الساعاتيون يضبطون الوقت على معاصم البغداديين

رغم تقدمهم في السن، ورغم توجه العراقيين إلى التكنولوجيا، مازال بعض مصلحي الساعات يعملون في محلاتهم وسط بغداد على ضبط الوقت في الساعات السويسرية والألمانية الفاخرة التي مازالت تحافظ على موقعها المتميز.
بغداد - تتعدد أشكال وأنواع الساعات، منها باهظة الثمن ومنها بأسعار زهيدة، ولكن بقيت الساعات المصنوعة منذ بدايات القرن الماضي ومنتصفه من أغلى الأنواع، فكلما زادت قِدما زادت قيمة.
تتصدر الساعات السويسرية والألمانية عرش الساعات الفاخرة التي مازالت تحافظ على موقعها المتميز لما تحمله من مواصفات عالية وفريدة.
وقفت كاميرا وكالة الأنباء العراقية (واع) أمام لافتة شركة أولما عند بوابة محل مصلح الساعات محمد حسن شكارة الأعرجي، في سوق هرج المتفرع من شارع الرشيد.
وقال شكارة “أنا أعمل بتصليح الساعات منذ 1968، حيث ورثت هذه المهنة من جدي الذي يحترفها منذ 1920 في الكاظمية المقدسة، منتقلا إلى سوق الهرج قرب مرقد الشيخ عثمان بن سعيد العمري، منتظما إلى جانب 14 مصلح ساعات في السوق”.
وأضاف “كانت الساعات في السابق تصنع يدويا ولا يملكها إلا المتمكنون ماديا لغلاء ثمنها، وبمرور الزمن وتحسن معيشة الفرد ودخول ساعات متطورة، راح أصحاب الشركات يبيعون الساعات بالتقسيط الرمزي”.
وتابع “في عقدي العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي كانوا يستعملون ساعات الجيب التي تصنع من الفضة، تلتها اليدوية والجدارية وهي صناعة ألمانية تعمل بـ’التكويك’، وفي عقد السبعينات جاءت الساعات التي تعمل بالبطارية”.
وأشار إلى أن “الساعات الأصلية باهظة الثمن، وبحسب المادة التي تصنع منها كالماس والذهب والفضة والنحاس، أما الساعات الجدارية التي تصنع من خشب البلوط أو الجاوي أو الصاج، فمن المهم ألا يتأثر الخشب بحشرة الأرضة”.
وأوضح المصلح شكارة أن “هنالك الكثير من المواطنين ما زالوا يقتنون الساعات القديمة الأصلية السويسرية والألمانية، بعضهم يجلب إلي ساعة تعود لجده أو للعائلة، متوارثة من عقد الأربعينات أو الخمسينات لكي أصلحها”.
وأضاف “في كل مرحلة يطلب الناس ساعات من شركة معينة، مثلا في عقد العشرينات من القرن الماضي ساعات ‘أولما’ السويسرية وفي السبعينات ‘ستزن’ و’فلكة’ و’رادو’ و’ميكا’ وهي من مناشئ متعددة منها السويسري والألماني والياباني والروسي”.
وذكر أن “هناك ساعات تعمل بالسحب مثل ‘أم العصفور’، منها تسحب كل أربع وعشرين ساعة وهي صناعة ألمانية، ومنها صناعة يابانية تعمل بالبطارية وتستبدل كل سنة أو ستة أشهر”.
وقال مهندس تصاميم الساعات يحيى كاظم البلداوي إن “أشكال الساعات الكبيرة والصغيرة، تأخذ أجمل ما يمكن استنتاجه من المهمة المراد لها، سواء معصم أو جيب أو منضدة أو حائط أو منارة”.
وأضاف البلداوي أن “التصاميم تتبع المراد من الساعة والمكان الذي تشغله، سواء من يد المرأة الصغيرة إلى المنائر العملاقة، والنقوش والألوان”.
وأشار إلى أن “نغمات الساعات الكبيرة متنوعة بعضها تضم مطرقة وجرسا كبيرين وعندما تدق يسمعها البغداديون على سطوح البيوت ليلا، كما هناك الساعات الألمانية التي صنعت خصيصا لكبار السن وهي تصدر تنبيها كل ربع ساعة”.
وعلى الرغم من قلة عددهم مازال بعض الساعاتيين يزاولون مهنتهم، ومنهم يوسف أبويحيى الذي يزاول مهنته منذ قرابة 41 عاما، حتى إن دكّانه الصغير في العاصمة بغداد بات أشبه بمتحف للساعات القديمة.
وبالرغم من صغر حجمه فإن دكّان أبويحيى الواقع في شارع “الرشيد” بالعاصمة العراقية يحوي المئات من ساعات اليد القديمة من كافة الأنواع والأشكال والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة.
ويمضي أبويحيى البالغ من العمر 53 عاما جلّ وقته في دكانه منشغلا بضبط أوقات سكّان بغداد من خلال إصلاح ساعاتهم.
وبحسب أبويحيى، فإن العراق “لم يعد كما كان، حيث لا تستورد البلاد حاليا بضائع ذات جودة عالية”، مبينا أنهم كانوا سابقا “يستوردون مستلزمات ساعات أصلية من سويسرا، فيما لا يمكنهم القيام بذلك في الوقت الحالي”.