الخلافات السياسية بشأن الموازنة المالية للعراق يعرقل إقرارها

كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني تبدي رفضها التصويت على الموازنة في حال المساس بما أسمته "مستحقات الإقليم".
السبت 2023/05/27
خلافات تعيد الموازنة إلى دائرة السجال السياسي

بغداد – أعلن نائب رئيس البرلمان العراقي شاخوان عبدالله أن جلسة مجلس النواب للتصويت على الموازنة لن تعقد اليوم السبت، وذلك غداة تصاعد الخلافات بعد تعديل اللجنة المالية النيابية للمادتين 13 و14 الخاصتين بإقليم كردستان ما أثار غضب حكومة الإقليم وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني التي أبدت رفضها التصويت عليها في حال المساس بما أسمته "مستحقات الإقليم".

وقال عبدالله، في تصريح لمحطة إخبارية كردية محلية "تم تأجيل جلسة التصويت على مشروع قانون الموازنة العامة إلى "أجل غير مسمى".

وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قد أكد الأسبوع الماضي، أن البرلمان سيصوت اليوم السبت على مشروع قانون الموازنة المالية للعام الحالي 2023، وأن جميع الملاحظات ستُحسَم، إلا أن المناقشات التي أجرتها اللجنة المالية البرلمانية، بشأن بعض فقرات القانون، خصوصا ما يتعلق بملف تصدير نفط الإقليم، أغضبت الكرد الذين اعتبروها محاولات سياسية تتعارض مع الاتفاقات السابقة.

وصعّد الجانب الكردي حدة التصريحات الرافضة لتمرير القانون، حيث اتهمت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، اليوم السبت، بعض الأطراف السياسية باستهداف البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلال عرقلة تمرير قانون الموازنة.

وقال النائب عن الكتلة محما خليل اليوم السبت في تصريحات لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية إن "الفقرات الخاصة بإقليم كردستان في قانون الموازنة، تم الاتفاق عليها ما بين حكومتي بغداد وأربيل بعد جولات مفاوضات، ولا يوجد أي مبرر للالتفاف على هذا الاتفاق المدعوم من قبل القيادات السياسية".

وأضاف أن "الالتفاف على الاتفاق ما بين بغداد وأربيل، وتعديل الفقرات الخاصة بإقليم كردستان في قانون الموازنة، يهدف الى استهداف البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلال عرقلة تمرير الموازنة، فلا يمكن تمرير القانون بعد هذا التعديل لوجود اعتراض سياسي عليه، وهو يخالف للاتفاق السياسي ما بين كتل وأحزاب ائتلاف إدارة الدولة والاتفاقات المبرمة ما بين حكومتي بغداد وأربيل".

وبدوره، قال السياسي العراقي مشعان الجبوري، إن اتفاقات "الكبار" الموقعة بين بغداد - أربيل أصبحت قضية لعبث من وصفهم بـ "الصغار" ومحاولاتهم لاستعراض بطولاتهم، عادا الأمر بأنه "خطير ومخجل".

أما شاخوان عبدالله، فأكد أن الكرد "لن يسمحوا بالتصويت على الموازنة، في حال تعديل المادتين الـ13 والـ14 من مشروع القانون المتعلقتين باستحقاقات الإقليم"، معرباً في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية الكردية، عن أسفه لـ"المحاولات التي تبذل لتعديل المادتين الـ13 والـ14"، ومشدداً "لن نسمح بتعديلهما لأنهما نتاج الحوار بين حكومتين دام لعدة أشهر ولهما جوانب فنية وإدارية".

وفي وقت سابق عبّر رئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن "قلق عميق"، مما أسماها بـ التغييرات التي مست فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وقال إنه يرفضها "تماماً".

وطالب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني بضرورة احترام الاتفاقات السياسية وعدم انتهاكها.

وقال عبر حسابه على تويتر "أدخلت مجموعة في اللجنة المالية بمجلس النواب العراقي تغييرات على مشروع الموازنة الاتحادية، منتهكة بذلك اتفاقية مسبقة أبرمناها مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وحكومته"، معتبراً أن "الاتفاقية هي الحجر الأساس للتعاون بين أربيل وبغداد، وعلى جميع الأطراف احترام بنودها".

إلى ذلك، كشف عضو مجلس النواب العراقي عن ائتلاف دولة القانون جاسم العلوي، عن وجود خلافات داخل الإطار التنسيقي بشأن الموازنة العامة، مشيراً إلى أن هذه الخلافات قابلة للتفاهم، ولا ينبغي ايقاف إقرار الموازنة.

وقال العلوي في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية اليوم السبت إنه "وحسب علمي فان امتيازات الكرد في الموازنة شبه مضمونة، لذلك هنالك خلاف داخل الإطار التنسيقي حول ما يعتبرونه غبناً كبيراً في استحقاقات المناطق الجنوبية".

ورأى العلوي أن "الحل هو أن يتم تجاوز هذه الخلافات، واعتقد أن معظمها تم تجاوزه"، مبيناً أنه "كان من المتوقع أن تعقد جلسة التصويت على الموازنة اليوم السبت، لكن التأخير إلى يوم آخر سببه وجود تفاهمات حول نقاط الخلاف".

وذكر أن "الاختلاف في وجهات النظر لا يؤدي إلى ايقاف الموازنة أو تعقيد المشهد السياسي، والخلافات قابلة للتفاوض من أجل انهاء الازمة"، مؤكداً وجود "تفاهم داخل ائتلاف ادارة الدولة على القرارات المهمة ضمن الموازنة".

وأوضح العلوي أن "أخلاقنا لا تسمح لنا بتجاوز المكونات ونحاول تضمين مطالبهم بشكل عادل"، مشيرا الى ان الخلافات داخل الاطار التنسيقي مردها الى أن "موارد الموازنة تعتمد على المناطق النفطية في الجنوب، وبالتالي فإن هذه المناطق لا تأخذ استحقاقاتها من الموازنة بشكل كاف".

 وشدد على "الحريص على توزيع الثروات على الشعب العراقي بشكل متساوي"، لافتاً الى "وجود تطور في ادارة ملف النفط، حيث كان سابقا يسمح بتصدير النفط من اقليم كردستان من دون إرسال عائدات الى الحكومة المركزية، بينما اليوم لن تحتسب الموازنة للكرد من دون تسديد الحقوق الملتزمين بها الى الحكومة المركزية".

من جهته، حذر الأمين العام للمشروع الوطني، جمال الضاري، من أزمة جديدة في حال عدم تنفيذ الاتفاقات السياسية، وقال في تغريدة له "تأخير إقرار الموازنة العامة للبلاد، وعدم تطبيق بنود الاتفاق السياسي، سيدخل العراق في أزمة جديدة، يكون الخاسر الأكبر فيها الشعب العراقي. نؤكد أهمية المُضي بتفاهمات وطنية خالصة، لإقرار الموازنة، وعدم استخدام هذا الملف، لتصفية حسابات سياسية، ونجدد دعوتنا لجميع الشركاء، للنظر إلى المصلحة العامة للوطن قبل أي مصلحة خاصة".

وصوتت اللجنة المالية النيابية، الخميس، على إلزام إقليم كردستان بدفع 10 بالمئة بشكل شهري من الرواتب المستقطعة لموظفيه، فيما ضمّن ذلك بتعديلات الموازنة التي تجري مناقشتها.

وكانت حكومة اقليم كردستان، أعلنت عن رفضها إجراء أي تغيير على المواد والبنود التي تتضمن المستحقات المالية للإقليم والمدرجة في مسودة قانون الموازنة العراقية العامة للسنوات الثلاث المقبلة.

وأقرّ مجلس الوزراء العراقي، في الثالث عشر من مارس الماضي، أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، والتي زادت عن 197 تريليونا و828 مليار دينار عراقي، (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي، مستغلا ارتفاع أسعار النفط عالميا، والذي يشكّل أكثر من 95 بالمئة من عائدات البلاد المالية، وسط اعتراضات خبراء مال وقانون حيال بنود الموازنة، لكنها لم تأخذ طريقها إلى الإقرار حتى الآن بسبب الخلافات.

وكانت حكومة إقليم كردستان طبقت القرار رقم (64) والصادر منذ عام 2016 سياسة التقشف المالي عبر برنامج الادخار الاجباري للموظفين ماعدا القوات الأمنية ( الاسايش والبيشمركة)، اذ بدأ الادخار من 15 بالمئة من رواتب الموظفين، مع استقطاع نسبة 50 بالمئة من الراتب التقاعدي للدرجات الخاصة.

فيما عادت اللجنة المالية في برلمان كردستان في عام 2022 لتشكيل لجنة فرعية لإعداد تقرير حول اعادة نظام ادخار الرواتب والذي سيتم تقديمه الى رئاسة البرلمان عند الانتهاء منه.

ومؤخراً نفت حكومة الاقليم في مناسبات عدة تخفيض الرواتب أو إعادة فرض الادخار الاجباري، معتبرة الأمر بأنه "خطا أحمر" لا يمكن المساس به.