الرياضة سلاح فعال لمحاربة الاكتئاب

التمارين تخفض احتمالات الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة الشديد إلى النصف تقريبا.
الأحد 2024/11/24
كلما زادت التدريبات تراجعت حدة أعراض الاكتئاب

يؤكد خبراء اللياقة البدنية على أهمية الرياضة في علاج الاكتئاب عموما، واكتئاب ما بعد الولادة خصوصا. وأشار الخبراء إلى أنه كلما زاد حجم التدريب، تراجعت حدة أعراض الاكتئاب لدى الأمهات. ولتحقيق هذا التأثير قال الخبراء "تتوجب ممارسة الرياضة بمعدل لا يقل عن 80 دقيقة أسبوعيا، مع مراعاة توزيعها على أربعة أيام على الأقل."

برلين - تعد الرياضة سلاحا فعالا لمحاربة الشعور بالكآبة، وذلك وفقا لنتائج دراسة حديثة، حسب ما أفاد به موقع الصحة “أبوينت. دي” الألماني.

وأوضح الموقع، الذي يعد بوابة الصحة الرسمية للصيادلة الألمان، أنه تم استخدام بيانات من 35 دراسة بإجمالي 4072 مشاركة من 14 دولة للتحليل الشامل. ووجدت الدراسة أنه بالمقارنة مع عدم ممارسة الرياضة، فإن ممارسة الرياضة لم تكن مرتبطة بأعراض أقل حدة من الكآبة فحسب، بل ساهمت أيضا في خفض احتمالات الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة الشديد إلى النصف تقريبا.

وكان هذا التأثير أكثر وضوحا عندما بدأ التدريب خلال الأسابيع الاثنى عشر الأولى بعد الولادة. وكلما زاد حجم التدريب، تراجعت حدة الأعراض. ولتحقيق هذا التأثير “تتوجب ممارسة الرياضة بمعدل لا يقل عن 80 دقيقة أسبوعيا، مع مراعاة توزيعها على أربعة أيام على الأقل،” حسب خبراء اللياقة البدنية.

وتشمل الرياضات المناسبة لهذا الغرض المشي السريع والتمارين الرياضية المائية وركوب الدراجات الرياضية وتمارين تقوية العضلات.

جدير بالذكر أن الكآبة هي حالة نفسية تحدث بعد الولادة بفترة قصيرة، وتكون مصحوبة بمجموعة متنوعة من الأعراض مثل التقلبات المزاجية والبكاء والقلق والحزن وضعف التركيز وانخفاض الروح المعنوية وفرط الحساسية للنقد والتهيج وسرعة الاستثارة وعدم التفاعل أو الترابط مع الطفل واضطرابات النوم.

وإلى جانب المواظبة على ممارسة الرياضة ينبغي أيضا دعم الأم نفسيا وعاطفيا من قبل الأهل والأقارب، لاسيما الزوج. وفي الحالات الشديدة يمكن أيضا اللجوء إلى الأدوية مثل مضادات الاكتئاب.

الرياضات المناسبة لهذا الغرض تشمل المشي السريع والتمارين الرياضية المائية وركوب الدراجات الرياضية وتمارين تقوية العضلات

بدورها أشارت أكبر دراسة تحليلية للأدلة إلى أن ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة اكتئاب ما بعد الولادة، وتخفِّض إلى النصف تقريبا خطر إصابة الأمهات الجدد بالاكتئاب السريري الشديد.

ومع ذلك أقر الباحثون في الدراسة بأن إيجاد متسع من الوقت وسط الكثير من المسؤوليات والتحديات الجديدة لن يكون سهلاً، ويجب إعطاء الأولوية للتعافي من الولادة.

وأضافوا أن الأمهات الجدد يمكنهن استئناف ممارسة الرياضة بالمشي اللطيف، وهو ما يمكنهن القيام به مع أطفالهن، ثم زيادة النشاط إلى المعتدل عندما يكنّ مستعدات لذلك.

ويمكن أن يشمل هذا النشاط البدني المعتدل المشي السريع، أو التمارين الرياضية المائية، أو ركوب الدراجات الثابتة أو تدريبات المقاومة، وفقا لفريق الأكاديميين في كندا.

كما تظهر الأبحاث الخاصة بالاكتئاب والقلق أن التمارين الرياضية وغيرها من الأنشطة البدنية قد تساعد على الحد من القلق، وتحسين المزاج وتخفيف المشكلات الصحية الأخرى.

وتوصّلت دراسة جديدة إلى أنّ ممارسة نشاط معتدل لمدة 20 دقيقة يوميًا، لخمسة أيام في الأسبوع، قد تقلل من خطر أعراض الاكتئاب بشكل كبير لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، وغالبًا ما يعانون من أمراض مرتبطة بالاكتئاب، مثل مرض السكري وأمراض القلب والألم المزمن.

ممارسة أكثر من ساعة من التمارين الرياضية متوسطة الشدة كل أسبوع قد تقلل من شدة اكتئاب ما بعد الولادة

وتعرّف المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها النشاط البدني المعتدل عادةً بأنه نشاط “يقطع الأنفاس” بحيث يصعب على الشخص التحدث أثناء القيام به. ويشمل المشي السريع وركوب الدراجات الهوائية والرقص ولعب التنس والركض صعودًا ونزولاً على السلالم. وإذا زاد مستوى التمرين إلى درجة أقوى مثل الركض أو الجري، يصبح التنفس سريعًا ويرتفع معدل ضربات القلب، فيمكن عندها تقليل الوقت الذي يقضيه الشخص في التمرين.

وقال ليرد إنّ “الأمر الفريد (المتصل بهذه الدراسة) هو أنها أول وأكبر تحقيق لمجموعة طولية، سواء مع مرض مزمن أو من دونه، لمحاولة معرفة الحد الأدنى من فترة تمارين قصيرة بهدف ملاحظة الفروقات في حالات الاكتئاب.”

وأضاف “نحن لا ندعو إلى خفض مستويات النشاط في أي مجموعة سكانية، لكن هذه النتائج تشير إلى أنه حتى المدة الأدنى من تلك الموصى بها قد تحمي الصحة العقلية بمرور الوقت لدى كبار السن.” وتابع “قد تكون هذه الفترات القصيرة أكثر قابلية للتحقيق لأنّ الكثير من كبار السن قد يجدون صعوبة في القيام بنشاط بدني لعدد كبير من الأسباب.”

وعندما يعاني الشخص من الاكتئاب أو القلق، يظن غالبًا أن ممارسة التمارين الرياضية هي آخر شيء قد يود فعله، لكن بمجرد البدء والاستمرار يمكن أن تُحدث التمارين الرياضية فارقًا كبيرًا.

وتساعد ممارسة التمارين الرياضية في الوقاية من عدة مشاكل صحية أو تخفيفها، بما في ذلك ضغط الدم المرتفع والسكري والتهاب المفاصل. وتوضح الأبحاث التي أجريت على الاكتئاب والتوتر وعلاقتهما بممارسة الرياضة أن فوائد الصحة العقلية والبدنية للرياضة يمكن أن تساعد في تحسين الحالة المزاجية وتحد من الشعور بالقلق.

ورغم أن العلاقة بين الشعور بالاكتئاب والقلق وممارسة الرياضة ليست واضحة بما فيه الكفاية، إلا أن ممارسة التمارين وغيرها من أشكال النشاط البدني يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب أو القلق، وتجعل الشخص يشعر بالتحسن. وقد تساعد ممارسة التمارين الرياضية أيضًا في عدم الشعور بالاكتئاب والقلق مرة أخرى بعد شعور الشخص بالتحسن.

Thumbnail

وفيما يتعلق بالأمهات قال الباحثون إن الاكتئاب والقلق لدى الأمهات شائعان نسبياً بعد الولادة، ويرتبطان بانخفاض رعاية الذات ورعاية الرضيع والترابط، ما قد يؤثر بدوره على التطور المعرفي والعاطفي والاجتماعي للطفل.

وأشار الباحثون إلى أن العلاجات التقليدية للاكتئاب والقلق في الأسابيع والأشهر الأولى بعد الولادة تتضمن في الغالب الأدوية والاستشارة المتخصصة، التي غالبا ما ترتبط بالآثار الجانبية وضعف الالتزام، ونقص الوصول في الوقت المناسب والتكاليف.

وسابقا أظهرت الأبحاث أن النشاط البدني علاج فعال للاكتئاب والقلق بشكل عام. ولكن حتى الآن لم يكن معروفاً ما إذا كان يمكن أن يقلل من شدة الشعور بالكآبة بعد الولادة في الأسابيع القليلة الأولى، أو يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد بعد الولادة بعدة أشهر، وفق الباحثين.

وفي تحليل نُشر بالمجلة البريطانية للطب الرياضي نظر الباحثون في 35 دراسة شملت أكثر من 4 آلاف امرأة من 14 دولة مختلفة، وجمع الفريق البيانات من الأدلة المتاحة بشأن تأثير التمارين الرياضية بعد الولادة.

وقد انخفض خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد بعد الولادة بنسبة 45 في المئة بين النساء اللواتي مارسن الرياضة مقارنة بمن لم يفعلن ذلك. وارتبط التمرين بأعراض أقل حدة للاكتئاب والقلق بعد الولادة.

وارتبط بدء التمرين قبل 12 أسبوعاً من الولادة بانخفاض أكبر في أعراض الاكتئاب مقارنة ببدئه لاحقاً. ووجد البحث أنه كلما زاد حجم التمارين الرياضية، انخفضت شدة الأعراض.

14