الرجال ضحايا من الدرجة الثانية

الرجال اليوم -خاصة الذين ذاقوا عنف الزوجات واكتووا بناره- يرون أن قوانين الأسرة قد ظلمتهم، بل وقلبت الأمور رأسا على عقب، فركزت على تحسين وضع المرأة، وتجاهلت حال الرجل.
الأربعاء 2019/04/10
لا أحد يتعاطف مع الرجل المُعَنف

عند الحديث عن العنف الأسري، لماذا نفترض دائما أن المرأة هي الضحية، وهي الطرف الواقع عليه الظلم، بينما يتراءى لنا الرجل طرفا ظالما؟

باستثناء “الديكة”، لن نجد اختلافات واضحة في النزعة العدوانية لدى فصائل الحيوان، بل هناك شواهد تشير بوضوح إلى أن أنثى الحيوان أكثر عدوانية من الذكور، فميزان العنف يميل إلى الإناث، يجمع على ذلك أهل الخبرة. والحال أن الأمر لا يختلف عند البشر.

متابعة سريعة لصفحات الحوادث والجرائم، في صحف التابلويد، تؤكد هذه الحقيقة، حيث تزعم دراسة صادرة عن “مركز الأقصر للدراسات والحوار” أن “أكثر من نصف الأزواج في مصر تعرضوا للضرب من زوجاتهم”.

ولا يقتصر العنف، المسلط على الرجال، على العنف الجسدي، بل تتعدد أشكاله وتتنوع، من تهديد وتخويف وتنمر، إلى عنف لفظي، إلى إهانة واستهزاء وسخرية، غالبا ما تتم على مرأى ومسمع من الملأ.

عندما تتعرض المرأة للعنف من قبل الرجل، تجد من يتعاطف معها ويؤازرها، بين أهلها وأصدقائها، وبين رجال الشرطة والقانون، بينما يعاني الضحايا من الرجال بصمت، خوفا من نظرات الازدراء، وخوفا من التشكيك في رجولتهم. وغالبا ما تتجاهل الشرطة حالات الرجال الذين يتعرضون للعنف من قبل زوجاتهم، فهم ضحايا من “الدرجة الثانية” لا تؤخذ شكواهم على محمل الجد.

أشهر ضحايا العنف ضد الرجال هو الفيلسوف اليوناني سقراط. كانت زوجته قد عُرِفت بسلاطة اللسان، وكان هو يفضل الهرب من المنزل طوال النهار، تجنبا لنوبات غضبها، وصوتها يتردد على مسامعه ومسامع تلامذته، محملا بالتهديد والوعيد والإهانات.

حدث مرة أن سكبت الماء على رأسه، وهو واقف وسط تلامذته تحت شرفة المنزل، فكظم غيظه، ومسح الماء عن وجهه، وتابع كلامه قائلا: بعد كل تلك الرعود.. لا بد أن يهطل المطر.

الرجال اليوم -خاصة الذين ذاقوا عنف الزوجات واكتووا بناره- يرون أن قوانين الأسرة قد ظلمتهم، بل وقلبت الأمور رأسا على عقب، فركزت على تحسين وضع المرأة، وتجاهلت حال الرجل.

عندما منحت القوانين المرأة حق الطلاق للضرر، لم تعالج قضية السكن للطرفين، فمنحت الزوجة حق الحصول على المنزل والإقامة فيه، كما منحتها حق التمتع بالنفقة وحضانة الأطفال. وجردت الرجل من جميع حقوقه، لا يفكر أحد في حاله، بعد أن “تخلعه” زوجته وترمي به إلى الشارع.

تسلح سقراط بروح السخرية، في مواجهة نوبات زوجته، وما لحق به من عنف وشتم وإهانات. ورغم ما ذاقه منها، نصح تلامذته قائلا: يجب أن يتزوج الشباب على كل حال، فإن رزقوا بزوجة حكيمة، غدوا سعداء، وإن منحتهم الأقدار زوجة شريرة نكدية، أضحوا فلاسفة.

يبدو أن العالم سيمتلئ قريبا بالفلاسفة.

21