الديمقراطي الكردستاني يحذر بغداد بعد إيقاف تمويل رواتب موظفي الإقليم

أربيل – تواصل الحكومة الاتحادية في بغداد "انتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان" العراق، وفقا لما أعلنه الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الزعيم المخضرم مسعود بارزاني، الذي حذّر من اتخاذ "موقف جدي" في حال عدم إرسال المستحقات المالية للإقليم قبل عيد الأضحى.
ويأتي هذا التحذير في ظل خلفية سياسية معقدة، حيث تسعى بعض قوى الإطار التنسيقي الشيعي المدعومة إيرانيا، والتي شكلت حكومة محمد شياع السوداني، إلى إدخال الإقليم في أزمات اقتصادية وسياسية بهدف إضعافه، وقد هذه القوى افتعلت الكثير من الأزمات لأنه لا يروق لها أن ترى إقليم كردستان مستقرا اقتصاديا وسياسيا.
أفاد بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني اليوم الخميس بأن "الحكومة الاتحادية تواصل انتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وآخر هذه الانتهاكات كتاب وزارة المالية الصادر الأربعاء، والذي يخالف الدستور وأسس اتفاقية تشكيل الحكومة"، ويُعدّ "تسييساً لقوت الشعب".
وكانت وزيرة المالية العراقية، طيف سامي، قد وجّهت الأربعاء كتابا رسميا إلى حكومة إقليم كردستان، تُبلغها بموجبه بأن الوزارة "يتعذّر عليها" الاستمرار بتمويل إقليم كردستان لـ"تجاوزه الحصة (12.67 بالمئة) المقرّرة بقانون الموازنة الاتحادية، بمبلغ (13.547) تريليون دينار من إجمالي الصرف الفعلي".
وذكرت الوزيرة في كتابها حول تمويل شهر مايو، أن الإيرادات النفطية وغير النفطية لإقليم كردستان منذ عام 2023 وحتى أبريل من هذا العام بلغت 19.9 تريليون دينار، لكنه سلّم 598.5 مليار دينار إلى الحكومة الاتحادية.
واستنادا إلى قرار المحكمة الاتحادية (4/اتحادية/303/2025)، قالت طيف سامي إن الوزارة "يتعذّر عليها الاستمرار بتمويل الإقليم"، لما يشكّله ذلك من مخالفة لأحكام قانون الموازنة وقرار المحكمة، إضافة إلى "عدم قيام الإقليم بتوطين رواتب منتسبيه حتى الآن".
وأشار الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيانه إلى أن هذه القضية ستُطرح للنقاش في اجتماع اللجنة المركزية للحزب المقرر عقده في 2 يونيو 2025 لاتخاذ القرار بشأنها. لكن الحزب حذّر من اتخاذه "موقفاً جدياً" سيُعلن عنه في وقت لاحق، "إذا لم تُرسل الحقوق والمستحقات المالية لشعب إقليم كوردستان قبل عيد الأضحى المبارك".
ويُعد قرار وزارة المالية الاتحادية بمنع تمويل إقليم كردستان حلقة جديدة في مسلسل طويل من التجاذبات السياسية والاقتصادية بين بغداد وأربيل.
يشير وكيل وزارة المالية العراقية السابق، ريباز حملان، إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والإطار التنسيقي، وأطراف أخرى، يستخدمون وزيرة المالية كأداة سياسية.
ويرى حملان أن قرار وزيرة المالية "سياسي بحت 100 بالمئة ومخالف لمصالح شعب كردستان، ويتنافى مع الدستور وقانون الموازنة وقرار المحكمة الفيدرالية رقم 224 الذي يلزم الحكومة العراقية بدفع رواتب موظفي إقليم كوردستان واستثنائهم من المشاكل والصراعات".
وأضاف حملان أن بغداد لم تُنفق حصة الإقليم بالكامل من الموازنة، واقتصر الصرف على الرواتب فقط. فمن أصل 11.5 تريليون دينار مخصصة لرواتب الإقليم في عام 2025، تم صرف 3.8 تريليون دينار فقط.
واعتبر أن "ما يحدث الآن في بغداد هو ضد متلقي الرواتب والموظفين والمواطنين في كردستان بشكل مباشر، وهذا جزء من الضغط المستمر من بغداد على المواطنين وحكومة إقليم كردستان". وطالب حملان بالوحدة والتضامن للدفاع عن حقوق الإقليم، ووضع الخلافات الحزبية جانبًا.
من جهتها، أعلنت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي، فيان صبري، عن تقديم مذكرة احتجاج إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اعتراضًا على عدم إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان، مشيرة إلى أن "المحكمة الاتحادية تقف إلى جانب الإقليم في هذا الشأن".
وأوضحت صبري أن الكتل الكردستانية ستتقدم بمذكرة احتجاج رسمية، مؤكدة أن اللجنة المالية طالبت وزيرة المالية بتقديم جداول الإنفاق الفعلي للحكومة العراقية عن جميع أشهر هذا العام، لكنها لم تسلّم سوى جدول شهر يناير.
وتساءلت صبري "كيف يمكنهم الادعاء بأن إقليم كردستان يتلقى أموالًا تفوق إنفاقه الفعلي دون وجود بيانات أو إحصائيات؟".
وأكدت أن جميع الكتل الكردستانية تدرك أن حكومة إقليم كردستان حكومة دستورية، وأن هناك اتفاقا بين الحكومتين يقضي بعدم ربط مسألة الرواتب بالخلافات أو التجاذبات السياسية، مشددة على أن "المحكمة الاتحادية العليا كانت قد أكدت في قرار سابق أن رواتب موظفي إقليم كردستان يجب أن تُستثنى من أي نزاع سياسي، وأن تُصرف في موعدها الشهري دون تأخير أو عوائق".
وتتجاوز أزمة الرواتب الحالية مجرد خلاف إداري أو مالي، لتصبح أداة ابتزاز سياسي تستخدمها بعض قوى الإطار التنسيقي في بغداد بهدف إضعاف إقليم كردستان. وهذا الضغط المستمر، الذي يعكس رغبة في تقويض استقرار الإقليم الاقتصادي والسياسي، يؤدي إلى شلل متزايد في الأسواق ويعمق المعاناة المعيشية للموظفين والمواطنين.
وتكرار هذه الأزمة سنويا، وربط الموازنة بشروط تعجيزية، يحول رواتب الموظفين إلى "سلف" بدلا من استحقاق دستوري، مما يعكس نهًا متعمدًا لإبقاء الإقليم في حالة تبعية مالية.
وهذه السياسة لا تؤثر فقط على القدرة الشرائية للمواطنين، بل تهدد النسيج الاقتصادي والاجتماعي للإقليم، وتضعف قدرته على إدارة شؤونه الذاتية، مما قد يدفع باتجاه مزيد من التوتر السياسي ويزيد من تعقيد العلاقة الهشة أصلاً بين بغداد وأربيل.