واضحة
وغنى إبي، الذي يصفه محبوه بأنه “فرانك سيناترا إيران” باللغة الفارسية وصفق له جمهور الحاضرين من سعوديين وضيوف إيرانيين مدعوين كانوا يتمايلون مع الموسيقى وشغلوا جانبا من المسرح الذي يسع 500 متفرج.
وأهدى إبي إحدى أغانيه للنساء وخص بالذكر امرأتين بين العازفين في فرقته على المسرح.
وقال “أتمنى السماح في يوم من الأيام للنساء في بلادي بالغناء على المسرح”. وكانت السعودية طبقت إصلاحات اجتماعية بما في ذلك السماح بإقامة الحفلات الموسيقية والسماح للنساء بقيادة السيارات وحضور المباريات الرياضية. لكن لا يزال السجال مستمرا بينها وبين إيران منذ العشرات من السنين وقد امتد هذا السجال إلى صراعات إقليمية.
وسئل الفنانون والحاضرون عن البعد السياسي للحفلات فقالوا إنهم يفضلون التركيز على الموسيقى. وقال المغني آراش، السويدي الجنسية الإيراني الأصل، “أحاول ألا أنغمس كثيرا في السياسة. فهذا ليس عملي. عملي أن أسعد الناس”.
كما قال وسام قابيل (30 عاما) من جدة ويعمل في استيراد السلع الاستهلاكية إنه جاء ليتعلم شيئا جديدا وإنه يجب تنحية السياسة جانبا على الأقل لليلة واحدة. وأضاف “الموسيقى لا تعرف اللغة ولا تعرف الدين ولا تعرف البلد”.