الرياضة تعزز استقرار دورات النوم والاستيقاظ

التدريبات تحفز إنتاج هرمون الميلاتونين وتحسّن المزاج.
الأحد 2025/02/16
ممارسة اليوغا تساعد على الاسترخاء

يشير خبراء اللياقة البدنية إلى أهمية الرياضة ودورها في الحفاظ على استقرار دورات النوم والاستيقاظ، مؤكدين أنها تعمل على تقليل إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول وتحفيز إنتاج هرمون النوم المعروف بالميلاتونين، ما يؤدي إلى تحسين جودة النوم. وتُعتبر ممارسة الرياضة قبل النوم من العادات الصحية التي لها إسهام مباشر في جودة النوم.

برلين - تعد ممارسة الرياضة سلاحا فعالا لمواجهة مشاكل النوم، وفق ما أفادت به مجلة “التوقيت البيولوجي والنوم”.

وأوضحت المجلة أن ممارسة الرياضة تعمل على تعزيز استقرار دورات النوم والاستيقاظ وتنظيم الإيقاع اليومي، كما أنها تساعد على إعادة ضبط الإيقاعات المضطربة، وخاصة في حالات اضطرابات النوم الناجمة عن الشغل في نوبات العمل أو الحصص ذات التوقيت المختلف.

وتسهم ممارسة الرياضة أيضا في تقليل إفراز هرمونات التوتر مثل “الكورتيزول” من ناحية وتحفيز إنتاج هرمون النوم الميلاتونين وتحسين الحالة المزاجية من ناحية أخرى، ما يؤدي إلى تحسين جودة النوم.

وتعمل الرياضة على تقوية القلب وخفض معدل ضرباته أثناء الراحة وتقليل الإجهاد القلبي الوعائي أثناء النوم، ما يساهم في الحصول على نوم أعمق وأكثر راحة.

وأكدت مجلة “التوقيت البيولوجي والنوم” على أهمية التوقيت المناسب لممارسة الرياضة، موضحة أن ممارسة الرياضة في وقت متأخر من المساء يمكن أن تؤخر إطلاق هرمون النوم الميلاتونين، ما يجعل النوم أكثر صعوبة، في حين أن ممارسة الرياضة قبل النوم بأربع إلى ثماني ساعات تعمل على تحسين جودة النوم؛ ذلك أنها تساعد على النوم بشكل أسرع والنوم طوال الليل لفترة أطول.

ممارسة الرياضة قبل النوم بأربع إلى ثماني ساعات تعمل على تحسين جودة النوم؛ حيث أنها تساعد على النوم بشكل أسرع

ويمكن تعزيز تأثير ممارسة الرياضة من خلال اتخاذ بعض التدابير المهمة مثل تعيين وقت محدد للنوم وتجنب التعرض للمثيرات والمنبهات قبله.

وتُعتبر ممارسة الرياضة قبل النوم من العادات الصحية التي لها تأثير مباشر في جودة النوم. فالعقل والجسم مرتبطان بصورة وثيقة، وأي نشاط بدني يمكن أن يساعد على توفير بيئة ملائمة للاسترخاء والنوم العميق وصرف الطاقة الزائدة.

ولممارسة التمارين الرياضية بانتظام فوائد عديدة، بما في ذلك تحسين النوم، حيث يمكن أن تعزز الاسترخاء وتقلل القلق وتنظم إيقاع الساعة الداخلية.

وتزيد التمارين الرياضية أيضًا من درجة حرارة الجسم الأساسية. وعندما تبدأ في الانخفاض يشعر الشخص بالنعاس.

وكان يُعتقد منذ مدة طويلة أن ممارسة الرياضة قبل النوم يمكن أن تجعل من الصعب الحصول على قسط جيد من الراحة في الليل. لكن وفقًا لبحث حديث قد لا يكون هذا صحيحًا بالضرورة، فقد توصلت الدراسات إلى أنه من الممكن الاستمتاع بالتمارين الرياضية في وقت قريب من وقت النوم دون التأثير سلبا في جودة النوم.

ويشير الخبراء إلى أنه ينبغي على الشخص أن يكون على دراية بالتوقيت الدقيق، ويركز على نوع التمرين الذي لن يؤثر على قدرته على النوم والاستمرار في النوم.

وتدحض الدراسات الحديثة الفكرة القائلة بأن ممارسة الرياضة في وقت متأخر جدًا من اليوم يمكن أن تعطل نوم الشخص.

الرياضة عند المساء مفيدة
الرياضة عند المساء مفيدة 

وفي دراسة أجريت عام 2020 زار 12 من الذكور الأصحاء مختبرا في ثلاث ليال منفصلة. لقد قاموا إما بتمرين هوائي متوسط الشدة لمدة 30 دقيقة، أو 30 دقيقة من تمارين المقاومة متوسطة الشدة، أو لم يمارسوا أي تمرين على الإطلاق. وانتهى كل تمرين قبل 90 دقيقة من موعد النوم.

وأثناء نوم المشاركين في المختبر قاس الباحثون درجة حرارة أجسامهم الأساسية وجودة نومهم. وقرر الباحثون أن التدريبات المسائية معتدلة الشدة لا تؤثر على نوم المشاركين.

وتوصلت دراسة أخرى لعام 2020 إلى نتائج مماثلة، حيث أنهى ستة عشر رجلاً وامرأة تدريبات متوسطة الشدة في أوقات مختلفة، بما في ذلك أربع ساعات أو ساعتان قبل النوم. ووجد الباحثون أن ممارسة الرياضة في المساء لا تؤثر سلبا في قدرة المشاركين على النوم.

كما حللت مراجعة أجريت عام 2019، 23 دراسة حول التمارين الليلية والنوم. وحددت المراجعة أن التدريبات المسائية يمكن أن تحسن النوم طالما تم التمرين بكثافة معتدلة، وليست شديدة، وانتهت قبل النوم بأكثر من ساعة.

ووفقًا لبحث جديد، فإن القيام بتمارين معتدلة الشدة خلال 60 إلى 90 دقيقة من وقت النوم لا يؤثر سلبا في قدرة الشخص على الحصول على نوم جيد في الليل.

ويؤكد خبراء اللياقة البدنية على الترابط الوثيق بين التمرين الرياضي والنوم. ويُعرف التمرين الرياضي والنوم باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للصحة الجيدة والعافية. فكلاهما يؤثر بشكل كبير على الطاقة والمزاج والصحة العقلية والجسدية. ولكن غالباً ما يُنظر إليهما على أنهما شيئان منفصلان، في حين أن الحقيقة هي أن هناك علاقة مترابطة ووثيقة بينهما. فالتمرين المنتظم يحسن نوعية النوم، بينما يساعد النوم الكافي على تعزيز فوائد التمرين.

كما يُحسّن التمرين المنتظم نوعية النوم وكميته. فهو يُساعد على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم، وهو ما يُعزز دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية. ويُقلل التمرين الرياضي أعراض الأرق، ويُحسّن كفاءة النوم، ما يعني قضاء وقت أقل في السرير لتحقيق نفس مستوى الراحة. لكن من المهم ملاحظة أن توقيت التمرين الرياضي يؤثر على جودته؛ فالتمرين القريب من وقت النوم قد يُعيق القدرة على النوم بشكلٍ مريح.

الرياضة تعمل أيضا على تقوية القلب وخفض معدل ضرباته أثناء الراحة وتقليل الإجهاد القلبي الوعائي أثناء النوم
الرياضة تعمل أيضا على تقوية القلب وخفض معدل ضرباته أثناء الراحة وتقليل الإجهاد القلبي الوعائي أثناء النوم

وتحسن التمارين الهوائية، مثل الجري والسباحة، نوعية النوم وتقلل الأرق. أما تمارين القوة (مثل رفع الأثقال) فقد تساعد على تحسين نوعية النوم، ولكن قد تزيد من التوتر إذا تمت ممارستها قبل النوم مباشرة.

ويرى الخبراء أن النوم الكافي ضروري لتحقيق أقصى استفادة من التمرين الرياضي. وأثناء النوم يُصلح الجسم نفسه، وتُبنى العضلات، ويُفرز هرمون النمو. وتعيق قلة النوم هذه العمليات، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الأداء الرياضي وزيادة خطر الإصابة وبطء التعافي بعد التمرين. كما أن قلة النوم تُؤدي إلى زيادة الشعور بالتعب، ما من شأنه أن يُقلل الرغبة في ممارسة الرياضة.

وتساعد ممارسة التمارين الرياضية أيضًا على تحسين النوم لدى العديد من الأشخاص، حيث يمكن أن تزيد التمارين المعتدلة إلى الشديدة من جودة النوم للبالغين عن طريق تقليل الوقت اللازم للنوم وتقليل الوقت الذي يقضيه المرء في السرير خلال الليل، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساعد النشاط البدني على تخفيف النعاس نهارًا وتقليل حاجة بعض الأشخاص إلى الأدوية المساعدة على النوم.

كما يمكن أيضًا أن تحسن التمارين الرياضية النوم بطرق غير مباشرة، حيث يمكن أن تقلل التمارين المعتدلة إلى الشديدة من خطر زيادة الوزن، وهو ما يجعل الشخص أقل عرضة للإصابة بأعراض انقطاع التنفس خلال النوم، حيث ترجع حوالي 60 في المئة من حالات انقطاع التنفس خلال النوم الذي يتراوح بين المعتدل والشديد إلى السمنة، على الرغم من أن العلاقة بين الوزن وانقطاع التنفس أثناء النوم معقدة.

وتركز الكثير من الدراسات والاستطلاعات على آثار ممارسة التمارين الرياضية على الأشخاص في مختلف المجموعات السكانية، حيث تحدثت إحدى الدراسات عن طلاب الجامعات خلال فترات الامتحانات ووجدت أن ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني يمكن أن يقللا التوتر المرتبط بالامتحانات. إضافة إلى ذلك وجدت دراسة أخرى أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وخاصة التمارين الهوائية، تقلل الأعراض لدى الأشخاص المصابين بانقطاع التنفس خلال النوم، حتى لو لم يفقدوا أي وزن بعد ممارستهم للرياضة.

14