الدوبامين عامل مسبب لمرض انفصام الشخصية

استهداف مستقبلات الدوبامين بالأدوية إستراتيجية علاجية جديدة لن تحد من سعادة المريض.
الأربعاء 2022/11/09
مستقبلات الدوبامين عامل خطر

يرتبط مرض انفصام الشخصية، وهو اضطراب مدمر في الدماغ، بالتفكير الوهمي والهلوسة وأشكال أخرى من الذهان. ووجد العلماء أن هذا الاضطراب سببه الدوبامين المعروف بهرمون السعادة، واكتشفوا الآلية التي تجعل مستقبلات الدوبامين عاملا خطيرا. وتوجد الآلية على وجه التحديد في نوع فرعي من مستقبلات الدوبامين، يسمى “المستقبل الذاتي” الذي ينظم كمية الدوبامين التي يفرزها الدماغ.

واشنطن - في دراسة حديثة توصل باحثون إلى حل لغز كان يمثل تحديا علميا على مدى 70 عاما أو أكثر، بشأن كيفية ارتباط الدوبامين الكيميائي في الدماغ بمرض انفصام الشخصية.

ويتسم اضطراب الدماغ المدمر بالتفكير الوهمي والهلوسة وأشكال أخرى من الذهان.

ووفقا للدراسة اكتشف الباحثون دليلا ماديا على أن الخلايا في الجهاز العصبي (الخلايا العصبية) غير قادرة على التحكم بدقة في مستويات الدوبامين. كما حدد الباحثون الآلية الجينية التي تتحكم في تدفق الدوبامين الذي يعرف بأنه “هرمون السعادة”.

وقال دانييل وينبرجر، الرئيس التنفيذي ومدير معهد ليبر في أميركا والمؤلف المشارك في الدراسة، “إلى حد الآن لم يتمكن العلماء من فك شفرة ما إذا كانت صلة الدوبامين هي العامل المسبب أم مجرد وسيلة لعلاج مرض انفصام الشخصية”. وأضاف أن لديهم أول دليل على أن الدوبامين هو عامل مسبب لهذا المرض.

ويعمل الدوبامين كمرسل كيميائي يبعث إشارات بين الخلايا العصبية في الدماغ لتغيير نشاطها وسلوكها. والمادة الكيميائية هي الناقل العصبي المكافئ الذي يمكّن الناس من الشعور بالمتعة.

المستويات غير المنتظمة من الدوبامين لها علاقة بالذهان، وهي مسبب رئيسي لمرَضيْْ انفصام الشخصية والزهايمر

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تؤثر الحالة على واحد من كل 300 شخص في العالم. وتبدأ الأعراض عادة في أواخر مرحلة المراهقة أو بداية البلوغ، على الرغم من أن الضعف الإدراكي والسلوك غير المعتاد يظهران أحيانا في مرحلة الطفولة.

وتشمل العلاجات الحالية الأدوية المضادة للذهان التي تعالج أعراض الذهان وليس السبب.

وقالت الدكتورة جينيفر إروين، المحققة في المعهد والمساهمة في تأليف الدراسة، “إن أحد الآثار الجانبية الرئيسية للأدوية المستخدمة في معالجة انفصام الشخصية هو قلة المتعة والفرح. ومن الناحية النظرية، إذا تمكنا من استهداف مستقبلات الدوبامين بالأدوية على وجه التحديد، فقد تكون هذه إستراتيجية علاجية جديدة لن تحد من سعادة المريض بنفس القدر”.

وقد عرف العلماء على مدى سنوات أن المستويات غير المنتظمة من الدوبامين لها علاقة بالذهان، وهي مسبب رئيسي لمرضيْ انفصام الشخصية والزهايمر وأيضا الاضطرابات العصبية والنفسية الأخرى.

ومن المعروف أن الأدوية التي تزيد الدوبامين في الدماغ، مثل الأمفيتامينات، تسبب الذهان، بينما الأدوية التي تعالج الذهان تفعل ذلك عن طريق التقليل من نشاط الدوبامين.

وقام الباحثون في الدراسة بفحص المئات من عينات أدمغة ما بعد الوفاة، التي تم التبرع بها لمعهد ليبر من قبل أكثر من 350 شخصا، بعضهم مصاب بانفصام الشخصية وآخرون لا يعانون من أمراض نفسية.

واكتشف الفريق الآلية التي تجعل مستقبلات الدوبامين عاملا خطيرا. وتوجد الآلية على وجه التحديد في نوع فرعي من مستقبلات الدوبامين، يسمى “المستقبل الذاتي” الذي ينظم كمية الدوبامين التي يتم إفرازها.

وإذا وقع اختراق المستقبلات الذاتية يتم التحكم في تدفق الدوبامين داخل الدماغ بشكل سيء، ويتدفق الكثير من هذا الدوبامين لفترة طويلة جدا.

حل لغز كان يمثل تحديا علميا
حل لغز كان يمثل تحديا علميا

ويقول الباحثون إن انخفاض التعبير عن هذا المستقبل الذاتي في الدماغ يفسر الدليل الجيني على خطر الإصابة بالمرض.

وأشاد بالدراسة عالم الأعصاب الدكتور سول سنايدر، الذي اكتشف أن الأدوية المضادة للذهان تعمل عن طريق التقليل من الدوبامين في المخ، باعتبارها إنجازا كبيرا في طور التكوين.

وأضاف “هناك الكثير من البيانات المشوشة التي تشير إلى أهمية مستقبلات الدوبامين والدوبامين في حالة مرض انفصام الشخصية. إن الإنجاز الرئيسي الذي قام به هؤلاء الباحثون هو جمع البيانات معا وبطريقة مقنعة لإثبات أن أنظمة الدوبامين خارجة عن السيطرة في حالة مرض انفصام الشخصية، وهذا سبب (من أسباب) المرض”.

وانفصام الشخصية هو اضطراب نفسي شديد يؤثر على 24 مليون شخص تقريباً أو على شخص واحد من كل 300 شخص في مختلف أنحاء العالم.

ويسبّب انفصام الشخصية الذهان ويعدّ معيقاً بشكل كبير وقد يؤثر على جميع مجالات الحياة، بما فيها الأداء الوظيفي الشخصي والأسري والاجتماعي والتعليمي والمهني. ومن الشائع أن يتعرض المصابون بانفصام الشخصية للوصم والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان.

17