السجائر قاتلة حتى لو كانت إلكترونية

بريطانيا أول بلد في العالم يسمح بتدخين السجائر الإلكترونية كآلية طبية.
الثلاثاء 2021/11/16
الرئة تحتاج إلى هواء نقي

وصفت السلطات البريطانية السجائر الإلكترونية بأنها يمكن أن تفيد في الإقلاع عن التدخين، ما أثار جدلا واسعا في الأوساط الصحية، إذ هناك من يدعم ذلك، وفي المقابل يرى آخرون أن هذه الخطوة الحكومية تجربة خطيرة.

لندن - يثير إعلان بريطانيا أخيرا التوجّه إلى وصف السجائر الإلكترونية كآلية طبية للمساعدة على الإقلاع عن التدخين، انقساما كبيرا في البلاد بين من يرى في الخطوة “تجربة خطرة”، ومن يعتبرها أداة للحدّ من عدم المساواة في مجال الصحة.

ففي نهاية أكتوبر، عدّلت الحكومة البريطانية مسار الموافقة المعتمد من الهيئة الناظمة للمنتجات الصحية في البلاد (أم.إتش.أر.إيه)، ما قد يجعل إنجلترا أول بلد في العالم يتيح وصف تدخين السجائر الإلكترونية كآلية طبية.

وكان يمكن للمصنّعين “نظريا” أن يطلبوا مثل هذا التصنيف، وفق أستاذة الصحة العامة في جامعة إدنبرة ليندا بولد، لكن “ذلك لم يحصل”.

ومع الإقرار بأن السجائر الإلكترونية “تحوي النيكوتين وليست خالية من المخاطر”، أشارت وزارة الصحة البريطانية إلى أن هذه المنتجات أقل ضررا من التبغ، وذلك بالاستناد إلى دراسات بريطانية وأميركية.

ويمثل التبغ السبب الرئيسي للوفيات المبكرة التي يمكن تفاديها، مع حوالي 64 ألف وفاة في إنجلترا سنة 2019. ورغم أن عدد المدخنين في أدنى مستوياته التاريخية في المملكة المتحدة، لا تزال إنجلترا تضم 6.1 مليون مدخن.

وتقول بولد إن 30 في المئة من المدخنين لم يجربوا الانتقال إلى السجائر الإلكترونية، “وعندما تسألونهم عن السبب، يكون الهمّ الأول لديهم مرتبطا بالسلامة”.

وبذلك، من شأن اعتماد السجائر الإلكترونية كآلية طبية أن يطمئن المستخدمين. لكن، هل يكون هذا الاطمئنان زائفا؟ تجيب بولد “هذه فرضية ممكنة وقد يكون ذلك موضع قلق”.

كذلك ثمة عامل رادع آخر يتمثل في سعر جهاز تدخين السجائر الإلكترونية الذي يباع عموما من 50 إلى 60 جنيها إسترلينيا (من 67 إلى 81 دولارا). وفي حال بات المنتج موصوفا من هيئة الصحة العامة (أن.إتش.أس)، فإن سعره سيصبح أرخص بكثير.

وبما أن عدد المدخنين أعلى في أوساط السكان الأكثر فقرا، قد تساهم السيجارة الإلكترونية المُوصى بها طبيا في تقليص مظاهر عدم المساواة على الصعيد الصحي، بحسب بولد.

آثار السجائر الإلكترونية على الصحة غير معروفة
آثار السجائر الإلكترونية على الصحة غير معروفة

ويرى الأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن بيتر هايك في خطوة الحكومة “نبأ سارا” بالإجمال، مشيرا إلى أن “نسبة لا يُستهان بها من المدخنين الذين يباشرون استخدام السجائر الإلكترونية يقلعون تماما عن التدخين”.

و”لا شك” بحسب هايك، أن الانتقال من التبغ إلى السجائر الإلكترونية يتيح تفادي “كل المخاطر تقريبا”.

غير أن الوضع ليس بهذا الوضوح وفق زميله جوناثان غريغ أستاذ طب الأطفال التنفسي والبيئي في الجامعة عينها.

ويقول غريغ، وهو رئيس “الجمعية الأوروبية لطب الجهاز التنفسي” التي تعارض بشدة التشجيع على السجائر الإلكترونية لوقف التدخين، إن “الآثار على المدى الطويل غير معروفة”.

ويشير غريغ إلى أن السلطات البريطانية تنظر بإيجابية إلى السجائر الإلكترونية، مشيرا إلى أن السياسة البريطانية في هذا الصدد تشكل حالة معزولة.

والمثال الأبرز في هذا الإطار هي أستراليا، حيث يُمنع بيع أجهزة تدخين السجائر الإلكترونية أو الحشوات المستخدمة لها إلا في حال حيازة وصفة طبية.

ويلفت غريغ إلى أن وصف تدخين السجائر الإلكترونية طبيّا يجب أن يكون “الحل الأخير”، معتبرا أنه “من غير المعقول أن تدفع هيئة الصحة العامة البريطانية (أن.إتش.أس) أي مبالغ مالية لقطاع صناعة التبغ” الذي يقف وراء هذه الأجهزة، نظرا إلى “الأساليب المضللة” التي اعتمدها في الماضي.

ويرى في هذه الخطوة الحكومية “تجربة خطرة”.

وفي نهاية يوليو، حذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر السجائر الإلكترونية، داعية إلى وضع ضوابط قانونية أفضل لاستخدامها.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن 32 بلدا تحظر استخدام الأجهزة الخاصة باستنشاق هذه المنتجات، و79 اعتمدت على الأقل تدبيرا للحدّ من استخدامها بما يشمل حظر الإعلانات الترويجية لها.

20