الدعاية الحربية تشوش على ما يجري في مدينة أم درمان التاريخية

الجيش السوداني وإن حقق تقدما في بعض الأحياء من المدينة وبعض الطرقات لكن ذلك لا يعني أنه استطاع قلب موازين القوى.
السبت 2024/03/02
لا أفق قريبا للحل

أم درمان (السودان) - أم درمان التي تعرف بالضلع الثالث للعاصمة السودانية، إلى واجهة الأحداث في الفترة الأخيرة، على وقع إعلانات متتالية للجيش السوداني عن إحراز تقدم في المدينة، آخرها اقترابه من مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ اليوم الأول من اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي.

ويرى نشطاء أن إعلانات الجيش المتكررة عن انتصارات في أم درمان لا تعدو كونها دعاية حربية، حيث إن قوات الدعم السريع لا تزال تبسط سيطرتها على معظم المدينة التاريخية، مشيرين إلى أن الجيش كان روج لنجاحه في السيطرة على مقر الهيئة العامة للإذاعة، قبل أن يتراجع ويعلن أنه بات على أعتابه.

ويشير النشطاء إلى أن الجيش يعمد إلى شن هجمات خاطفة هي أشبه بحرب عصابات على مواقع لقوات الدعم السريع ويتم تصويرها ونشرها على حساباته الإلكترونية على أنها تقدم جديد وذلك في سياق الحرب النفسية. ويقول النشطاء إن الجيش وإن حقق تقدما في بعض الأحياء من المدينة وبعض الطرقات لكن ذلك لا يعني أنه استطاع قلب موازين القوى.

فولكر تورك: المنع المتعمد لوكالات الإغاثة يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب
فولكر تورك: المنع المتعمد لوكالات الإغاثة يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب

ويركز الجيش السوداني اهتمامه على أم درمان التي يفصلها نهر النيل عن العاصمة السودانية، الخرطوم، وقد غير من إستراتيجيته في المدينة من الدفاع إلى الهجوم، مراهنا على تكتيكات حرب الشوارع والمسيرات في مواجهة قوات الدعم السريع، إضافة إلى سلاح الجو. وتكمن الأهمية الإستراتيجية لأم درمان في كونها مدخلا مهما للخرطوم من الناحيتين الشمالية والغربية، كما تضم قاعدة كرري العسكرية وسلاح المهندسين والسلاح الطبي.

وفقد الجيش السوداني منذ بداية الحرب في الخامس عشر من أبريل السيطرة على العاصمة المثلثة الممثلة في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، ومعظم أنحاء إقليم دارفور وجزء كبير من جنوب كردفان، لكنه لا يزال يراهن على الحسم العسكري متجاهلا واقع أنه يقود البلاد نحو فوضى عارمة.

وإلى جانب محاولات تجنيد المدنيين من أنصار الحركة الإسلامية، يسعى الجيش إلى اعتماد المساعدات الإنسانية كسلاح في حربه ضد الدعم السريع، وهو ما يظهر بشكل واضح في منع الإعانات من الوصول إلى إقليم دارفور. وحذر فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الجمعة، من أن المنع المتعمد والواضح لوكالات الإغاثة من الوصول الآمن إلى داخل السودان الذي تمزقه الحرب يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب.

وقال تورك في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف إن السودان أصبح “كابوسا حقيقيا“. وذكرت جماعة مدافعة عن النازحين داخليا، الثلاثاء، أن الملايين في إقليم دارفور معرضون لخطر الموت جوعا بعد قرار الحكومة الموالية للجيش حظر توصيل المساعدات عبر تشاد.

ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج نصف سكان السودان، البالغ عددهم حوالي 25 مليونا، إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين نزح الملايين إلى جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

وأضاف تورك “مع اضطرار أكثر من ثمانية ملايين إلى النزوح داخل السودان وإلى البلدان المجاورة، فإن هذه الأزمة تقلب البلاد رأسا على عقب وتهدد بشدة السلام والأمن والأوضاع الإنسانية في أنحاء المنطقة بأكملها”.

2