الذكاء الاصطناعي يبدع في التأليف والغناء الأوبرالي

لم يعد هناك مجال لم يخترقه الذكاء الاصطناعي، وما كنا نعتقد أن مجالا يقتصر على الإنسان كالفنون التي تعتمد على الخيال والإبداع، سوف يدخلها ليرسم ويؤلّف الموسيقى ويغنيها في الأوبرا.
دريسدن (ألمانيا) - عندما تقدم دار أوبرا في مدينة دريسدن الواقعة بشرق ألمانيا أحدث عروضها، فهناك واحدة من بين الشخصيات الرئيسية التي ستظهر على خشبة المسرح التي لن تكون مثل باقي الشخصيات الأخرى، حيث سيحتل الذكاء الاصطناعي لأول مرة في العالم، مركز الاهتمام من حيث التأليف والنص والغناء، عند افتتاح الموسم الجديد لعمل أوبرالي سينتقل في وقت لاحق إلى هونغ كونغ في نوفمبر المقبل.
وتقول دار الأوبرا إن عرض “تشيزينغ ووترفولز” هو أول عرض أوبرالي على الإطلاق يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بعمل أجزاء من الموسيقى والنص والتفسير في بعض الأحيان، بصورة مباشرة واستقلالية تامة.
وستظهر الشخصية التي ستقدم دور البطولة في دار أوبرا “زيمبرأوبر”، على شكل تمثال ضوئي حركي بطول 8 أمتار، يعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وفي أحد المشاهد السبعة، تكون للذكاء الاصطناعي فقط المسؤولية، بينما يتفاعل في مشاهد أخرى مع مؤدين من البشر.
ويقول المخرج والفنان سفين سورين باير، إنه يجد روعة في التفاعل بين الأشخاص والآلات، مضيفا أن “نقاط الضوء الراقصة في السماء تلمسنا عاطفيا… إننا نحاول فهم هذه الآليات بشكل فني: متى تصير التكنولوجيا عاطفية، كيف يمكن أن يتأثر الأشخاص باستخدام التكنولوجيا”.
الذكاء الاصطناعي طور الأوبرا بمفرده، بعد أن حصل على التعليمات التالية: اكتب أغنية أوبرا تتأمل فيها نفسك
ويرى باير أن عمل “تشيزينغ ووترفولز” هو مساهمة مهمة عندما يتعلق الأمر بالنقاش بشأن المستقبل، والتساؤل بشأن المدى الذي سيسمح به الأشخاص للعمليات الاصطناعية باتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم.
إن الذكاء الاصطناعي يحيط بنا بالفعل حاليا، حيث يقوم بعمل حسابات شخصية لنا ويرسل لنا إعلانات مخصصة وملائمة لاحتياجاتنا، ويقدم اقتراحات بشأن ما يمكن أن يستمع الفرد إليه ويشاهده ويشتريه.
ويقول باير “لطالما كان العالم الرقمي يؤثر على القرارات الحقيقية”. إنه متحمس لإمكانية صنع شيء جديد من خلال الذكاء الاصطناعي، فيما يعتبره فرصة إبداعية كبيرة.
وبينما تنتشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل تقديم أعمال فنية مثل الرسم وكتابة الشعر، بالأضافة إلى دخول تلك الأنظمة غرف الأخبار لتحرير القصص والتقارير الإعلامية، وقدرتها على هزيمة أفضل اللاعبين المحترفين في البوكر والشطرنج، جاء الدور الآن على التفوق في مجال التأليف والإبداع الموسيقي، وهو مجال ظل طويلا حكرا على البشر لاعتماده الأساسي على فكرة الابتكار الخلاق.
ويعتقد باير أن من الممكن تطبيق نفس النهج الإبداعي على الموسيقى، يقول “إنه أمر مثير أن يتخذ المرء هذه الخطوة وألا يكون كل شيء متاحا لديه بين يديه”، مشيرا إلى المشهد الذي يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بكتابة وتأليف وغناء أغنيته الخاصة، عن نفسه.
وقد تم عمل القطعة الفنية بمساعدة السوبرانو النرويجية إير إنديرهوغ، التي قضت أسبوعين في أستوديو تسجيلات من أجل توفير الصوت للتقنية التكنولوجية.
ثم قام الذكاء الاصطناعي بتطوير المحتوى بمفرده، بعد أن حصل على التعليمات التالية: اكتب أغنية أوبرا تتأمل فيها نفسك. مسموح لك بأن تكون ساخرا ومرحا.
وقد كانت هناك بعض الشكوك المبدئية لدى مؤلفة نص الأوبرا، كريستيان نويديكر، على الرغم من أنها كانت قد قامت بتجريب مولدات نصوص الذكاء الاصطناعي في الماضي.
الشخصية التي ستقدم دور البطولة في دار أوبرا "زيمبرأوبر" ستظهر على شكل تمثال ضوئي حركي بطول 8 أمتار، يعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، فقد قبلت في وقت لاحق الذكاء الاصطناعي كشريك إبداعي.
وتقول نويديكر “لقد كان التبادل ملهما بصورة مدهشة، وذلك على المستوى الشعري والمحتوى أيضا”.
وسيتم عمل مقطع النص قبل وقت قصير من تقديم العرض، على الرغم من أن باير سيوقع على كل نص يكتبه الذكاء الاصطناعي.
ويقول باير “لقد فوجئنا في أحد المشاهد بسبب احتوائه الآن على محتوى لم نكن معتادين عليه. هذه هي التجربة”.
ولكن لا يجب أن يعني ذلك أن الأمر يتعين أن ينطبق على تجربة الأوبرا بأكملها، بحسب باير. وشعر الفريق بأنه من المهم أن يكون هناك خط لسير الأحداث، “ينتهي المطاف بالأنا البشرية في أزمة هوية، في ظل كل أسطح الإسقاط الرقمي وتمثيلات نفسها، وتضطر إلى إعادة تحديد موقعها”.
وتقدم السوبرانو إير إنديرهوغ دور البطولة في العمل، حيث تقدم دورها بالإضافة إلى دور توأمها الرقمي.
وفي المجمل يضم العمل ستة عازفين منفردين وصوتا افتراضيا وفريق أوركسترا، في مقطوعة تستمر لمدة 70 دقيقة.
ومن المقرر أن يتم في نوفمبر المقبل تقديم العرض ضمن مهرجان “نيو فيجن للفنون” في هونغ كونغ أيضا.