الخلاف يتعمق بين إيران وأوروبا وأقل توترا مع الأميركيين

قضية إيران باتت محورية لدى الرأي العام الغربي بشكل يجعل من الصعوبة للحكومات تطبيع العلاقات معها.
الثلاثاء 2023/01/24
حقوق الإنسان ليست عنصر الخلاف الوحيد

طهران - يتصاعد التوتر في العلاقات بين إيران ودول أوروبية، لاسيما فرنسا وألمانيا وبريطانيا، على خلفية ملفات عدة، بينما يبدو أن الولايات المتحدة، العدو التقليدي للجمهورية الإسلامية، تعتمد موقفا أقل تشنجا حيال طهران.

ودخلت العلاقات بين طهران والعواصم الأوروبية مرحلة مختلفة بعد اندلاع احتجاجات في إيران منتصف سبتمبرالماضي إثر وفاة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس.

وفي الأشهر الماضية، اعتبر مسؤولون إيرانيون بارزون أن بلادهم تواجه “حربا هجينة” و”مؤامرة” على مستويات مختلفة، منها السياسي والاقتصادي والإعلامي والنفسي.

واتهم مسؤولون إيرانيون “الأعداء” بدعم الاحتجاجات التي يعتبرون جزءا كبيرا منها “أعمال شغب”، وانتقدوا “تدخل” أطراف عدة بينها دول أوروبية في التحركات التي تشهدها البلاد.

والاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن “بعض الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، اختارت مسار الاستفزاز بهدف إثارة عدم الاستقرار” في إيران.

وأتى ذلك غداة اعتبار وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان أن الولايات المتحدة “أدركت في وقت أبكر من الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، أن أعمال الشغب الراهنة في إيران لن تؤدي إلى شيء”.

كيف يتحرك الأوروبيون

وزارة الخارجية الإيرانية: بعض الأوروبيين اختاروا الاستفزاز وإثارة عدم الاستقرار في بلادنا
وزارة الخارجية الإيرانية: بعض الأوروبيين اختاروا الاستفزاز وإثارة عدم الاستقرار في بلادنا

على رغم تراجع التحركات الاحتجاجية في شوارع إيران منذ أسابيع، يسعى الأوروبيون لمواصلة الضغط على طهران.

وأقرّ الاتحاد الأوروبي الاثنين عقوبات بحق 37 شخصية وكيانا إيرانيا على خلفية “قمع” السلطات للاحتجاجات، في ما يعدّ رابع حزمة عقوبات تفرضها بروكسل على طهران في هذا الملف.

وأعلنت السويد، التي تتولّى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن وزراء خارجية دول التكتل أقرّوا “حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف من يقودون القمع” خلال اجتماع الاثنين في بروكسل.

وقال توبياس بيلستورم وزير خارجية السويد وفقا لتغريدة على تويتر من بعثة البلاد الدبلوماسية لدى الاتحاد الأوروبي “يدين الاتحاد الأوروبي بقوة الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة من جانب السلطات الإيرانية في مواجهة المتظاهرين السلميين”.

وقال دبلوماسيان أوروبيان الأسبوع الماضي إن وزراء خارجية التكتل يعتزمون إضافة 37 اسما لقائمة العقوبات الإيرانية التي تتضمّن حظر السفر إلى أوروبا وتجميد الأصول.

ودعا البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي الاتحاد إلى القيام بالمزيد وإدراج الحرس الثوري على قائمة الكيانات الإرهابية واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران، التي دخلت شهرها الرابع، وعن تزويد روسيا بطائرات مسيّرة تستخدمها في أوكرانيا.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الاثنين “ما زلنا نرى في إيران نظاما وحشيا ضد شعبه. إن النظام الإيراني والحرس الثوري يرهبان شعبهما يوما بعد يوم”.

وتضغط دول أوروبية عدة لتأمين الإفراج عن مواطنيها الموقوفين في إيران، خصوصا فرنسا التي تتهم إيران بأخذ سبعة من مواطنيها “رهائن”، وبلجيكا التي تطالب بإطلاق عامل الإغاثة أوليفييه فانديكاستيل الذي أدانه القضاء الإيراني بتهم عدة أبرزها التجسس، وأصدر بحقه أحكاما بالسجن لفترة إجمالية تبلغ 40 عاما.

ورأى المتخصص الإيراني في العلاقات الدولية فياض زاهد أن “قضية إيران باتت محورية لدى الرأي العام الغربي، بشكل يجعل من الصعوبة للحكومات (الغربية) تطبيع علاقاتها مع طهران”.

وأبرز زاهد أهمية تبدّل اللهجة الألمانية حيال طهران في حقبة ما بعد المستشارة أنجيلا ميركل، موضحا أن برلين التي دائما ما كانت من دعاة الحوار مع طهران، باتت تتخذ “مواقف أكثر حدة وراديكالية” حيالها.

هل يمكن للأزمة أن تتعمّق

Thumbnail

يثير ملف آخر التوتر بين الأوروبيين وإيران، وهو تزويد الأخيرة لروسيا بطائرات مسيّرة استخدمتها ضد أوكرانيا.

أما آخر فصول التوتر فكان تصويت البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي لإدراج الحرس الثوري على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات “الإرهابية”.

ويعود اتخاذ القرار النهائي، المعقد قانونياً، إلى المجلس الأوروبي المؤلف من الدول الأعضاء الـ27. إلا أن هذا الإجراء يبدو غير مؤكد راهنا، ويثير انقساما بين أطراف أوروبية مختلفة.

والاثنين، شدد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على أن خطوة من هذا النوع تتطلب “قرارا قضائيا” مسبقا، يمكن على إثره إطلاق مسار إدراج الحرس الثوري كمنظمة “إرهابية”

من جهتها، تحذّر إيران من ردّ “حازم” على خطوة كهذه، علما بأنها ستكون – في حال حصولها – تكرارا لما قامت به واشنطن في العام 2019 بحقّ الحرس الثوري القوة العسكرية العقائدية التي أضحت لاعبا أساسيا في السياسة والاقتصاد.

وحذّر مسؤولون من “رد بالمثل” قد يشمل إدراج جيوش أوروبية على القائمة الإيرانية للمنظمات “الإرهابية”.

وطرحت وسائل إعلام إيرانية احتمالات أخرى تتضمن الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، أو إجراءات قد تقيّد حرية الملاحة في مضيق هرمز حيث يمرّ جزء أساسي من إمدادات النفط.

واعتبر المحلل السياسي الإيراني عباس أصلاني أن رد الفعل الإيراني “قد يثير أزمة أخرى، خصوصا في مجال الطاقة، في خضم الحرب الجارية في أوكرانيا”.

أي تأثير على الاتفاق النووي

Thumbnail

على الرغم من أهميته، دخل ملف الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في سبات، أقله في العلن، منذ سبتمبر الماضي، مع تعثر المباحثات الشاقة لإحيائه.

وأتاح اتفاق العام 2015 المبرم بين طهران وكلّ من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، رفع عقوبات عن إيران مقابل خفض أنشطتها النووية. إلا أن مفاعليه باتت في حكم اللاغية منذ الانسحاب الأميركي الأحادي منه في 2018.

وبينما يؤكد مسؤولون إيرانيون استمرار “تبادل الرسائل” بشأن إحياء الاتفاق، يشير أطراف الاتفاق الغربيون إلى أن ذلك لم يعد أولوية راهنا.

ولحظ الباحث زاهد “وجود إشارات في إيران تدفع إلى الاعتقاد بأن الحكومة قد تتعامل مع الأزمة الراهنة من خلال الإقدام على بعض التنازلات”، ما قد يحفّز الأوروبيين على “ضبط النفس”.

6