الخطر الأصفر يدعم القوة السوداء

واشنطن- دفع مقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة الأميركيين من أصول آسيوية إلى دعم احتجاجات السود رغم العلاقات المشحونة والعنيفة التي ربطتهم بالسود منذ
عقود.
ويشعر الأميركيون من أصول آسيوية بإحراج كبير منذ أن تم توجيه الاتهام إلى الشرطي من أصل آسيوي تو ثاو بالمشاركة في التسبب بوفاة فلويد، ما جعل هذه الأقلية التي باتت تتبرأ من تورطها في هذا الاعتداء العنصري.
وللتضامن مع المجتمع الأميركي الأسود، أعاد الآسيويون لدى مشاركاتهم في الاحتجاجات المناهضة للعنصرية استخدام عبارة “الخطر الأصفر” التي لاحقتهم طيلة قرون بعد أن أطلق الغرب عليهم هذا الوصف في مرحلة برزت فيها خشية كبيرة من هيمنة شرق آسيا على العالم.
وأثار مقتل فلويد تظاهرات عمت الولايات المتحدة فضلا عن فحص ضمير في صفوف الأميركيين من أصول آسيوية الذين لطالما كانت علاقتهم متوترة بالسود.
الكثير من الأميركيين من أصول آسيوية يتشاركون مقالات عبر الإنترنت ورسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مترجمة بشأن مواضيع مثل "التكلم إلى الأهل الآسيويين عن العنصرية النُظمية والدفينة"
وبعد وفاة فلويد أنشأ أميركيون من أصول آسيوية مجموعة على فيسبوك تحت اسم “أميركا الآسيوية من أجل القوة السوداء”، للربط ما بين سكان مينيسوتا من أصل آسيوي الذين يرغبون بالمشاركة في الاحتجاجات ضد العنصرية.
وتحولت المجموعة بسرعة إلى منبر يضم 3 آلاف عضو لجمع التبرعات والإعلان عن أماكن التجمع قبل التظاهرات وكيفية النقاش مع عائلاتهم حول العنصرية.
ويقول فييت هواي تران (27 عاما) المولود في فيتنام لكنه ترعرع في الولايات المتحدة “إذا أردنا النضال من أجل العدالة والتحرر والتغيير علينا أن نكون جزءا من هذه الحركة” أي التظاهرات المناهضة للعنصرية بعد مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقا بعدما ضغط شرطي أبيض لفترة طويلة على عنقه.
ويؤكد فييت هواي تران “ثمة الكثير من العنصرية تجاه السود في صفوف الأميركيين من أصول آسيوية ومن جزر المحيط الهادئ”.
ولا تزال ذكرى أعمال الشغب في لوس أنجلس في العام 1992 راسخة في أذهان الكثيرين بعد تبرئة أربعة عناصر بيض من الشرطة انهالوا بالضرب المبرح على السائق رودني كينغ وألحقوا به إصابات خطرة.
وجرت غالبية التظاهرات يومها في حي يسمى كوريتاون. وقد أطلق تجار من أصول كورية شعروا بأن الشرطة المحلية تخلت عنهم، النار على المتظاهرين السود من أعلى أسطح أبنيتهم لحماية متاجرهم.
ويقول كيفن كواش من جمعية الدفاع عن الأميركيين من أصول آسيوية “أو.سي.أيه ناشونال”، “نحن الأميركيون من أصول آسيوية ساهمنا في استمرار الشعور المعادي للسود واستفدنا من تفوق البيض”.
ويشدد كواش على وجود فحص ضمير لما يعرف بـ”الأقلية المثالية” وهي فكرة نمطية مفادها أن الآسيويين “هم أفضل” أقلية ما يعني ضمنا أن الأقليات الأخرى قد تكون أقل مستوى ويؤدي إلى تمييز حيال الأشخاص أصحاب البشرة الداكنة أكثر.
ويرى كيفن كواش أن اللافتات التي كتب عليها “الخطر الأصفر يدعم القوة السوداء” أو “الأميركيون من أصول آسيوية يدعمون حياة السود مهمة”، تتجاهل أو تخفف من الضرر الذي ألحقته الجاليات من أصول آسيوية بالسود في السنوات الخمسين الأخيرة حتى لو كان ذلك غير متعمد.
واستخدم مفهوم “الخطر الأصفر” في نهاية القرن التاسع عشر لتهميش الشعوب الآسيوية لاسيما خلال موجات الهجرة الصينية الأولى باتجاه الولايات المتحدة.
وحوّرت العبارة واستحالت شعارا لدعم حركة “بلاك بانثر” للمرة الأولى العام 1969 من قبل الأميركي من أصل ياباني ريتش أوكي الذي تبين لاحقا أنه مخبر لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف.بي.آي).
وتقول بو ثاو-أورابي إحدى مؤسسات جمعية “سي.أيه.أيه.أل” للأميركيين من أصول آسيوية ومقرها في مينيسوتا “من المهم لجالياتنا ألا تجد نفسها في مواجهة بعضها
بعضا”.
وأجرت منظمات كهذه التي تتعاون كثيرا مع مجتمعات السود ومن أصول أميركية لاتينية، تحركات عدة دعما للتظاهرات المناهضة للعنصرية مثل تنظيم قمة افتراضية حول التضامن بين السود والآسيويين.
الأميركيون من أصول آسيوية يدعمون احتجاجات السود لتخفيف الضرر الذي ألحق بهم طيلة نصف قرن
وراح الكثير من الأميركيين من أصول آسيوية يتشاركون مقالات عبر الإنترنت ورسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مترجمة إلى الصينية والكورية والفيتنامية بشأن مواضيع مثل “التكلم إلى الأهل الآسيويين عن العنصرية النُظمية والدفينة”.
وتقول جيني تام الطالبة في جامعة مينيسوتا توين سيتيز “العنصرية ضد السود ليست أمرا يمكن تحديده ومحوه بسرعة”.
وتضيف الشابة البالغة 21 عاما وهي من أصول صينية وفيتنامية شكلت مجموعة عبر فيسبوك باسم “إيجين أميركا فور بلاك باور”، إنها “ناجمة عن الخوف والخوف يحتاج إلى تفكيك”.
وتشدد على أن الجائحة شكلت إنذارا للأميركيين من أصول آسيوية الذين واجهوا موجة عنصرية مناهضة للآسيويين إذ اعتبرت الصين المسؤولة عن ظهور الفايروس.
وتؤكد جيني تام التي هاجر والداها إلى مينيسوتا بعد حرب فيتنام أن العنصرية “يمكن أن تقمعنا بطرق مختلفة لكنّ ثمة عدوا مشتركا دائما. ونحن نكافح الشيء نفسه”. وتختم قائلة “نحن لسنا من البيض ولا يمكننا تاليا الدفاع عن نظام صمم لدعم البيض ويضر” بالأميركيين السود.