الدعم المالي للصحافة المكتوبة في المغرب خطوة أولى على طريق طويل

تعد خطوة الحكومة المغربية بتقديم دعم اجتماعي للصحفيين في قطاع الصحافة المكتوبة مهمة وأساسية لتحسين ظروفهم وبالتالي رفع أدائهم المهني، لكنها بحاجة إلى أن تشمل العاملين في القطاع الإلكتروني.
الجمعة 2015/12/18
أصبح للعمل طعم آخر

الرباط- رحب العديد من الصحفيين المغربيين بتوقيع وزارة الاتصال المغربية اتفاقية شراكة مع جمعية الأعمال الاجتماعية لصحفيي الصحافة المكتوبة، تتعلق بتقديم دعم اجتماعي تكميلي لصالح الصحفيين العاملين في قطاع الصحافة المكتوبة، بقيمة 12 مليون درهم على سنتين 2015 و2016.

وتلتزم وزارة الاتصال حسب نص الاتفاقية بمنح دعم قدره 12 مليون درهم (مليون ومئتا ألف دولار) خلال عامي 2015 و2016، ويستفيد من الدعم التكميلي كافة الصحفيين المهنيين المشتغلين بقطاع الصحافة المكتوبة والحاصلين على بطاقة الصحفي المهني، وذلك بصيغة دعم ثابت لذوي الأجور الدنيا ومنح لتشجيع الدراسة ودعم التنقل والسكن، ودعم العلاج وإعطاء منح استثنائية في مواجهة بعض الحالات الاجتماعية من قبيل فقدان الشغل أو الوفاة.

واعتبر عدد من الإعلاميين أن هذه الخطوة غير كافية لأنها استثنت قطاع الإعلام الإلكتروني، الذي يحتاج إلى الكثير من الدعم ويعاني العاملون فيه من تدهور أوضاعهم واستغلالهم من قبل بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية.

وقال محمد لغروس مدير نشر ورئيس تحرير موقع “العمق المغربي” الإلكتروني، في تصريحات لـ”العرب”، إن “الدعم التكميلي الذي وجهته وزارة الاتصال لصحفيي الصحافة المكتوبة وحاملي بطاقة الصحافة المهنية يعد في منتهى الخطورة وغير مسبوق، حيث إنها التفتت للجانب الاجتماعي للصحفيين وهو الجانب المهمل منذ سنوات، فالصحفيون يكتبون عن أوضاع الناس جميعا ومن الحيف ألا أحد يهتم بهم أو يكتب عنهم، ولعل واقع أجور أغلبيتهم الساحقة وواقع معيشهم اليومي ومعاناتهم من الكراء (الإيجار) والتنقل، بالإضافة للضغط المستمر تجعل وبشكل جلي واقع الكثير منهم في حالة يرثى لها، وهم اختاروا الاشتغال في مهنة تتشرف لوحدها بحمل شعار مهنة المتاعب كما أنها تمارس في بلد نام وما يزال في طور الانتقال إلى الديمقراطية.

ويرى لغروس، أن هذه الخطوة رغم أهميتها فإنها لا تخرج عن نطاق الحلول الترقيعية لأن الجسم الصحفي المغربي للأسف ما يزال يفتقد لمؤسسات على شكل تعاضديات مثلا، تهتم بالأمور الاجتماعية للصحفيين على غرار عدد من المهن الأخرى وبالتالي فمبادرات الحكومة في هذا الاتجاه لا تخرج عن مقاربة إحسانية تبقى محدودة الغلاف المالي ومحدودة المستهدفين وغير استثمارية ولا منتجة.

محمد لغروس: الدعم بعد عام يعد صفعة لمدراء الجرائد الذين كانوا يريدون الاستحواذ عليه

وأضاف أن “هذه المبادرة تمارس نوعا من الحيف والإقصاء غير المبرر وغير معقول تجاه الصحفيين المهنيين المنتسبين للصحافة الإلكترونية، متسائلا، “كيف يعقل أن يتم حرمان 100 صحفي مهني منتسب للصحافة الإلكترونية بشهادة وزارة الاتصال من الاستفادة من هذا الدعم؟”، مشيرا إلى أن خروج هذا الدعم إلى الوجود بعد قرابة السنة من الحديث عنه، يعد صفعة لمدراء الجرائد الذين كانوا يريدون الاستحواذ على الدعم من أجل صرفه بطريقتهم الخاصة والتي تعكس تعميق الوضعية الاجتماعية للصحفيين.

من جهته قال رشيد البلغيتي صحفي وعضو هيئة تحرير موقع “لكم” الإكتروني، في تصريح لـ”العرب”، “من حيث المبدأ، اعتبر أن هذا الدعم التكميلي لكافة الصحفيين المهنيين المشتغلين بقطاع الصحافة المكتوبة والحاصلين على بطاقة الصحفي المهني، من خلال دعم ثابت لذوي الأجور الدنيا ومنح لتشجيع الدراسة ودعم التنقل والسكن، كل هذه الأشياء إيجابية وتأتي كحل جزئي لواقع مرير تعيشه ما أسميها ‘بروليتاريا’ المؤسسات الإعلامية بالمغرب، ويعتبر حلا لما يتقاضاه صحفيون من أجور هزيلة وواقع اجتماعي مرير يزكيه الإطار القانوني المسمى بالاتفاقية الجماعية والتي تعتبر جد مجحفة في حق العاملين في القطاع.

وأضاف البلغيتي “أعتقد أن الحل يكمن في تحمل النقابة والفدرالية لمسؤوليتهما في المراجعة العاجلة والشاملة لهذه الاتفاقية بما يجعلها مستجيبة للتحديات الحالية ومحترمة للوضع الاعتباري للصحفي، عدا هذا فإن كل ما يحدث لا يتجاوز سلوك المنة والصدقة حتى أخذت المنة طابعا أو لبوسا مؤسساتيا”.

وكان وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي قد أكد، خلال توقيع الاتفاقية، على أهمية هذا الإجراء المتعلق بإرساء نظام للدعم الاجتماعي موجه للموارد البشرية العاملة في الصحافة المكتوبة، وهو دعم نتج عن حوار امتد طيلة سنتين بشراكة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية وجمعية الأعمال الاجتماعية لصحفين الصحافة المكتوبة، وهو يهدف بالأساس إلى وضع آلية للدعم العمومي يشرف عليها الصحفيون. وأضاف الخلفي أن هذا المشروع تم إعداده باستشارة الأمانة العامة للحكومة وبتنسيق مع جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافة المكتوبة التي عملت على مراجعة قانونها الأساسي ليشمل الخدمات الجديدة، وبناء على الدراسة التي أنجزت حول وضعية الأجور في مقاولات الصحافة المكتوبة، مشيرا إلى أن أهمية هذا الإجراء تكمن في كون الحد الأدنى للأجور الذي تنص عليه الاتفاقية الجماعية لم تتم مراجعته منذ حوالي عشر سنوات، في الوقت الذي تضاعفت التحديات الاجتماعية بالنسبة للصحفيين.

بدوره أكد عبدالله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن هذه “اللحظة تُعد وليدة ظروف قاسية وعسيرة من العمل، على اعتبار أن الأمر يتعلق بموضوع تم الاشتغال عليه منذ حوالي 15 سنة، وتم تجريب عدة مداخل لمعالجته بداية بالعمل على إنشاء جمعية متخصصة، وتقديم مقترح قانون في البرلمان يتعلق بإحداث تعاضدية خاصة بتقديم الدعم الاجتماعي لفائدة الصحفيين، بالإضافة إلى الاستعانة بخبراء متخصصين”.

18