الرئيس الإيراني يتحمس لـ"حوار بناء" مع أوروبا

بزشكيان الذي وعد بإخراج إيران من عزلتها يتمسك بالحذر في العلاقة مع واشنطن، خاصة في ظل إمساك المرشد الأعلى علي خامنئي بملف العلاقات الخارجية.
الأحد 2024/07/14
من يتحكم بالعلاقات الخارجية: الرئيس أم المرشد

طهران- أبدى الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان استعداده للدخول في “حوار بناء” مع الدول الأوروبية على الرغم من “تراجعها عن التزاماتها” لتخفيف تأثير العقوبات الأميركية، في رسالة نُشرت السبت في صحيفة محلية باللغة الإنجليزية.

في المقابل يتمسك الرئيس الإيراني الجديد بالحذر في العلاقة مع واشنطن، وهو أمر مفهوم خاصة في ظل إمساك المرشد الأعلى علي خامنئي بملف العلاقات الخارجية.

وكان بزشكيان الذي فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية في السادس من يوليو على المحافظ المتشدد سعيد جليلي، وعد خلال الحملة الانتخابية “بإخراج إيران من عزلتها” من خلال إقامة “علاقات بناءة” مع العالم ولاسيما مع أوروبا.

علي باقري كني: إيران ما زالت تجري محادثات نووية غير مباشرة مع الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان
علي باقري كني: إيران ما زالت تجري محادثات نووية غير مباشرة مع الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان

من جهة أخرى، انتقد انسحاب الولايات المتحدة الأحادي في 2018 من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عنها في مقابل تقييد أنشطتها النووية.

وفي رسالة صدرت في صحيفة “طهران تايمز” بالإنجليزية، كتب بزشكيان أن الدول الأوروبية التزمت بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق المبرم عام 2015، بمحاولة إنقاذ الاتفاق وتخفيف تأثير العقوبات الأميركية.

وقال “تراجعت الدول الأوروبية عن تلك الالتزامات”. وأضاف “على الرغم من هذه الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الدول الأوروبية، أتطلّع إلى الدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا بهدف وضع العلاقات على المسار الصحيح استنادًا إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة”.

وهنأت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي نبيلة مصرالي بزشكيان على انتخابه، مشيرة إلى أن التكتل الذي يضم 27 دولة “مستعدّ للتعامل مع الحكومة الجديدة بما يتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي”.

ويؤدي بزشكيان اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى في 30 يوليو لولاية من أربع سنوات، خلفًا لإبراهيم رئيسي الذي قُتل في تحطم مروحيّته في 19 مايو ما استدعى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وحصد الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي لم يكن معروفًا تقريبًا عند دخوله السباق الرئاسي، نحو 54 في المئة من الأصوات متقدمًا على جليلي الذي حصل على 44 في المئة من الأصوات تقريبًا في انتخابات شارك فيها نحو 50 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 61 مليوناً.

وكان مجلس صيانة الدستور الذي يعد الهيئة المسؤولة عن الموافقة على المرشّحين والإشراف على الانتخابات، قد أقرّ أهلية ستة مرشّحين بينهم إصلاحي واحد هو بزشكيان.

◄ بزشكيان يشدد على "أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أن إيران لا ولن تستجيب للضغوط"

وعرض بزشكيان في الرسالة الخطوط العريضة لسياسته الخارجية وشدد على “ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن تستجيب للضغوط”.

ورأى أطراف اتفاق 2015 مع إيران أنه أفضل طريقة لمنع الجمهورية الإسلامية من بناء قنبلة نووية وهو ما تنفي طهران سعيها للوصول إليه.

وكانت فرنسا وألمانيا عضوا الاتحاد الأوروبي طرفَين في الاتفاق، إلى جانب بريطانيا والصين وروسيا. وحاولت الدول الأوروبية إنقاذ الاتفاق لكن إيران اتهمتها بالتقاعس.

ونقلت صحيفة “اعتماد ملي” الإيرانية الخميس عن علي باقري كني القائم بأعمال وزير الخارجية في إيران قوله إن إيران ما زالت تجري محادثات نووية غير مباشرة مع الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان.

وجاءت تعليقات باقري كني بعد تصريحات لمتحدث باسم البيت الأبيض الاثنين قال فيها إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران في عهد الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان.

ونقل عن باقري كني قوله “تجري محادثات غير مباشرة عبر عمان لكن عملية التفاوض سرية ولا يمكن الحديث عن تفاصيلها”.

ويجري بذل جهود من أجل تهيئة “الأجواء الملائمة” للمفاوضات أمام الحكومة الإيرانية الجديدة التي ستتولى مهامها في الأسابيع القليلة المقبلة.

نبيلة مصرالي: التكتل الذي يضم 27 دولة مستعدّ للتعامل مع الحكومة الإيرانية الجديدة بما يتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي”.
نبيلة مصرالي: التكتل الذي يضم 27 دولة مستعدّ للتعامل مع الحكومة الإيرانية الجديدة بما يتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي”.

وتعهد بزشكيان، الذي يتبنى نهجا معتدلا نسبيا، بانتهاج سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر مع القوى الست الكبرى التي شاركت في المحادثات النووية المتوقفة الآن لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015.

وفي عهد رئيسي، سعت إيران إلى تحسين علاقاتها مع الصين وروسيا وترميم علاقاتها مع جيرانها العرب على رأسهم السعودية، لتجنّب تعميق عزلتها.

لكن الكثير من الإيرانيين يشككون في قدرته على الوفاء بوعود حملته الانتخابية نظرا إلى أن المرشد الأعلى، وليس الرئيس، هو من يملك السلطة العليا في الجمهورية الإسلامية.

وقال بزشكيان “لقد وقفت الصين وروسيا إلى جانبنا باستمرار خلال الأوقات الصعبة. ونحن نقدر هذه الصداقة بشدة”.

وأضاف “روسيا حليف إستراتيجي وجار مهم لإيران وستظل إدارتي ملتزمة بتوسيع وتعزيز تعاوننا”، مشيرا إلى أن طهران ستدعم بقوة المبادرات الرامية إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا.

وتابع “لقد منحني الشعب الإيراني تفويضا قويا لمتابعة المشاركة البناءة بقوة على الساحة الدولية مع الإصرار على حقوقنا وكرامتنا ودورنا المستحق في المنطقة والعالم”.

وقال “أوجه دعوة مفتوحة لكل الراغبين في الانضمام إلينا في هذا المسعى التاريخي”.

وبالنسبة إلى دول الجوار، دعا بزشكيان تركيا والسعودية وسلطنة عمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة إلى “تعميق العلاقات التجارية.. ومعالجة التحديات المشتركة” في المنطقة.

وحظيت الانتخابات الرئاسية الإيرانية بمتابعة دقيقة في الخارج، إذ أنّ إيران، القوّة الوازنة في الشرق الأوسط، هي في قلب الكثير من الأزمات الجيوسياسيّة، من الحرب في غزة إلى الملفّ النووي الذي يُشكّل منذ سنوات مصدر خلاف بين الجمهوريّة الإسلاميّة والغرب ولاسيما الولايات المتحدة.

6