الرياض تطلق مرصدا لتنظيم سوق العمل وتحفيز السعودة

اتسعت تحركات السعودية لتوطين الوظائف في إطار خطط لخفض الأعباء المالية المترتبة على الاعتماد على الوافدين، من خلال إطلاق منصة إلكترونية لتنظيم سوق العمل وتحفيز السعودة في كافة المجالات وفي القطاعين العام والخاص.
الرياض - دشنت السعودية أمس بوابة المرصد الوطني للعمل، وهي منصة إلكترونية تقيس مؤشرات سوق العمل المحلي بالشراكة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، في أحدث خطوة ضمن توطين العمالة المحلية على أسس مستدامة.
ويأتي إطلاق البوابة ضمن مبادرات تحفيز القطاع الخاص للتوسع في التوطين، والتي أعلنت عنها الرياض قبل أشهر قليلة، باعتبارها أحد أبرز المبادرات الوطنية التي ستسهم في تحسين وتطوير سوق العمل ودعم صناع القرار.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية لمدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) محمد بن أحمد السديري قوله إنّ “بوابة المرصد الوطني للعمل، ستسهم في دعم التحول الاستراتيجي من خلال توفير البيانات والمعلومات حول المواضيع الرئيسية والمستقبلية لسوق العمل في السعودية”.
وأكد في كلمة له خلال تدشين المنصة أن الصندوق يعمل وفق شراكة استراتيجية مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة، “لدعم وتمكين أبناء الوطن من الفرص الوظيفية في سوق العمل، من خلال برامج ومبادرات تأهيلية وتدريبية وتوظيفية، وسط بيئات عمل منتجة ومحفزة ومستقرة”.
وأضاف “تجسدت الأهداف الاستراتيجية للمرصد في توفير بيانات دقيقة وموثوقة وتقديم التحليلات والمرئيات لشركاء العمل، وبناء شبكة من الخبراء والمختصين لمواجهة تحديات سوق العمل، وإدارة ونشر المعرفة”.
ويعكس هذا التحرك حرص السلطات على مواجهة تحديات البطالة والتقليل من الاعتماد على العمالة الأجنبية، وفق برنامج التحول الاقتصادي، الذي تنكب الحكومة على تنفيذه منذ الإعلان عنه في أبريل 2016.
12.8 بالمئة معدل البطالة في الربع الثالث من 2018 نزولا من 12.9 بالمئة بمقارنة سنوية، وفق الهيئة العامة للإحصاء
وإلى جانب صندوق هدف، شارك في بناء المنصة الإلكترونية كل من وزارة التعليم ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ووزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
وفي السابق كان السعوديون يسجلون بياناتهم الشخصية ومؤهلاتهم وخبراتهم العملية وسيرهم الذاتية عن طريق نظام إلكتروني لدى جهة التقديم والتي تشمل وزارة الخدمة المدنية وصندوق تنمية الموارد البشرية.
ولا يخضع الباحثون عن عمل في السجلات الإدارية السعودية استنادا لذلك النظام لمعايير وشروط البطالة المتعارف عليها دوليا والمعتمدة من قبل منظمة العمل الدولية.
ووفق أحدث بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية حول سوق العمل، فإن مؤشر البطالة انخفض بشكل بسيط في الربع الثالث من العام الماضي ليبلغ نحو 12.8 بالمئة بعدما كان عند نحو 12.9 بالمئة على أساس سنوي.
وتستهدف الرياض في رؤيتها المستقبلية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى نحو 10.6 بالمئة بحلول عام 2020 على أن تبلغ النسبة 7 بالمئة في عام 2030.
وتسعى الدولة الخليجية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عبر برنامج التحول الوطني إلى توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول العام المقبل.
وعملت كافة الجهات المعنية على تطوير المرصد بالأجهزة والبرمجيات اللازمة وقد تم استكمال البنية التحتية وكذلك تفعيل اتفاقيات وتبادل البيانات وجمعها لتكون مرجعا لمتخذي القرارات المتعلقة بسوق العمل.
وسيقوم المرصد ببناء مؤشرات سوق العمل وتعريفها وصياغة معادلاتها والتي تهتم بمؤشرات المشتركين في التأمينات الاجتماعية من القطاع الخاص، ومؤشرات الحراك والاستقرار الوظيفي ومؤشرات توظيف الخريجين ومؤشرات المنشآت الخاضعة لبرنامج (نطاقات).
كما سيعمل على برنامج بحثي مع كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفرد لتعزيز العمل البحثي التطبيقي في بناء برامج وسياسات سوق العمل القائمة على البراهين، وتحديد آليات التدخل المناسبة لتطويرها.
ولا يتوقف عمله عند ذلك الحد، بل سيركز على معرفة المهن الأعلى طلبا، بالإضافة إلى التخصصات والقدرات والكفاءات والمهارات المطلوبة عبر عقد شراكات مع منظمات دولية على غرار إنسياد والبنك الدولي ومعهد الملك عبدالله بجامعة الملك سعود.
ودخل سوق العمل السعودي مطلع العام الحالي مرحلة جديدة بتشديد سياسات توطين الوظائف من خلال تطبيق منع تشغيل الأجانب في 5 قطاعات اقتصادية من إجمالي 12 نشاطا في تجارة التجزئة.
وشملت الإجراءات توطين المهن في منافذ البيع في أنشطة محلات الأجهزة والمعدات الطبية ومحلات مواد الإعمار والبناء ومحلات قطع غيار السيارات ومحلات الحلويات، إضافة إلى متاجر السجاد بجميع أنواعه.
وكثفت الرياض إصلاحات سوق العمل خلال العامين الماضيين من خلال إحلال العمالة السعودية محل العمالة الأجنبية في العديد من القطاعات الاقتصادية.
واشترطت تشغيل العمالة المحلية فقط في العديد من القطاعات مثل التأمين والاتصالات والمواصلات. كما فرضت رسوما على تشغيل كل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين السعوديين في الشركات العاملة في السعودية.
ويشير محللون إلى أن القرارات المتتالية ستؤدي إلى توفير مئات الآلاف من الوظائف للسعوديين والسعوديات، في كافة مناطق البلاد بالتزامن مع تسريع إطلاق مشاريع استثمارية جاذبة للعمالة السعودية في تلك القطاعات.