الرئيس العراقي: استهداف منزل الحلبوسي غرضه ضرب استحقاقات وطنية

إصابة طفلين في قصف صاروخي على مقر رئيس البرلمان عقب مصادقة المحكمة الاتحادية على إعادة انتخابه على رأس الهيئة التشريعية.
الأربعاء 2022/01/26
تحالف يغضب الميليشيات

بغداد - وصف الرئيس العراقي برهم صالح استهداف مقرّ رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في قضاء الكرمة بمحافظة الأنبار غرب بغداد بعدة صواريخ مساء الثلاثاء، بأنه عمل إرهابي يستهدف استحقاقات وطنية ودستورية، وطالب برص الصف الوطني لحماية السلم الأهلي.

وقال الرئيس العراقي في تغريدة له على حسابه الشخصي في تويتر، إن "الهجوم الذي طال مقر رئيس مجلس النواب في الأنبار وأسفر عن إصابة مدنيين، عمل إرهابي مستنكر".

وأضاف أن "هذا العمل وتوقيته يستهدفان استحقاقات وطنية ودستورية، ويجب رص الصف الوطني والتكاتف لحماية السلم الأهلي ومنع المتربصين، ومواصلة الطريق نحو تشكيل حكومة عراقية تحمي المصالح العليا للبلد وتستجيب لتطلعات الشعب".

وأعلن الجيش العراقي مساء الثلاثاء تعرّض مسقط رأس رئيس البرلمان إلى هجوم بصواريخ "كاتيوشا"، بعد ساعات على مصادقة المحكمة الاتحادية على إعادة انتخابه على رأس هذه الهيئة التشريعية.

وقالت خلية الإعلام الأمني التابعة لوزارة الدفاع في بيان إن "عملا إرهابيا جبانا استهدف قضاء الكرمة مسقط رأس رئيس مجلس النواب العراقي، حيث سقطت ثلاثة صواريخ من نوع كاتيوشا في مركز القضاء، بعد أن انطلقت من جهة ذراع دجلة باتجاه مركز القضاء".

وأوضح البيان أن الصاروخ الأول سقط خلف مرآب البلدية، بينما سقط الثاني في شارع 20 أمام دار أحد المواطنين، والثالث سقط في منطقة الرشاد، مما أدى إلى جرح طفلين تم نقلهما إلى مستشفى الكرمة لتلقي الإسعافات اللازمة.

وذكر البيان أن الأجهزة الأمنية شرعت في الإجراءات اللازمة بصدد هذا الحادث. 

وقال مسؤول أمني رفيع طالبا عدم كشف هويته إن صواريخ كاتيوشا سقطت مساء "على مسافة 500 متر" من منزل الحلبوسي.

وأشار المسؤول إلى أن الهجوم "استهدف" رئيس البرلمان، لكنه قال إنه لا يعلم ما إذا كان الحلبوسي متواجدا في المنزل حينها.

وأكد الحلبوسي بعد الحادث في تغريدة له على تويتر، مضيه لضمان السلم الأهلي في البلاد ومحاربة الإرهاب، وقال "ابني، أعتذر منك وأعدك سنستمر بقضيتنا ليتحقق الأمل في دولة يسودها العدل ويزول عنها الظلم وتندحر فيها قوى الإرهاب واللادولة، كي تنعموا بالسلام والأمان".

وأعيد انتخاب الحلبوسي زعيم تحالف "تقدم" السني (37 مقعدا) والبالغ 41 عاما، رئيسا للبرلمان. وكان يترأس البرلمان السابق منذ العام 2018.

وشهدت البلاد خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الهجمات استهدفت مقار الأحزاب التي يمكن أن تتحالف مع تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لتشكيل ائتلاف برلماني، بغية الاتفاق على شخصية تتولى رئاسة الحكومة، بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي.

وابتدأت الهجمات بمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في العاصمة بغداد، وبعد يومين تعرض مقر تيار "تقدم"، الذي يتزعمه الحلبوسي، ومقر "عزم" برئاسة خميس الخنجر في العاصمة بغداد لهجومين مماثلين، قبل أن يلحق بها بعد نحو أسبوع مقر مكتب النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي شاخوان عبدالله.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر طالب في تغريدة على تويتر مساء الأربعاء الماضي الإطار التنسيقي بتأديب رعاياه وكبح جماحه، محذرا من اللجوء إلى العنف واستهداف مقرات الأحزاب المتوقع أن تشكل الحكومة العراقية المقبلة.

وفي تغريدة على تويتر قال الصدر إن "بعض القوى السياسية المعترضة على الانتخابات سابقا، وعلى حكومة الأغلبية الوطنية حاليا لجأت إلى القضاء العراقي، ولم يصدر منا تعليق بخصوص ذلك، فهو أمر قانوني متاح للجميع، بل كان ذلك مدعاة للرضا من قبلنا، وإن لم يصلوا مبتغاهم حسب المعطيات القانونية".

وأضاف "أما أن يلجأ بعض المحسوبين عليهم إلى العنف واستهداف مقرات الأحزاب الموالية لحكومة الأغلبية فهذا أمر لا يرتضيه العقل والشرع والقانون، وعلى العقلاء منهم المسارعة في كفكفة غلواء هذه الجماعات الغوغائية، وكبح جماحها، فليس من المنطقي أن يلجأ السياسي إلى العنف إذا لم يحصل على مبتغاه، فالسياسة يوم لك ويوم عليك".

وتذهب أصابع الاتهام في الوقوف وراء تلك الهجمات نحو قوى الإطار التنسيقي الذي تعاضدت خسارته بعد اقتراب الصدر من القوى السنية الأكبر "تقدم" و"عزم"، وثالثهما الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، من أجل الحصول على الغالبية المطلقة (النصف زائد واحدا من أعضاء البرلمان)، لتسمية رئيس للوزراء، يقتضي العرف أن يكون شيعيا.

ورجح مختصون بالشأن السياسي أن تلك الهجمات تقف وراءها بعض القوى الشيعية المقربة من إيران والمتضررة انتخابيا، بهدف الضغط على القوى المتحالفة مع الصدر للرجوع خطوة نحو الوراء.

ومدفوعا بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد (73 مقعدا من أصل 329)، كرر الصدر إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية"، ما سيشكّل انقطاعا مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.

وتعترض قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران على مساعي الصدر في رفع شعار "حكومة الأغلبية الوطنية"، التي ترى فيها إقصاء لثقلها من المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة.

وطيلة الأشهر الماضية، بذلت قوى الإطار التنسيقي جهودا حثيثة لإقناع الصدر بالعدول عن حكومة الأغلبية الوطنية وفتح باب التحالف معها، إلا أنها فشلت في ثنيه عن ذلك، مما اضطر إيران مؤخرا إلى التدخل بشكل مباشر عبر ابتعاث قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني ومسؤول الملف العراقي في حزب الله اللبناني محمد كوثراني، للدخول على خط التفاهمات بشكل مباشر.