الدراما اللبنانية.. عين على الداخل وأخرى على الفضائيات العربية

المتابع للدراما اللبنانية خلال عام 2017 يدرك أنها تسير بخطى سريعة نحو التطوّر، وأنها تكتسب بالفعل أرضا جديدة في كل موسم على مستوى المنافسة المحلية والعربية، فالقليل من الاهتمام بالتفاصيل والحبكة الدرامية وكذلك البحث عن مسارات مختلفة للنصوص كلّها أمور بمقدورها أن تغيّر المعادلة الدرامية العربية وتعطي للدراما اللبنانية دفعة قوية للأمام.
الأربعاء 2017/12/27
"الهيبة".. لا هيبة إلا للسلاح والنفوذ

تنوعت الدراما اللبنانية المقدمة خلال عام 2017 بين الأعمال الاجتماعية والتاريخية والرومانسية، وضمّت تشكيلة مختلفة من الموضوعات والقضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، وكان لافتا أن الغلبة في تلك الأعمال هي لصالح الإنتاج المحلي، مع تراجع ملحوظ للأعمال الدرامية المشتركة بالمقارنة مع العام الماضي، والمحصلة النهائية تشير إلى تألق الإنتاج الدرامي في لبنان وتطوره عاما تلو آخر، لتحتل الدراما اللبنانية مكانة مميزة كإحدى ركائز الإنتاج الدرامي العربي في الآونة الأخيرة.

تاريخ قريب

تميز الإنتاج الدرامي لعام 2017 بعدد من الأعمال الدرامية ذات الصبغة التاريخية، وهي أعمال تحظى بصدى جماهيري واسع، وباتت هذه النوعية تمثل واحدة من بين أبرز النوعيات التي يتطلع إليها الجمهور اللبناني والعربي بشكل عام، نظرا لما تتمتّع به من ضخامة في الإنتاج وأجواء الإبهار التي تميّزها عن غيرها من الأعمال، ثم لطبيعتها المغايرة لما هو شائع من إنتاج درامي يركز على القضايا الاجتماعية المعاصرة، رغم أن هذه الأعمال التاريخية لا تبتعد بدورها عن الكثير من القضايا الاجتماعية والحياتية التي نعيشها اليوم.

كلوديا مارشليان كان لها النصيب الأوفر من المسلسلات الاجتماعية هذا العام، إذ قدمت لوحدها أربعة أعمال دفعة واحدة

ومعظم الأعمال التي تم تقديمها خلال هذا العام تتشابك على نحو ما مع القضايا الآنية اجتماعيا وإنسانيا، رغم اعتمادها على سياق تاريخي قريب، ويمكن تصنيف هذه النوعية من الأعمال على أنها أعمال اجتماعية ذات خلفية تاريخية، وهو ما يميزها عن الإنتاج الدرامي السوري على سبيل المثال، ففي حين يتجه الإنتاج التاريخي في الدراما السورية إلى تناول حقب ممتدة في التاريخ المعاصر والقديم، لا يبتعد الإنتاج الدرامي في لبنان عن الحقبة الزمنية القريبة من بداية القرن العشرين.

وبين أبرز الأعمال التاريخية المقدمة هذا العام يأتي مسلسل “أدهم بيك”، وهو عن قصة مقتبسة من رواية “دعاء الكروان” للأديب طه حسين، والمسلسل من إخراج زهير صنوع وتأليف طارق سويد وبطولة كل من يوسف الخال وكريستين وفيفيان أنطونيوس.

وتدور أحداث “أدهم بيك” في فترة الانتداب الفرنسي في قالب تاريخي سياسي مليء بالصراعات، وقد حظي المسلسل بمتابعة جماهيرية واسعة في الداخل اللبناني، غير أنه لم يسلم أيضا من الانتقادات، إذ عاب عليه البعض اعتماده على نجم أوحد تدور في فلكه كافة الأدوار الأخرى والتي ظهرت غير فاعلة أو هامشية في سياق الأحداث، بالإضافة إلى حالة الرتابة التي سيطرت على قسم كبير من أحداثه.

وحول نفس الحقبة التاريخية قدم المخرج عاطف كيوان مسلسل “بلاد العز” بمشاركة الفنانين سامي أبوحمدان وسعيد سرحان وبيار داغر وأحمد الزين وسمير شمص وآن ماري سلامة وختم اللحام، وتطرق المسلسل إلى أعمال المقاومة في منطقة البقاع اللبناني في زمن الانتداب الفرنسي، والتي ساهمت في استقلال لبنان فيما بعد.

وكان لمتابعي الدراما اللبنانية هذا العام لقاء مع النجم الغنائي رامي عياش في أول بطولة درامية يخوضها من خلال مسلسل “أمير الليل” الذي حظي بمساحة من الاهتمام لا بأس بها بين الأعمال الدرامية التي تم عرضها في شهر رمضان الماضي، وكان لنجومية رامي عياش الأثر الكبير بالطبع في التناول الإعلامي المكثّف الذي حظي به المسلسل منذ بداية التحضير له حتى عرضه على الشاشات.

دراما اجتماعية صادمة

على مستوى الدراما الاجتماعية كان للجمهور لقاء مع عدد وافر من الأعمال الدرامية المتميزة، والتي خاض بعضها في قضايا جديدة وشائكة، وكان للكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان نصيب وافر من هذه الأعمال التي تم تقديمها هذا العام، إذ قدمت خلال هذا العام وحده أربعة أعمال درامية دفعة واحدة، وكان العدد مرشحا للزيادة لو تم عرض مسلسلها الجديد “ثورة الفلاحين” الذي اكتمل تصويره أخيرا.

"بلاد العز" عمل اجتماعي ذو خلفية تاريخية

وبين هذه الأعمال الأربعة تعاونت مارشليان مع المخرج سمير حبشي في ثلاثة منها استطاعت جميعها أن تلفت أنظار الجمهور اللبناني، العمل الأول هو "ورد جوري" الذي تناول إحدى القضايا الشائكة بتطرّقه إلى جرائم الاعتداء الجنسي وتبعاتها، وانعكاساتها على الأسر والضحايا، وهي قضية لم تتناولها الدراما اللبنانية من قبل.

والعمل الثاني هو مسلسل “الشقيقتان” الذي عاد بنا إلى أجواء فترة الستينات من القرن الماضي، حيث تعيش الشقيقتان ضحى وثريا مع أبيهما كنعان بك الأسمر وعمتهما وسط أجواء عائلية متوترة.

أما ثالث الأعمال التي قدمها الثنائي حبشي ومارشليان فهو الجزء الثاني من مسلسل “وين كنتي”، وهو مسلسل اجتماعي اتسم بالإثارة والتشويق، كما قدمت مارشليان مسلسلا رابعا مع المخرج السوري أسامة الحمد، وهو مسلسل “فخامة الشك” الذي قام ببطولته كل من يورغو شلهوب وإلسا زغيب ويوسف حداد.

واعتمد المسلسل على جانب الإثارة المتمثلة في لغز اختفاء رجل الأعمال جهاد خليل بعد أن باع كل ممتلكاته وأعماله في لبنان ومصر تاركا أسرته في العراء، دون أن يعلموا أسباب اختفائه أو فقدانه لثروته.

وعلى صعيد آخر قدّم المخرج زهير قنوع بالتعاون مع الكاتبة كريستين بطرس واحدا من بين أبرز الأعمال الدرامية هذا العام، وهو مسلسل “أول نظرة” الذي عرض أخيرا، بعد توقّف عرضه المفاجئ ضمن السباق الرمضاني، فقد فوجئ المتابعون للمسلسل بتوقّف عرضه بعد الحلقات الثلاث الأولى واستبداله بمسلسل آخر، رغم المؤشرات الأولية الجيّدة وحصوله على نسب مشاهدة لا بأس بها عبر حلقاته التي تم بثها. ويحكي المسلسل عن شقيقتين مختلفتَي الطباع (جوي خوري وريتا حرب) تعيشان مع والدهما الذي يسعى لتحقيق كل رغباتهما، غير أن الأحداث تأتي بما لا يشتهيه الأب.

ومن بين الأعمال التي تم عرضها خلال هذا العام، ثمة أعمال لافتة نالت قسطا وافرا من الجدل والنقاش على المستوى اللبناني والعربي، ما يضعها في مكانة مميزة في خضم الإنتاج اللبناني كعلامات فارقة.

ومن بين هذه الأعمال يأتي مسلسل “الهيبة” الذي عرض في رمضان الماضي وشارف مخرجه سامر برقاوي على الانتهاء من تجهيز جزئه الثاني، وتدور أحداث مسلسل الهيبة في إطار من التشويق والإثارة حول “عليا” (تؤدي دورها نادين نجيم) التي تعيش مع زوجها وابنهما في كندا، وبعد وفاة زوجها المفاجئ تعود إلى لبنان لدفنه في منطقة “الهيبة”، وهي بلدة صغيرة تقع على الحدود بين لبنان وسوريا.

وتفاجأ عليا بأن عائلة زوجها تريد لولدها أن يبقى، ولكي تستطيع البقاء معه كان عليها أن تتزوّج من شقيق زوجها “جبل” زعيم العشيرة (يؤدي دوره تيم حسن)، وتقبل عليا بذلك الأمر مرغمة، لكنها تصدم حين تكتشف أن شقيق زوجها وأفراد عائلته يتاجرون في السلاح والمخدرات.

16