الذكاء الاصطناعي يخذل فيسبوك والروهينغا يهزون عالم التواصل

بانكوك – تعدّ دعوى قضائية تاريخية رفعها عدد من لاجئي الروهينغا ضد شركة ميتا بلاتفورمز، المعروفة سابقا باسم فيسبوك، “دعوة للاستيقاظ” بالنسبة إلى شركات التواصل الاجتماعي واختبارا للمحاكم للحد من حصانة هذه المؤسسات، حسب خبراء حقوق الإنسان والقانون.
وتقول الدعوى الجماعية التي تبلغ قيمتها 150 مليار دولار إن فشل شركة فيسبوك في مراقبة المحتوى وتصميم منصتها ساهم في العنف المسلط على مجتمع الروهينغا. كما قدم محامون بريطانيون خطاب إشعار إلى مكتب فيسبوك في لندن.
وبينما ينقسم المحللون حول القضية وفرص نجاحها، قال نشطاء من الروهينغا إن اعتبارهم مهاجرين غير شرعيين في ميانمار لم يترك أمامهم سوى خيارات قليلة.
وقال ناي سان لوين، الشريك المؤسس لمجموعة مناصرة لـ”تحالف الروهينغا الحر”، والذي واجه انتهاكات على فيسبوك، “لقد خسر الروهينغا كل شيء. لكن في ميانمار لا يوجد قانون يحمينا”. وأضاف أن “فيسبوك استفادت من معاناتنا. ليس أمام الناجين خيار سوى رفع دعوى ضد فيسبوك. سيكون عدم تعويض الروهينغا الناجين عن خسائرهم ظلما”.
ولم ترد ميتا على طلب للتعليق. لكن متحدث باسمها قال إن الشركة تجد الجرائم المرتكبة ضد الروهينغا في ميانمار مروعة، وذلك في بيان سابق ردا على الدعوى.
وأكد إنشاء فريق مخصص من المتحدثين البورميين، وحظر جيش ميانمار وتعطيل الشبكات التي تتلاعب بالنقاش العام واتخاذ إجراءات بشأن المعلومات المضللة الضارة للمساعدة في الحفاظ على سلامة الجميع. كما تحدث عن استثمار الشركة في تكنولوجيا اللغة البورمية للحد من انتشار المحتوى المخالف.
وبعد يوم من رفع الدعوى قالت ميتا إنها ستحظر عدة حسابات مرتبطة بجيش ميانمار، وذكرت يوم الأربعاء أنها بنت نظام ذكاء اصطناعي جديدا يمكنه التكيف بسهولة أكبر لاتخاذ إجراءات عاجلة تجاه أنواع جديدة أو متطورة من المحتوى الضار.
وقالت ديبي ستوتهارد، مؤسسة شبكة آسيان البديلة بشأن بورما (ألتسين)، وهي مجموعة مناصرة، إن هذه علامة على اهتزاز شركة التكنولوجيا العملاقة. واعتبرت أن توقيت هذه الإعلانات يظهر أن الدعوى كانت دعوة للاستيقاظ. وترى الدعوى القضائية بحد ذاتها خطوة جريئة.
وقال محققو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة في 2018 إن استخدام فيسبوك لعب دورا رئيسيا في نشر خطاب الكراهية الذي أجج العنف ضد الروهينغا.
كما وجد تحقيق أجرته رويترز في ذلك العام، ورد في الدعوى الأميركية، أكثر من ألف مثال على المنشورات والتعليقات والصور التي تهاجم الروهينغا وغيرهم من المسلمين على منصة فيسبوك.

لكن الأنظمة الأساسية في الولايات المتحدة مثل فيسبوك تتمتع بحماية من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون بموجب قانون يُعرف بالمادة 230. وتقول دعوى الروهينغا إنها تسعى لتطبيق قانون ميانمار على الدعاوى إذا اعتمدت المادة 230 كدفاع.
وقال إريك غولدمان، أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة سانتا كلارا، “بناءً على السوابق يجب أن تخسر هذه القضية. لكن هناك الكثير من الكراهية تجاه فيسبوك في الوقت الحاضر، مما جعل كل شيء ممكنا”.
وفي حين يرى صنّاع التكنولوجيا في المادة 230 حماية حاسمة أصبح القانون مثيرا للجدل بشكل متزايد مع تنامي قوة شركات الإنترنت. وفي وقت سابق من هذا العام وضع مارك زوكربيرغ، مدير شركة ميتا التنفيذي، خطوات لإصلاح القانون قائلا “إن حصانة الشركات من المسؤولية يجب أن تتحقق فقط إذا اتبعت أفضل الممارسات لإزالة المواد الضارة من منصاتها”.
وقال ديفيد كاي، محامي حقوق الإنسان الذي يرأس مجلس إدارة مبادرة الشبكة العالمية، وهي مجموعة تضم فيسبوك وشركات التكنولوجيا الأخرى، إن الدعوى القضائية تسلط الضوء على أنه “يمكن للشركة الاعتذار كما يحلو لها، ولكن تضر الناس في نهاية المطاف… وهؤلاء الأشخاص عديمو الجنسية لا يمكنهم الذهاب إلى حكومة ميانمار للدعم. وإذا لم يتمكنوا من الذهاب إلى الشركة، فما الحل؟”.
وفتحت المحكمة الجنائية الدولية قضية في اتهامات بارتكاب جرائم. وأمر قاضٍ فيدرالي أميركي في سبتمبر فيسبوك بنشر سجلات الحسابات المرتبطة بالعنف ضد الروهينغا في ميانمار. وقالت ستوتهارد إن متابعة التقدم في الدعوى القضائية ستتجاوز الروهينغا وستشمل الجماعات والأفراد الآخرين الذين تضرروا من خطاب الكراهية عبر الإنترنت.
وتابعت “عانى اللاجئون والمهاجرون والأقليات الأخرى من أضرار جسيمة. ليس السؤال الذي يجب طرحه هل ستنجح الدعوى، وإنما لماذا كانت ضرورية؟ فهي تتعلق بتحميل شركات التواصل الاجتماعي المسؤولية”.