الذكاء الاصطناعي يتوقع مشكلات البنية التحتية ويعالجها

نجحت شركة أميركية في تطوير منتجات جديدة ضمن برنامج أسسته يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويساعد على التنبؤ بمشكلات المرافق والبنية التحتية مثل إمدادات الكهرباء والمياه كما يوفر الحلول الآلية والفورية لمعالجتها. وهذا الابتكار الجديد ليس سوى مرحلة جديدة من مراحل تعزيز ثقافة البنايات الذكية التي تعتمد في إدارتها وتركيبتها على الإمكانيات التقنية المتطورة والتي أصبحت تنتشر مع انتشار الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لإيجاد الحلول اللازمة للمشكلات اليومية الأكثر تعقيدا.
واشنطن- في عصر التكنولوجيا الحديثة وتطور استخدامات الذكاء الاصطناعي، أصبح العالم يتحدث عن مفهوم جديد للبنايات هي البنايات الذكية التي تعتمد في إدارتها وتركيبتها على الإمكانيات التقنية المتطورة.
ومع النمو في التكنولوجيا والبنية التحتية، هناك تطورات سريعة في البنية التحتية المعرفة بالبرمجيات والحوسبة السحابية. وقد مكن هذا البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لتكون مرنة وغير ملموسة وحسب الطلب. من ناحية أخرى، فإن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات ليست ذكية بعد بما يكفي لفهم العلاقة بين العناصر التقنية، والتعرف على اتجاهات البيانات واتخاذ القرارات المناسبة، لذلك يتدخل الذكاء الاصطناعي لسد هذا الفراغ، إذ يتيح الوصول إلى موارد الحوسبة وإدارتها لتدريب واختبار ونشر خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
ومن هذا المنطلق، تم ابتكار برنامج تكنولوجي جديد في الولايات المتحدة يمكن من التنبؤ بمختلف المشكلات التقنية التي قد تحدث في مرفق ما أو بناية ما يساعد مثلا في تجنب انقطاع الكهرباء أو المياه أو الإنترنت.
وتطور شركة “إنسايت فايندر” الأميركية منتجات للاستفادة من أبحاثها في مجال الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بمشكلات المرافق والبنية التحتية مثل إمدادات الكهرباء والمياه وحلها آليا.
ونجحت هيلين جو، مؤسسة شركة “إنسايت فايندر” والأستاذة في جامعة نورث كارولينا والتي أمضت 10 أعوام في دراسة هذه المشكلات قبل تأسيس شركتها لأول مرة عام 2015، في استقطاب رامي السعيد الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة ديستيل نتوركس للعمل كرئيس تنفيذي للشركة التي تركز على تطوير تكنولوجيا مراقبة شبكات البنية التحتية.
ونقل موقع “تك كرانش” المتخصص في موضوعات التكنولوجيا عن السعيد القول “وجدنا أن هذه المشكلات تتكرر وأنه توجد مؤشرات تسبق حدوثها. ونحن نستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل التنبؤ بهذه المشكلات والتحرك لحلها قبل وقوعها”.
وأوضح أنهم يستخدمون التكنولوجيا بطريقة وقائية واستباقية، مشيرا إلى أن التكنولوجيا التي طورتها الشركة تستطيع منع وقوع حوالي نصف المشكلات التي قد تتعرض لها شبكات المياه أو الكهرباء.
ويرى السعيد أن منتجات شركة “إنسايت فايندر” تمثل أحدث تكنولوجيا في مجال التنبؤ بالمشكلات وحلها، وهي تساعد الشركات في تقليل الضجيج الناتج عن أنظمة الإنذار التي تعمل في حال حدوث مشكلة في إمدادات الكهرباء أو المياه، حيث يتم تتبع المشكلة ورصدها آليا وحلها إذا كان ذلك ممكنا.
وأضاف السعيد أن الشركة “هي الوحيدة التي تستطيع تلقي الكثير من الإشارات وتستخدمها للتنبؤ بحدوث المشكلات. فهي لا تساعد فقط في تقليل الإنذارات واكتشاف المشكلة بسرعة وإنما تأخذ كل البيانات وتقوم بتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي لكي تتنبأ بالمشكلة وتمنع وقوعها، وهو ما لا يمكن لأي شخص آخر القيام به”.
وتسعى شركة “إنسايت فايندر” الناشئة لنقل التعلم الآلي إلى مراقبة النظام في البنايات والمرافق وغيرها من البنى التحتية لتحديد المشكلات الشائعة وحلها تلقائيا.
وفي الوقت الراهن، تتثبت الشركة من البرنامج بشكل مباشر لمجموعة محددة من زبائنها الحاليين لكنها تخطط لأن يكون في متناول المزيد من الزبائن في وقت لاحق من العام الحالي.
وقال السعيد إن “المنتج قيد الاستخدام اليوم في 10 شركات كبيرة، لكن غير متوفر على نطاق واسع في السوق”. وأكد أن الشركة تعتزم تسويقه بشكل عام خلال العام الحالي.
وتأسست شركة “إنسايت فايندر” بفضل منح تحصلت عليها من المؤسسة الوطنية (الأميركية) للعلوم لإنشاء أداة ذكاء اصطناعية يمكنها اكتشاف مشكلات البنية التحتية في وقت مبكر.
ويستخدم المنتج، الذي يحمل الاسم نفسه لشركة “إنسايت فايندر”، الذكاء الاصطناعي لتحديد مشكلات تكنولوجيا المعلومات بشكل مسبق باستخدام تقنيات تحليل البيانات التي طورتها هيلين جو.
ويحدد برنامج “إنسايت فايندر” المشكلات من خلال تحليل الأنواع المختلفة من البيانات الناتجة عن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركة. ويتم تحليل كل المؤشرات المتوفرة والتي يمكن أن تعبر عن التقلبات في أداء الخادم والسجلات العامة أو سجلات أحداث معينة مثل تعطل الأجهزة أو تعطل التطبيق.
ويتصل البرنامج بتلك البيانات من خلال روابط أكثر من 10 أدوات مراقبة إلكترونية شائعة. وتعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي الناشئة عند بدء تشغيل البرنامج على تجميع المعلومات التي تمكن من توقع أنماط المشكلات المحتملة. وعندما يقوم البرنامج باكتشاف مشكلة فنية قادرة على التسبب في انقطاع التيار الكهربائي، يقوم بإخطار المسؤولين وإنشاء اقتراحات علاجية.
وإلى جانب القدرة على اكتشاف المشكلات التي يمكن أن تسبب الضرر لشبكات الكهرباء أو المياه، يمكن للبرنامج جمع أنواع مختلفة من بيانات البنية التحتية ما يتيح له توفير معلومات أخرى مفيدة للمسؤولين.
ويسلط برنامج “إنسايت فايندر” الضوء على النقاط التي تستوجب التحسين في المرفق أو البناية، ويمكّن عن طريق علامات تتبع يضعها بين الأنظمة المختلفة المكونة للبنية التحتية من مساعدة المسؤولين على معرفة كيفية تعاظم المشكلات التقنية.
ويستخدم البرنامج الحالات الشاذة المكتشفة في البنية التحتية والمعرفة السابقة بأنظمة التشغيل المختلفة لإنشاء تنبيهات مخصصة تساهم في تقديم أفضل الخدمات للزبائن.
كما يعمل البرنامج من خلال تجميع وتحليل البيانات لرد الفعل بطريقة استباقية وتقديم رؤية واضحة عن وضع البنية التحتية في المستقبل.
ويمتاز البرنامج بوظائف عديدة من بينها: القضاء على الضوضاء، تحديد مصادر الضوضاء، عزل أسباب المشكلات المحتملة، كشف المشكلات الأساسية وتقديم الأفكار والتوصيات وإدخال بيانات جديدة في النظام ، وكذلك التغيير التلقائي وإنشاء خوارزميات جديدة بناء على النتائج التي تم الحصول عليها من التحليلات والذكاء الاصطناعي.
وبفضل الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يصبح من الممكن للنظام أن يتنبأ بالتدريج الذي ستعدل فيه البنية التحتية نفسها تلقائيا وفقا للبيانات السابقة المسجلة.
وبدأ مفهوم البنايات الذكية التي تعتمد في إدارتها وتركيبتها على الإمكانيات التقنية المتطورة، ينتشر شيئا فشيئا مع اتساع نطاق الأبحاث العلمية والابتكارات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتجعل منه مفتاحا لكل الأبواب المغلقة أمام الإنسانية وحلا لكل المشكلات مهما كانت درجة تعقيدها.
وتعتمد هذه المباني الذكية على أنظمة تكنولوجية حديثة توفر العديد من الوظائف الآلية مثل التحكم إلكترونيا في إدارة المبنى أو المكتب ومتابعة أعمال الصيانة والاتصال، كما تتوفر على أنظمة سلامة وأمن لمكافحة الحرائق والسرقات.
البرنامج لا يساعد فقط في تقليل الإنذارات واكتشاف المشكلة وإنما يجمع كل البيانات ويحللها باستخدام الذكاء الاصطناعي لكي يتوقع المشكلة ويمكن من تفاديها
كما توفر الأنظمة الذكية الخاصة بالمباني الحديثة العديد من خدمات الرفاهية والراحة كتكييف الهواء وتدفئة المنزل وتهويته والتحكم في الإضاءة والأجهزة الإلكترونية.
وفي هذا السياق، ابتكر باحثون أميركيون منظومة جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها التحقق من دقة تنبؤات الأرصاد الجوية، والاستفادة من هذه المعلومات من أجل التحكم في أنظمة التدفئة داخل المنازل بشكل أفضل بغرض الحيلولة دون إهدار موارد الطاقة.
وتتضمن المنظومة نموذجا حسابيا يدرس أبعاد المنزل ومواصفاته المختلفة، مثل حجم ومساحة الغرف والمواد المستخدمة في البناء وأماكن النوافذ وغيرها، ويأخذ كافة هذه العناصر في الاعتبار عند ضبط نظام التدفئة الداخلي بالمنزل ليتماشى مع تغير درجات الحرارة.
ويؤكد فينغ كوي يو، الباحث في مجال هندسة أنظمة الطاقة بجامعة كورنيل الأميركية، أن هذه المنظومة الذكية يمكنها توفير استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 10 بالمئة، بحسب ما كشفت دراسة أجراها فريق البحث على بناية تقع داخل حرم الجامعة ويعود تاريخ تشييدها إلى تسعين عاما مضت.
وقال يو “إذا كان من الممكن إكساب البناية ‘الذكاء’ الكافي لفهم تغيرات الطقس، فإنها سوف تقوم بشكل آلي بالتغيرات اللازمة في أنظمة التدفئة والتبريد على نحو يساعد في ترشيد الطاقة وجعل السكان أكثر ارتياحا”.
وقام فريق الدراسة بتغذية المنظومة ببيانات الأرصاد الجوية تم تجميعها على مدار سنوات، من أجل تدريبها على القيام بتنبؤات صحيحة في ما يتعلق بالأرصاد الجوية، وتستطيع المنظومة بفضل هذه البيانات التنبؤ أيضا باحتمالات سقوط الأمطار أو الثلوج وعوامل جوية أخرى.