الخيارات المتاحة أمام أوروبا لمواجهة أزمة الطاقة

على مستوى الاتحاد الأوروبي هناك اتفاق على ضرورة إعادة هيكلة سوق الطاقة الأوروبية بالكامل وبسرعة.
الثلاثاء 2022/09/20
تقليص الاستهلاك واحد من أبرز الحلول

بروكسل - لم تبرز مشكلة الطاقة في أوروبا بين يوم وليلة، بل هي مشكلة متراكمة منذ سنوات وبالتالي فحلها لن يكون سهلا ويستوجب خطوات وقرارات تراعي مصلحة الأفراد والدول، وهو ما تبدو الدول الأوروبية عاجزة عن الاتفاق حوله.

وتعقد المفوضية الأوروبية اجتماعا وزاريا في الثلاثين من سبتمبر الجاري لوضع مقترحات نهائية بشأن تخفيض أسعار الطاقة على مواطني دول التكتل خلال الشتاء.

وتعيش دول الاتحاد أزمة اقتصادية بدأت تلقي بظلال اجتماعية على الطبقتين المتوسطة والفقيرة في العديد من دول التكتل على شكل احتجاجات رافضة لدفع ثمن الحرب روسيا على أوكرانيا.

وبسبب وقوف الغرب إلى جانب أوكرانيا ضد الغزو الروسي، نفذت الأخيرة خفضا بلغت نسبته أكثر من 80 في المئة من إجمالي الغاز الطبيعي المورد تجاه دول التكتل.

دول الاتحاد الأوروبي تحاول وضع آلية تتمكن من خلالها من خفض أسعار الغاز والكهرباء على المواطنين والشركات

كذلك، توقف خط أنبوب الغاز نورد ستريم 1 الرابط بين روسيا وألمانيا، ومنه إلى عدة دول أوروبية منذ الشهر الماضي وحتى إشعار آخر، لأسباب قالت شركة غازبروم الروسية إنها فنية.

وعلى الأرض، تمكنت دول الاتحاد الأوروبي من ملء أكثر من 82 في المئة من مخزونات الغاز خلال الشتاء، وهي كميات كافية لمدة شهرين اثنين لا غير، وسط شح في إمدادات الغاز عالميا.

وبسبب ارتفاع أسعار الغاز بأكثر من ثمانية أضعافها عما كانت عليه قبل نحو عام، تحاول دول الاتحاد الأوروبي وضع آلية تتمكن من خلالها من خفض أسعار الغاز والكهرباء على المواطنين والشركات.

وتشهد ألمانيا وهولندا ارتفاعات صاروخية لأسعار الطاقة. ففي ألمانيا وصل السعر إلى 1050 يورو لكل ميغاوات/ساعة قبل التراجع إلى 610 يورو خلال الشهر الماضي. وكان سعر الميغاوات/ساعة خلال العام الماضي حوالي 85 يورو.

وطالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بخفض استهلاك الطاقة خلال الشتاء المقبل بنسبة 15 في المئة. ودعت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية إلى الاستعداد لـ”موقف أسوأ” بالنسبة إلى إمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا.

وكما هو متوقع، تحركت عدة دول من الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد لمواجهة أزمة أسعار الطاقة، سواء بوضع سقف للأسعار أو بتقديم منح نقدية مباشرة للأسر والشركات المتضررة. ولكن على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل يبدو أنه أصبح هناك اتفاق على ضرورة إعادة هيكلة سوق الطاقة الأوروبية بالكامل وبسرعة.

توقف حتى إشعار آخر
توقف حتى إشعار آخر

ولا تبدو أمام دول الاتحاد الأوروبي الكثير من الخيارات، وتاليا، قائمة بالخيارات الأوروبية الممكنة في الوقت الراهن لتخفيض الأسعار على المستهلكين:

أولا، بإمكان الاتحاد وضع سقف لأسعار الغاز الروسي، وهو مقترح لاقى معارضة بعض دول الاتحاد الأوروبي التي بررت رفضها بأن القرار سيدفع موسكو إلى وقف كامل لإمدادات الغاز.

وتحصل دول مثل النمسا، على سبيل المثال، على معظم غازها من روسيا، وهو مقترح إن وافقت عليه دول التكتل سيجعل البلاد تعيش شتاء قارسا ومكلفا.

روسيا بدورها هددت دول الاتحاد بأن تنفيذ هذا المقترح سيجعلها في موقف تعلق فيه مختلف إمدادات الغاز، والبالغة حاليا قرابة 10 في المئة من استهلاك الاتحاد.

دول الاتحاد الأوروبي تمكنت من ملء أكثر من 82 في المئة من مخزونات الغاز خلال الشتاء، وهي كميات كافية لمدة شهرين اثنين لا غير

أما الاحتمال الثاني فيتمثل في تحديد سقف لمختلف أسعار الغاز الوارد، وأحد المقترحات يتمثل في فرض المفوضية الأوروبية سقفا لأسعار مختلف واردات الأعضاء من الغاز الطبيعي، سواء كان روسياً أو آسيويا أو أفريقيا أو أميركيا.

إلا أن القرار غير مشجع لغالبية الأعضاء الذين يرون أن المصدرين لن يكونوا مجبرين على توريد الغاز بأسعار التكتل، في وقت يشهد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي ارتفاعا، أي أن دول الاتحاد هي من تحتاج إلى الغاز.

ويتمثل الخيار الثالث في فرض ضريبة تضامنية، حيث سبق أن اقترحت المفوضية الأوروبية فرض ضريبة تضامنية على منتجي الكهرباء في الدول الأعضاء، وعكس الأموال الناتجة على فواتير المستهلكين.

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تبلغ هذه الضريبة في حال إقرارها 144 مليار يورو، وتقول إنها ستتمكن من جبايتها من شركات الطاقة التي تولد الكهرباء عبر المصادر المتجددة أو الفحم أو الطاقة النووية.

وفي أوروبا، يتم تحديد أسعار الكهرباء بناء على أعلى سعر لتوليد الطاقة هناك، وحاليا يعتبر الغاز هو الأعلى، أي أن منتجي الكهرباء الآخرين يحققون عوائد مالية لم يكونوا يحلمون بها. لكن أحد أهم التحديات أن فرض هذه الضريبة قد يدفع شركات توليد الطاقة إلى إبطاء استثمارات توليد الكهرباء بعيدا عن الغاز الطبيعي بسبب الضرائب الإضافية، وذلك في وقت تحتاج فيه أوروبا إلى كل كيلوواط إضافي.

ويركز الخيار الرابع على إقرار خفض إلزامي على استهلاك الكهرباء والغاز في ساعات الذروة على كبار المستهلكين، وهو أحد الخيارات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية.

إلا أن المقترح قد يدفع كبرى المصانع والشركات إلى تسريح موظفين، وتراجع إنتاج أخرى، ما يعني مزيدا من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها. في المقابل تفكر الدول الأوروبية في خيار خامس، يتمثّل في خفض الاستهلاك عموما، حيث ترى المفوضية الأوروبية أن تنفيذ خفض إجباري يتبعه خفض طوعي، سيؤدي إلى تراجع الطلب على الطاقة وبالتالي تراجع الأسعار على شركات توليد الطاقة.

شح عالمي في إمدادات الغاز
شح عالمي في إمدادات الغاز

7