الدرونز والذكاء الاصطناعي لتنمية الزراعة في آسيا

المزارعون يعتمدون التكنولوجيا لمواجهة تغير المناخ ونقص العمالة.
الأربعاء 2022/03/30
محراث فجرار فدرونز

تتحول الزراعة في دول آسيوية إلى الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة بما فيها الذكاء الاصطناعي الذي يساهم في تشغيل الهواتف الذكية والروبوتات وطائرات الدرونز لتحسين المحصول الزراعي مع التقليل من الانبعاث الكربوني ومواجهة نقص العمالة والظروف المناخية الصعبة مثل نقص هطول الأمطار.

بان ماي (تايلاند) - شاهد مانيت بونكيو أجداده يحرثون مزرعة الأرز التي يملكونها بالقرب من بانكوك باستخدام جواميس الماء وكيفية الحصاد اليدوي، ثم تحول والداه إلى الجرارات والحاصدات، بينما يستخدم الآن طائرة دون طيار لرش المبيدات في حقله.

ويزرع بونكيو الأرز وأشجار الفاكهة على حوالي 40 فدانا من الأراضي في بان ماي، وهي جزء من مشروع مجتمعي مُنح مؤخرا طائرة دون طيار في إطار برنامج حكومي تايلاندي لرقمنة الزراعة.

وتزداد شعبية الطائرات دون طيار لزراعة البذور ورش المبيدات والأسمدة في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا حيث تكافح نقص العمالة الذي تفاقم خلال الجائحة التي تسببت في فرض قيود على حركة العمال.

وقال مانيت، البالغ من العمر 56 عاما، والمشرف على مزرعة مركز الأرز المجتمعي في بان ماي التي تضم 57 عضوا يمتلكون مجتمعين نحو 400 فدان من الأرض، إن “حشد العمال هو التحدي الأكبر بالنسبة إلينا. فمن الصعب جذبهم، وهم مكلفون.

وباستخدام الطائرة دون طيار، لا نوفر أجرة العمالة فحسب، بل يمكننا أن نكون أكثر دقة أيضا. إنها أسرع وأكثر أمانا لأننا لا نتعرض للمواد الكيميائية، ويمكن أن تساعدنا في التعامل مع تأثيرات تغير المناخ مثل انخفاض هطول الأمطار”.

ويعدّ مجتمع بان كاي جزءا من تحول أوسع للزراعة في آسيا والمحيط الهادئ، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي وقدرة تحليل البيانات الضخمة على تشغيل الهواتف الذكية والروبوتات والطائرات دون طيار لتحسين تقنيات الزراعة وزيادة المحاصيل وتنمية الدخل.

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن الاتجاه نحو الزراعة الدقيقة المستندة إلى البيانات والأدوات الرقمية الأخرى مدفوع بالتغيرات الديموغرافية والتقدم التكنولوجي وتغير المناخ.

وقالت منظمة الفاو في تقرير في مؤتمر إقليمي حول الرقمنة في الزراعة “إنهم يساعدون المزارعين على إنتاج المزيد باستخدام كميات أقل من المياه والأراضي والطاقة والعمالة، مع حماية التنوع البيولوجي وتقليل انبعاثات الكربون… يمكن للمزارعين تحسين المحاصيل والضغط على التكاليف وزيادة الكفاءة وزيادة الأرباح”.

لكن التكنولوجيا الزراعية تطرح مخاطر فقدان الوظائف وعدم المساواة الاجتماعية ومخاوف إدارة البيانات، وقال الخبراء إن هذه التقنيات يمكن أن تكون مكلفة ويصعب اعتمادها، خاصة بالنسبة إلى النساء وكبار السن من المزارعين.

يد عاملة ثقيلة ونادرة
يد عاملة ثقيلة لكنها نادرة في ظل التطور الرقمي 

وقال ناتشيكيت أودوبا من التحالف من أجل الزراعة المستدامة والشاملة “هناك مخاوف أكثر إلحاحا يجب أن توليها الحكومة اهتماما. لقد رأينا احتجاجات حاشدة للمزارعين في الهند بشأن قضايا مثل الحد الأدنى لسعر الدعم ونقص الدعم الحكومي، وليست الطائرات دون طيار القضية الأكبر بالنسبة إلى المزارعين”.

وأدى ظهور تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم إلى تعميم استخدام البيانات الضخمة في العديد من التطبيقات في الزراعة من أجهزة التحكم في الري إلى الخدمات التي تجمع البيانات المتعلقة بالتربة والطقس وإنتاج المحاصيل.

وتعد منطقة آسيا والمحيط الهادئ واحدة من أسرع الأسواق نموا للمعلومات والأسواق الزراعية الرقمية، وحلول التكنولوجيا المالية، وتقنيات بلوكتشين لتتبع الأغذية.

لكن منظمة الأغذية والزراعة قالت إن أصحاب الأراضي الصغيرة في آسيا يستخدمون أدوات منخفضة التكلفة فقط مثل مجموعات اختبار التربة الرقمية والخدمات المستندة إلى التطبيقات أو الخدمات النصية للتنبؤ بالطقس بسبب حواجز التكلفة وفجوات المهارات والاختناقات التنظيمية. كما تواجه النساء قيودا أكبر في الوصول إلى التقنيات.

الطائرة دون طيار أسرع وتحمي المزارعين من التعرض للمواد الكيميائية وتساعدهم في التعامل مع تأثيرات تغير المناخ

وقال أودوبا إن متوسط حجم الأرض في الهند أقل من 2 هكتار، وهو ما لا يفسح المجال للكثير من المكننة أو الرقمنة، وهي مكلفة أيضا بالنسبة إلى معظم المزارعين.

ويستخدم حوالي 20 مليون مزارع في الهند بعض التقنيات، وهو جزء بسيط من حوالي 500 مليون مزارع في البلاد، كما قال هاريداس الشريك المؤسس لشركة داتافال أناليتيكس، التي تدير تطبيق جوال قائم على الذكاء الاصطناعي لتوفير تحليل المحاصيل في الوقت الفعلي.

وأكد أن “البيانات تجعل الزراعة أكثر ديمقراطية، حيث أن أصحاب الحيازات الصغيرة يمكنهم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين الجودة والعائدات”. وأضاف أن “أكبر التحديات تتمثل في قلة الأجهزة ونقص الاتصال بالإنترنت وقلة التدريب”.

ولتحسين اتصال الإنترنت في المناطق الريفية تعاونت مبادرة “القرى الرقمية” التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة مع شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وآي.بي.إم في ألف موقع حول العالم، بما في ذلك في نيبال وبنغلاديش وفيجي وإندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وفيتنام.

وقال سريدهار دارمابوري كبير مسؤولي سلامة الأغذية والتغذية في الفاو إن “الهدف يكمن في استخدام التكنولوجيا للنهوض بالزراعة والتغذية والصحة ورفاهية المواطنين وتحسينها، ولاسيما سكان الريف”، مشيرا إلى أن هذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص بعد الاضطرابات التي سببها.

وأضاف أنه “مع توسع خدمات الجيل الرابع ونشر خدمات الجيل الخامس، فإن انخفاض تكاليف الهواتف الذكية والبيانات يعمل على تسريع اعتماد الأدوات الرقمية، بما في ذلك بين أصحاب الحيازات الصغيرة والمزارعين الأسريين، وبالتالي تعزيز المزيد من الإدماج”.

تكنولوجيا تمثل خطرا على القوى العاملة وخصوصا النسائية
التكنولوجيا تمثل خطرا على القوى العاملة وخصوصا النسائية 

وعلى الرغم من العقبات التنظيمية وتجزئة الأراضي، فإن منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي أسرع الأسواق نموا للطائرات دون طيار الزراعية، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة. وهي مدفوعة بمقدمي الخدمات المحليين وانخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف العمالة.

وتستخدم الحكومات في المنطقة الطائرات دون طيار، مع صور الأقمار الصناعية، للتنبؤات الجوية وإدارة الكوارث والتأمين على المحاصيل، والرصد ورسم خرائط للمحاصيل الاستراتيجية للأمن الغذائي، ومعظمها من الأرز.

وقال أودوبا “في الهند ستُستخدم ما يسمى بالطائرات دون طيار من طراز كايسان في تقييم تلف المحاصيل ورقمنة سجلات الأراضي، مما يهدد باستبعاد النساء والفلاحين الذين لم تُذكر أسماؤهم في هذه السجلات”.

وكالة تعزيز الاقتصاد الرقمي الحكومية في تايلاند أسندت للمزارعين الأفراد منحة قدرها 10 آلاف بات (306 دولارات) للتكنولوجيا الزراعية

وحدد أن “سجلات الأراضي في حالة من الفوضى في الهند. لذلك، فإن استخدام الطائرات دون طيار لن يحل المشكلة. وتُشجّع هذه الوسيلة استعمال الآلات لأن هناك تصورا بأن العمالة الزراعية تزداد تكلفة نسبيا. ولكن بالنسبة إلى صغار المزارعين أو المتوسطين منهم، فإن هذه التقنيات باهظة ولا يمكن تحملها”.

وفي تايلاند أسندت وكالة تعزيز الاقتصاد الرقمي الحكومية منذ 2020 للمزارعين الأفراد منحة قدرها 10 آلاف بات (306 دولارات) للتكنولوجيا الزراعية، بينما تحصل المؤسسات المجتمعية على منحة قدرها 300 ألف بات.

وفي بان ماي تنتظر طائرة دون طيار برتقالية زاهية سعتها 10 لترات استخدامها بمجرد حصول بعض المزارعين على ترخيص لتشغيلها.

وفي غضون ذلك، كان المجتمع يستأجر طائرة دون طيار من أحد أعضائه، الذي اشترى طائرة دون طيار سعة 30 لترا مع مدخراته بعد أن عانى من نقص مستمر في العمالة في مزرعة الأرز الخاصة به.

وقال سايان ثونغثيب (52 سنة) “يوظفني الكثيرون لرش مزارعهم لأنهم يرون مدى كفاءة الطائرة وفعاليتها من حيث التكلفة. وسأدرب ابنتي على تشغيلها أيضا. إنها طريقة جيدة لجذب اهتمام الشباب بالزراعة”.

18