الحياة بعد "تشات جي بي تي"

تخيل عالما لا نحتاج أن نبذل فيه أي جهد. عالم نتكئ فيه على الأرائك، لا حاجة بنا إلى التفكير أو التعب للحصول على ما نرغب به.

لا نتحدث عن الحياة بعد الموت، بل عن الحياة بعد "تشات جي بي تي" الذي سيتيح تطوير أنظمة أذكى من البشر.

فهل تحيل الثورة التي يعدنا بها عمالقة التكنولوجيا حياتنا في المستقبل القريب إلى فردوس، أم تحولها إلى جحيم؟

الفكرة بقدر ما ترسم صورة وردية للحياة بعد "تشات جي بي تي"، بقدر ما تثير المخاوف، حتى بين هؤلاء الذين شاركوا في تطويرها سواء بخبراتهم أو بأموالهم.

الجدل الحالي سيهدأ ومعه ستهدأ مخاوفنا وتمتلئ حياتنا بروبوتات مختلفة الأشكال والأنواع مزودة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.

من كان يظن قبل 25 عاما أن الإنترنت ستنمو وتتطور لتشغل أكثر من 70 في المئة من أوقات صحونا.

مؤخرا شارك إيلون ماسك مؤسس شركة تسلا، مالئ الدنيا وشاغل الناس، مقطع فيديو للقاء تلفزيوني جمع عام 1995 بين مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس ومقدم البرامج الشهير ديفيد ليترمان. أظهر المقطع تعرض مؤسس مايكروسوفت للسخرية لدعمه تواجد الإنترنت.

في اللقاء وجه ديفيد سؤالا إلى غيتس حول ما إذا كان يعرف شيئا عن الإنترنت، قائلا “ماذا عن موضوع الإنترنت هذا؟ هل تعرف شيئا عن ذلك؟”.

بدأ بيل غيتس بالشرح والتفسير موضحا أن الإنترنت مكان ينشر فيه الأشخاص المعلومات. بالإضافة إلى أهم شيء وهو إرسال بريد إلكتروني إلى أيّ شخص.

وعندما قال غيتس أنه يمكن بمنتهي السهولة مستقبلا مشاهدة مباراة البيسبول في أي وقت نرغب فيه، انفجر الحضور ضاحكا.

أرفق الملياردير إيلون ماسك مقطع الفيديو الذي شاركه على حسابه في تويتر بسؤال لمتابعيه “نظرًا إلى طبيعة الحاضر التي كان لا يمكن تصورها تقريبًا، كيف سيكون المستقبل؟”.

لست بيل غيتس، ولا أخشى أن يسخر مني الناس. وفي الغالب لن أكون موجودا طويلا لأتعرض للسخرية.

ولكن قبل أن أرحل، سأقول إنني كنت من جيل محظوظ كان شاهدا على ميلاد الإنترنت، جيل عاصر تيم بيرنرز لي وستيف جوبز وبيل غيتس وجيف بيزوس وإيلون ماسك وسام ألتمان..

هذا الأخير، انضم إلى “أوبن أيه آي”، وهي مؤسسة بحثية غير ربحية تهدف إلى خلق الذكاء الاصطناعي التوليدي، عام 2018 وأصبح الرئيس التنفيذي للشركة في عام 2020، وفي نهاية عام 2022، تحديدا في شهر نوفمبر، طرحت الشركة “تشات جي بي تي” للاستخدام المجاني.

وها نحن اليوم ندخل عالما يفتح لنا أبوابه “تشات جي بي تي”، حيث نأمر فنطاع. في الحقيقة لا حاجة بنا إلى أن نأمر، يكفي التفكير بالشيء ليأتي إلينا محمولا على أكف “تشات جي بي تي”.

المدهش أن كل هذا حصل في مدة لا تتجاوز ثلث عمر الإنسان.