الرئيس التونسي يستبق زيارة ميلوني بتصريحات ضد اتفاق الهجرة

تونس- أكد الرئيس التونسي قيس سعيد رفض بلاده أن تكون معبرا أو مستقرا للهجرة غير النظامية، في موقف يستبق زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وذلك كرد فعل على تعديل السياسات الأوروبية الخاصة بالهجرة، والتي تتحدث عن إعادة المهاجرين إما إلى بلدانهم الأصلية أو دول العبور التي جاؤوا منها.
ولا يستهدف التعديل الأوروبي رفض المهاجرين مطلقا، ولكنه يريد القيام بغربلة تتيح فرز العمالة المفيدة ممن تمتلك دبلومات وخبرات تسهل إدماجها في سوق العمل الأوروبية وإعادة بقية المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، وإن تعذر الأمر تتم إعادتهم إلى البلدان التي وصلوا منها إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وشدد قيس سعيد مجددا على أن “تونس التي تعامل المهاجرين معاملة إنسانية ترفض أن تكون معبرا أو مستقرا (للمهاجرين غير النظاميين)”، وأن “هذه الظاهرة التي تتفاقم كل يوم لم تكن تونس أبدا سببا من أسبابها بل بالعكس هي تتحمل تبعات نظام عالمي أدى إلى هذه الأوضاع غير الإنسانية”.
وتابع “المنظمات الدولية المتخصصة التي كان من المفترض أن تقف إلى جانب تونس تكتفي في أغلب الأحيان بالبيانات أو تحاول فرض أمر واقع لن يقبل به التونسيون أبدا”.
ووفق وسائل إعلام إيطالية تقوم رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني بزيارة إلى تونس في 17 أبريل الجاري، حيث سيكون على رأس اهتماماتها ملف الهجرة المنطلقة من تونس في اتجاه السواحل الإيطالية.
ويرى مراقبون تونسيون أن تصريحات الرئيس سعيد لا تعدو أن تكون تذكيرا بموقف تونس، وهي لا توحي بأيّ توتر في العلاقة مع إيطاليا أو رئيسة وزرائها التي تعتبر الأقرب من بين المسؤولين الأوروبيين إلى تونس.
وقال المحلل السياسي التونسي طارق الكحلاوي إن “تصريحات الرئيس التونسي سياسية بالأساس، لأن الموضوع الرئيسي الذي ستأتي من أجله ميلوني مع وزير الداخلية الإيطالي هو ملف الهجرة”.
وأكد في تصريح لـ”العرب” أنه “علينا أن نعرف ما هو العرض الأوروبي أولا ثم نقدم عرضنا”.
وتابع الكحلاوي “المؤشرات الواقعية تقول إن الحرس البحري له دور كبير في إعادة المهاجرين، وهناك تعاون كبير وواضح بين تونس وإيطاليا”.
وفي الفترة الأخيرة، شهدت تونس تصاعدا لافتا في معدلات الهجرة إلى أوروبا، لاسيما تجاه سواحل إيطاليا، على خلفية الأزمات الاقتصادية والسياسية بالبلاد، ومختلف دول المنطقة.
وتعلن السلطات التونسية بوتيرة أسبوعية إحباط محاولات هجرة إلى سواحل أوروبا، وضبط المئات من المهاجرين، من تونس أو من دول أفريقية أخرى.
وأفاد المحلل السياسي التونسي نبيل الرابحي أن “الرئيس سعيد ذكّر بالموقف التونسي منذ بداية أزمة المهاجرين والذي توّج بإبرام اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى أن يتم تفعيلها بجدية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “قيس سعيد يريد التذكير بهذا الموقف والجلوس إلى طاولة الحوار مع الطرف الأوروبي بندية، وهناك بعض البلدان الأوروبية تتلكأ في تطبيق الاتفاقية”.
وفي سبتمبر 2023، أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، تندرج ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، جزء منها للحد من توافد المهاجرين.
وتابع الرابحي “منذ ستينات القرن الماضي، هناك شراكة تونسية – أوروبية، حيث تتكفل أوروبا بنسبة معينة من تشغيل أصحاب الشهادات وطالبي الشغل، لكن مع الأسف في الفترة الأخيرة بعض الدول الأوروبية أصبحت تضع شروطا صعبة للحصول على تأشيرة، وهذا ما زاد في تدفق المهاجرين غير النظاميين”.
وإلى جانب هذا الإصلاح الذي سيتم تطبيقه في عام 2026، يعمل الاتحاد الأوروبي على زيادة الاتفاقيات مع بلدان المنشأ والعبور للمهاجرين (تونس وموريتانيا ومصر) في محاولة لتقليل عدد الوافدين إلى حدوده.
ويواجه الاتحاد الأوروبي ارتفاعا في طلبات اللجوء التي تخطت 1.14 مليون في عام 2023، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2016، وفقا لوكالة اللجوء الأوروبية.
وازدادت أيضاً عمليات الدخول “غير النظامية” إلى الاتحاد الأوروبي، لتصل إلى 380 ألفًا في عام 2023، بحسب فرونتكس.
ويثير اتفاق الهجرة معارضة طيف واسع من اليمين المتطرف، فضلا عن حزب الخضر واليسار الراديكالي وبعض الاشتراكيين.
كما نددت به منظمات حقوق الإنسان التي تشعر بالقلق وخاصة حيال بند رئيسي يلزم الدول بتوفير مراكز بالقرب من الحدود لاستقبال اللاجئين، ومن ضمنهم العائلات، والذين من غير المرجح أن يحصلوا على اللجوء.
ويتعين توفير حوالي 30 ألف مكان في الاتحاد الأوروبي لهؤلاء المتقدمين الذين ستخضع ملفاتهم لإجراء فحص سريع بهدف تسهيل عودتهم المحتملة.
وتثير نقطة أخرى الجدل ألا وهي إمكانية إبعاد طالب اللجوء، وفق شروط، إلى دولة ثالثة “آمنة”.
ورأى النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان (يسار) فيها “خطوة جديدة نحو الاستعانة بمصادر خارجية لحدودنا”.
وأوضح أن “الدول ستعيد طالبي اللجوء إلى البلدان التي مروا عبرها، دون دراسة طلباتهم، على الرغم من امتلاكهم فرصة للحصول على اللجوء في الاتحاد”.