الحوار خيار الحكومة التونسية واتحاد الشغل لتجاوز الخلافات

تراهن الحكومة التونسية على اعتماد سياسة الحوار واتخاذ القرارات بالتشاور وإشراك الأطراف المعنية، لتجاوز صعوبات تعيشها في الفترة الحالية ناجمة عن أزمة اقتصادية.
الجمعة 2017/07/07
تونس تحتاج تكاتف الجهود

تونس – خلّف قرار حكومي يقضي بالرفع في أسعار المحروقات في تونس استياء لدى الاتحاد العام التونسي للشغل، الأمر الذي جعل من مراقبين يتحدثون عن تجدد الخلافات بين المنظمة العمالية الأكبر في تونس وحكومة الوحدة الوطنية.

واجتمع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، الثلاثاء، بالأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي لمناقشة الإجراء الحكومي الأخير المتعلق بالزيادة في أسعار المحروقات تجنبا لصدام جديد بين الحكومة واتحاد الشغل.

وأوضح عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة السابق، خلال تصريحات لـ”العرب”، أن”الاتحاد متخوف أن يكون للزيادة في أسعار المحروقات انعكاسات على بقية القطاعات، بما يؤدي إلى زيادة في مواد أولية أخرى”.

وأعلنت وزارتا الطاقة والصناعة، السبت، الزيادة في أسعار البعض من المواد البترولية. ووصف الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان، الثلاثاء، الزيادة في أسعار المحروقات التي أعلنت عنها الحكومة بـ”المشطة”.

وقال البريكي “قرار الحكومة عند مناقشة ميزانية 2017 بعدم الزيادة في الأسعار والحفاظ على استقرارها صدر بعد جدل في هذا الشأن”.

وقال البريكي “لا أعتقد أن الاتحاد في المرحلة الحالية يبحث عن أزمة مع الحكومة أو أن العلاقة بين الحكومة سائرة في اتجاه التأزم. فالحكومة الحالية مقتنعة بأن العمل التشاركي مع الاتحاد وبقية المنظمات الوطنية ناجع وضروري في ظل المشهد السياسي الحالي”.

وتمكّنت الحكومة التونسية من تجاوز خلافات سابقة مع المنظمة النقابية الأكبر في تونس بشأن ملفات هامة. واستجابت الحكومة لدعوات الاتحاد بالتزامها بقرار الزيادة في الأجور وإقالة وزير التربية السابق ناجي جلول.

وأكد الاتحاد دعمه للحكومة وأبدى تفهمه لصعوبات المرحلة خلال احتجاجات شعبية اجتاحت محافظات تونسية تطالب بنصيبها في التنمية والتشغيل.

عبيد البريكي: لا أعتقد أن الاتحاد في المرحلة الحالية يبحث عن أزمة مع الحكومة

وتراهن الحكومة التونسية على دعم المنظمات الوطنية للتخلص من عبء التجاذبات السياسية والحزبية للمضي قدما في مسيرة الانتقال الديمقراطي. كما تعي أهمية توفير سند سياسي للحرب التي أعلنها الشاهد مؤخرا ضد الفساد.

ولفت البريكي إلى أن “الاتحاد سيـأخذ في الاعتبار معركة الحكومة ضد الفساد وهدفه الأقصى الآن للدفع بهذه الحرب إلى الأمام لتفكيك منظومة الفساد”. وأكد اتحاد الشغل “دعمه المطلق لمعركة الحكومة ضد الفساد”.

ويرى الصحافي التونسي أيمن الزمالي، خلال تصريحات لـ“العرب”، أن “حكومة الشاهد تحظى على عكس المتوقع بدعم كبير من المنظمة العمالية خاصة في حربها على الفساد وفي عملها على إصلاح نظام الوظيفة العمومية وبمراجعة سياسة الدعم لا إلغائه”.

وأضاف “لا يمكن أن نتوقع بوادر أزمة بين الاتحاد والحكومة في هذا الظرف الذي يتميز بتواصل الحوار بين الطرفين”، مشيرا إلى وجود مساع لإحداث بعث مجلس للحوار الاجتماعي في تونس.

وبدأ البرلمان التونسي بمناقشة مشروع قانون مجلس الحوار الوطني، عقب حوار بين الأطراف الموقّعة على العقد الاجتماعي منذ يناير 2013، وهذه الأطراف هي الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

وأشار الزمالي إلى أن “موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من قرار رفع أسعار المحروقات، هو موقف منسجم وطبيعة مهامه كمنظمة تدافع عن العمال والشغالين والكادحين منحازة مبدئيا إلى هذه الفئات التي تعاني الارتفاع المشط في الأسعار وتبعات تواصل انزلاق الدينار لمستويات لم يبلغها من قبل أبدا”.

ويتوجس اتحاد الشغل عقب رفع الحكومة لأسعار المحروقات من أن يشكل القرار بداية خرق لوثيقة قرطاج التي وقعت عليها أحزاب ومنظمات وطنية في شهر أغسطس الماضي. وكانت وثيقة قرطاج قاعدة على أساسها تشكلت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الشاهد، كما حددت الوثيقة أولويات البرنامج الحكومي.

وقال فريد العليبي المحلل السياسي التونسي، في تصريحات لـ”العرب”، إن الاتحاد نبّه الحكومة في مناسبات عديدة إلى أنها تنتهك بنود اتفاق قرطاج وجاءت الزيادات الأخيرة في الأسعار لتعزز شكوكه حول الالتزام الحكومي بتلك الاتفاقية”.

وأشار الطبوبي، خلال حوار سابق أجراه مع “العرب”، إلى “إمكانية مراجعة وثيقة قرطاج إذا تطلبت المرحلة الراهنة ذلك”.

وأضاف العليبي “عندما يتعلق الأمر بالملف الاجتماعي فإن الاتحاد يجد نفسه معنيا أكثر من غيره بالتعبير عن مواقف تأخذ بعين الاعتبار مصالح المنتمين له، وإن لم يفعل ذلك فإنه يغامر بخسارة جزء من رصيده الشعبي”.

ويحاول اتحاد الشغل الموازنة بين الضرورات الاجتماعية والأولويات الحكومية خاصة أن الحكومة التونسية مقبلة على تعديل وزاري بسبب تسيير وزارتي المالية والتربية بالنيابة منذ إقالة لمياء الزريبي وناجي جلول.

ودعا الطبوبي، في تصريحات إعلامية سابقة، إلى إجراء تعديل وزاري جزئي بالبعض من مفاصل الدولة. وقال إن “الوقت قد حان لإعادة النظر في هيكلة الحكومة للوزارات”.

ولفت البريكي إلى أن “دعوة الاتحاد لإجراء تعديل وزاري خطوة تدعم العمل الحكومي لملء الفراغ بوزارة المالية والتربية، فالاتحاد له رأي في المسألة بحسب ما توفره له وثيقة قرطاج”. ويعتقد عبيد البريكي أنه كل ما أخذت الحكومة برأي الاتحاد ضمنت دعمه.

4