الرياض تتحفظ على زيادة إنتاج النفط كي لا تلدغ مرتين

طهران تتشبث بسراب إمكانية خنق صادراتها النفطية رغم الضغوط الأميركية.
الأربعاء 2019/05/01
إغلاق جميع المنافذ أمام تسويق الحصة الإيرانية

كشفت قفزة أسعار النفط الثلاثاء عن جدية التحفظ السعودي على الاندفاع في زيادة الإمدادات لحين اتضاح مدى تأثر الأسواق بخنق الإمدادات الإيرانية الذي يبدأ الخميس. ويبدو أن الرياض ترفض أن تلدغ مرتين، بعد أن زادت إمداداتها بشكل كبير في نوفمبر لتفاجأ بانحدار الأسعار بعد إعفاءات أميركية مفاجئة.

موسكو - أكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الثلاثاء أن الرياض لن تتسرع في زيادة الإمدادات لتعويض فقدان النفط الإيراني بسبب العقوبات الأميركية، وأنها ستواصل التقيّد بالاتفاق العالمي لخفض الإنتاج، والذي قد يتقرّر تمديده إلى نهاية العام الحالي.

وقرّرت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عدم تجديد إعفاءات شراء النفط الإيراني، التي منحتها في نوفمبر لثمانية بلدان، لتعتمد نهجا أكثر تشددا مما كان متوقعا. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط على خلفية المخاوف من شحّ المعروض.

وجاءت تصريحات الفالح لوكالة الإعلام الروسية بعد أسبوع على تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه تحدث مع كبار منتجي منظمة أوبك وحصل على تعهدات بزيادة الإنتاج. ولم يحدد الفالح ما إذا كان هناك تغيير في مستويات الإنتاج بعد يونيو.

خالد الفالح: لن نتسرع في زيادة الإمدادات لتعويض غياب النفط الإيراني
خالد الفالح: لن نتسرع في زيادة الإمدادات لتعويض غياب النفط الإيراني

ويكشف التحفظ السعودي أن الرياض ترفض أن تلدغ مرتين بعد أن زادت إمداداتها بشكل كبير في نوفمبر الماضي مع بدء فرض العقوبات الأميركية على قطاع النفط الإيراني، لكنها فوجئت بمنح إعفاءات مجانية، ما أدى لانحدار الأسعار بعد إعفاءات أميركية مفاجئة.

وقفزت أسعار النفط بنحو 40 بالمئة منذ يناير مدعومة بتخفيضات تحالف “أوبك+” للإمدادات وكذلك العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا. وقد تجاوز مزيج برنت الثلاثاء حاجز 73 دولارا للبرميل بدعم من التحفظ السعودي.

قال الفالح لوكالة الإعلام الروسية، تعليقا على بيان ترامب، إن السعودية مستعدة لتلبية طلب مستهلكي الخام بعد انتهاء إعفاءات شراء نفط إيران، وتعويض غيابها بإمدادات سعودية.

وتشبثت إيران الثلاثاء بإمكانية تفادي خنق صادراتها النفطية. وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن طهران ستواصل تصدير النفط رغم الضغط الأميركي الرامي إلى وقف صادرات البلاد من النفط الخام تماما.

وقال في خطاب بثه التلفزيون الحكومي على الهواء إن “قرار أميركا بإيصال صادرات النفط الإيرانية إلى صفر قرار خاطئ وغير صحيح ولن نسمح بتنفيذه”.

وأضاف أن “الأميركيين سيرون في الأشهر المقبلة أننا سنواصل صادراتنا النفطية”.

لكن روحاني بدأ في الوقت نفسه يائسا من إمكانية ذلك، حين حوّل تركيزه أمس على دعوة عمال بلاده إلى تعزيز إنتاج وتصدير المنتجات غير النفطية. وقال إنهم أصبحوا “على خط جبهة” لأن الأمر يتعلّق بالتصدّي للعقوبات الأميركية على إيران.

وطرحت شركة النفط الوطنية الإيرانية أمس مليون برميل من الخام الثقيل في بورصة الطاقة الإيرانية، في مسعى إلى جذب مشترين جدد ومن القطاع الخاص.

وبحسب وزير الاقتصاد الإيراني فرهد داجبسند فقد بلغت عوائد البلاد من صادرات النفط 40 مليار دولار خلال السنة المنتهية في مارس الماضي. وتوقع أن تبلغ 30 مليار دولار خلال السنة الحالية.

ولكن رغم التعديلات التي تفرض على المصدرين إدخال عائدات صادراتهم إلى إيران، فان ربع قيمة أرباح الصادرات من المنتجات غير النفطية فقط يدخل إيران.

وتجارة النفط الخام تسيطر عليها الدولة في إيران، لكن في محاولة للالتفاف على عقوبات الولايات المتحدة، بدأت الحكومة العام الماضي البيع إلى مشترين من القطاع الخاص من خلال البورصة.

وقالت وكالة أنباء فارس إن سبعين ألف برميل بيعت بسعر 60.68 دولارا للبرميل. ولا تكشف إيران عن هوية المشترين من القطاع الخاص في بورصة الطاقة تخوّفا من أن يصبحوا هدفا للعقوبات الأميركية.

حسن روحاني: على عمال إيران تعزيز تصدير المنتجات غير النفطية
حسن روحاني: على عمال إيران تعزيز تصدير المنتجات غير النفطية

وكان منتجو منظمة أوبك وروسيا ومنتجون آخرون في تحالف أصبح يعرف باسم “أوبك+” قد توصلوا أواخر 2018 لاتفاق على خفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا لدعم الأسعار أكثر.

ومن المقرّر أن يلتقي المشاركون في التحالف في 25 و26 يونيو المقبل لاتخاذ قرار بشأن تمديد الاتفاق أو تعديل الإنتاج المستهدف.

ولمّحت موسكو الشهر الماضي إلى أن أوبك وحلفاءها ربما يرفعون إنتاج النفط الشهر المقبل لتحسين أوضاع السوق وتراجع المخزونات.

وقالت مصادر من أوبك إن لجنة من وزراء الطاقة بكبرى الدول المنتجة للنفط، بينها السعودية وروسيا، تُعرف باسم لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، ستلتقي في الـ19 مايو لمناقشة أوضاع سوق النفط والخروج بتوصيات قبل اجتماع يونيو.

ومن أهم اللاعبين في سياسة موسكو حيال أوبك إيجور سيتشين الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت الروسية العملاقة.

ويقول سيتشين، وهو حليف لبوتين، إن روسيا تفقد حصة في السوق لصالح الولايات المتحدة التي لا تشارك في تخفيضات الإنتاج، بل وزادت إنتاجها لمستويات قياسية بلغت حوالي 12 مليون برميل يوميا.

وفي الأسبوع الماضي، لمّح سيتشين إلى أن روسيا لن تساعد في إحلال النفط الإيراني بالسوق بعد انتهاء الإعفاءات.

وبموجب اتفاق أوبك+، يمكن للسعودية ضخّ ما يصل إلى 10.3 مليون برميل يوميا، لكنها صدرت في الأشهر الأخيرة ما دون مستوى سبعة ملايين برميل يوميا.

وبلغت أسعار النفط خلال الأيام الماضية أعلى مستوياتها منذ نوفمبر، بعد أن قالت واشنطن إن جميع الإعفاءات من عقوبات نفط إيران ستنتهي هذا الأسبوع، مما يفرض ضغوطا على المستوردين لوقف الشراء من طهران ويزيد شحّ الإمدادات العالمية.

11