الدار البيضاء وجهة عشاق الموسيقى التراثية المغربية

عاش عشاق الموسيقى التراثية المغربية تجربة فنية ساحرة في الدار البيضاء خلال الاحتفاء بتنوع الموسيقى التراثية في حفل جسد عراقة الثقافة المغربية الغنية والمتعددة.
الدار البيضاء (المغرب) – ألهبت أسماء فنية بارزة في الموسيقى المغربية، مساء السبت حماس الجمهور الذي حج إلى منصة المركز الثقافي بكنيسة القلب المقدس بالدار البيضاء، لحضور حفل الاحتفاء بتنوع الموسيقى التراثية المغربية.
وتميز الحفل الذي نظمته الجمعية المغربية للموسيقى تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بتقديم وصلات موسيقية خالدة من الريبرتوار الفني المغربي، أبدعت في تقديمها فرقة الأسطورية “ناس الغيوان”، وأيقونة الطرب الأندلسي الحاج محمد باجدوب، وجوقة أمين دبي للموسيقى الأندلسية.
وقدمت مجموعة “ناس الغيوان”، خلال السهرة الفنية المتنوعة باقة من أغانيها الخالدة التي تمزج بين الروح الجماعية والالتزام الاجتماعي، مستحضرة بذلك عمق الذاكرة الفنية الوطنية.
برامج وأهداف الجمعية تعكس إرادة واضحة لاحتضان التراث الموسيقي المغربي بكل غناه، وتنوعه، وعمقه التاريخي
من جانبه، أطرب الحاج محمد باجدوب الجمهور بوصلة أندلسية أصيلة لقيت استحسان عشاق الطرب الأصيل، فيما أضفى جوق الأستاذ أمين دبي للموسيقى الأندلسية، على الأمسية لمسة روحانية عكستها جمالية المقامات والإيقاعات العريقة.
وأكدت رئيسة الجمعية فاطمة مبشور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الحفل يحتفي بالتقاليد الموسيقية المغربية ويدفع نحو مستقبل غني بالتاريخ، معتبرة أن الاحتفاء بتنوع الموسيقى التراثية هو تكريم للثقافة المغربية الغنية والمتعددة.
وأضافت أن الحفل يتعدى كونه أمسية موسيقية إلى تظاهرة ثقافية -استثنائية، مشيرة إلى أن هذا الحدث الفني يعد أول حدث كبير تنظمه الجمعية تحت هويتها الجديدة. وتابعت أن برامج وأهداف الجمعية تعكس إرادة واضحة لاحتضان التراث الموسيقي المغربي بكل غناه، وتنوعه، وعمقه التاريخي.
وأكد المنظمون أن الجمعية المغربية للموسيقى بهويتها الجديدة، تهدف إلى الاحتفاء بشمولية الإرث الموسيقي المغربي، سواء كان أندلسيا، أمازيغيا، كناويا، ملحونا، حسانيا أو معاصرا.
كما تلتزم بإبراز هذه الكنوز الحية داخل المغرب وخارجه، من خلال تنظيم جولات، مهرجانات، إنتاجات، إقامات فنية ومشاركات دولية. ويواكب هذا التحول رهان الحفاظ، الابتكار، والمشاركة، حتى يصل صدى الموسيقى المغربية إلى العالم.
وتسعى الجمعية إلى توحيد الفنانين والباحثين والمؤسسات والجمهور حول شغف مشترك: الموسيقى كتراث جماعي وجسر ثقافي عالمي. ويعتبر المغرب من البلدان العربية ذات الهويات الغنائية المركبة، كون هذا التعدد أعطى للبلد سمة موسيقية، لا يُعثر إلا على البعض منها داخل دول البحر الأبيض المتوسط.
وبسبب الموقع الجغرافي المميز للبلد، وانفتاحه على مناطق مختلفة من العالم، جعل مجمل موروثه الموسيقي ينطبع بخصوصيات تاريخية استطاعت أن تنصهر مع موسيقى الآخر، لتكوين خليط موسيقي متنوع.
ووفق متخصصين في الشأن الموسيقي المغربي، فإن تعدد موسيقى المملكة يرجع أساساً إلى تنوع واختلاف جغرافيتها. إذ تأتي الموسيقى الكلاسيكية، كامتداد عميق للموسيقى الشرقية وقد اتخذت صبغة مغربية عصرية مع كل من عبدالهادي بلخياط ومحمد الحياني ونعيمة سميح وعزيزة جلال وغيرهم. ومن ثم توجد موسيقى الراي والركادة والعرفة والطرب الأندلسي والموسيقى الأمازيغية والعيطة والطقطوقة الجبلية وغناوة وسواها من الأنماط الموسيقية التي يشتهر بها المغرب، التي تجعل صورته الفنية في وجدان الآخر دائمة الغنى والتجدد.
وما يميز الموسيقى الشعبية أن كل لون موسيقى له علاقة أساساً بجغرافية محددة، حيث تنطبع بملامحها وخصائصها. كما اتفق أهل الموسيقى والطرب، أن طابعها التلقائي هو الذي يقود الناس إلى الاستماع إليها والرقص على أنغامها وإيقاعها. فهذا الأسلوب التلقائي يعد أحد العوامل المهمة التي ساهمت في ذيوع الموسيقى الشعبية ولها قدرة كبيرة على ممارسة سحرها.
وكانت الموسيقى الشعبية في البداية، تعبر بشكل خاص عن الأحداث التاريخية وإحياء لذكرى بعض الأعياد والمناسبات، لكنها استطاعت أن تتحول بقوة صوب الأعراس، إذ ستصبح أكثر ذيوعاً من قبل. لكن ما ساعد هذه الموسيقى والأغاني في الانتشار داخل القرى والبوادي، أنها لم تكن مكتوبة ومؤسسة على علم قائم، بل تم حفظها وتداولها شفهياً من جيل إلى آخر، كما هي الحال مع فن العيطة.