الحمير تنافس الكلاب في حراسة الأغنام بألمانيا

هونفيلد (ألمانيا) - يرعى قطيع من الأغنام في هدوء وسكينة، وكل واحد من أفراده مشغول بشؤونه الخاصة، في أحد المروج المشمسة بإقليم الرون الألماني المعروف بمرتفعاته، إلى أن يظهر فجأة حمار.
ويهرول الحمار باتجاه شخص يقترب من الأغنام، ليعترض طريق الرجل رافضا مرور هذا الشخص الذي كان يسير في المنطقة بغرض التنزه.
ووقف الحمار في مكانه ثابتا بصلابة مثلما يفعل أي حارس في ملهى ليلي، ولكن بعد أن تشمم حقيبة الرجل الرياضية ثم النظر إليه مرة أخرى بإمعان، يتخلى الحيوان عن تحفزه ويسترخي ويفسح للزائر الطريق.
ويقترب حمار ثان من المكان، ويتفحص الرجل السائر على قدميه بدقة.
ويعلق على المشهد الراعي أوليفر سبايز، وهو يتعقب بنظره الحمار الثاني السائر في اتجاه الزائر، ويقول “هذان هما تيسا وباولين، الحماران اللذان يحرسان قطيعي من الأغنام.”
ويستخدم الكثير من الرعاة الكلاب لحراسة ورعاية قطعان أغنامهم، غير أن هذين الحمارين لديهما القدرة أيضا على القيام بنفس المهمة؛ فهما يراقبان نحو 300 خروف بالإضافة إلى عدد قليل من الماعز، وتشمل مجموعة الحيوانات المتنقلة في المرعى أيضا اثنين من كلاب الرعي.
الحمير متعددة المواهب والقدرات، ما يتيح للقطعان الصغيرة درجة معينة من الحماية من الحيوانات والمهاجمين
وتعمل الحيوانات معا في الحفاظ على الطبيعة، وعن طريق قضم الشجيرات وأكل الحشائش تكفل الخراف والماعز أن تظل محمية وينبرج الطبيعية الكائنة في قلب ألمانيا غير مغطاة بالشجيرات والأشجار وإنما تبقى موطنا طبيعيا غنيا بأنواع مختلفة من الكائنات الحية.
ويوضح سبايز أن “باولين وتيسا يقومان بحماية القطيع، وعندما يقترب شخص أو حيوان من المكان يقفان أمام الخراف والماعز، وينظران أولا للتعرف على نوعية الحيوان المقترب وما إذا كان عدوا أم صديقا.”
ويقول إنهما يقفان بثبات إلى أن يأتي الراعي، ويقرر ما إذا كان كل شيء على ما يرام.
واكتشف سبايز أن شراء الحمارين والاعتناء بهما أقل كلفة من رعاية كلبيه، غير أن اختياره لشراء الحمارين اللذين من غير المألوف أن يقوما بحراسة القطيع، لم يكن فقط بدافع توفير المال. وأثبتت التجربة أن لدى الحمارين قدرات خاصة، لا تتمتع بها كلاب الحراسة.
وتقول زوجته ساره سبايز، وهي طبيبة بيطرية حصلت حاليا على إجازة لرعاية طفلها، “هناك الكثير ممن يقومون بالتنزه مع الكلاب سيرا على الأقدام في المنطقة الترفيهية المحلية،” وهي تساعد زوجها من حين إلى آخر في العناية بالقطيع.
وتضيف أن “كلب الحراسة الذي يتسم بسلوك قوي في الدفاع عن منطقته لا يفرق بين نوعية الحيوان الذي يقترب من المنطقة التي يدافع عنها، سواء كان ذئبا أو كلبا آخر، فهذا الكلب يقول للحيوان المقتحم لمنطقته: أنت لاتنتمي إلى هذا المكان سواء كنت أليفا ومربوطا بسلسلة أم لا.”
وبالتالي ليس من الممكن استخدام مثل هذه النوعية من الكلاب في الحراسة بالمنطقة، وبدلا منها يؤدي الحماران المهمة لأنهما أقل عدوانية من كلاب الحراسة.
وإلى حد الآن لم تهاجم الذئاب الحيوانات التي ترعى في هذا الجزء من منطقة الرون، وإنما حدثت هجمات في أماكن أخرى بالمنطقة الجبلية.
ولكن ما الذي يمكن أن يفعله الحمار في حالة اقتراب ذئب من القطيع؟

على هذا السؤال يرد أوليفر سبايز قائلا “باولين وتيسا لا يشعران بالخوف عند مقابلة ذئب بمفرده، وفي هذه الحالة يقفان أمام القطيع ويصدران ضجيجا عاليا.”
ويضيف أنه “من المرجح أن يتحرك الذئب بعيدا ليبحث عن فريسته في مكان آخر،” ويقر سبايز بأن الحمارين لا يستطيعان الصمود أمام مجموعة من الذئاب.
وقام سبايز بتدريب الحمارين اللذين ولدا في مزرعة أخرى للأغنام، ولذلك هما غير غريبين عن الخراف والماعز قبل بدء العمل في مزرعته.
وتقول وزارة الزراعة في ولاية هيسن الألمانية التي تجاور جزءا من مرتفعات الرون، حيث يرعى القطيع التابع لسبايز، إن الحمير حيوانات متعددة المواهب والقدرات، وتدعم الوزارة تربية الحمير حتى مع قطعان الأغنام، مع تلبية شروط الاعتناء بالحيوانات.
وتضيف الوزارة أن الحمير تتيح للقطعان الصغيرة درجة معينة من الحماية من الحيوانات والمهاجمين، فهي “قوية نسبيا وقادرة على إصدار الإنذار.”
وتتابع وزارة الزراعة أنه “لم يتم التحقق بشكل موثوق به من قدرة الحمير على حماية الأغنام من هجمات الذئاب، حتى عن طريق النهيق بصوت عال.”
وتساعد الولاية المزارعين ماليا على شراء الكلاب ورعايتها، وتشير وزارة الزراعة إلى أنه بخلاف كلاب حراسة القطعان المدربة، فإن “الحمير لا تستطيع أن توفر حماية أساسية فعالة ضد هجمات الذئاب،” وهذا يعني أنها لا تستطيع أن تحل محل الإجراءات الأخرى المتبعة لحماية القطيع.
ومن ناحية أخرى توضح الوزارة أن تربية الحمير تتطلب الكثير من الجهد من منظور رعاية الحيوان، فمثلا تحتاج الحمير إلى الاعتناء بحوافرها بشكل منتظم، بالإضافة إلى أهمية وجود حمارين على الأقل معا، لأن هذه الحيوانات لديها رغبة طبيعية في الألفة.
غير أنه يلاحظ أن الحمير تساعد على رعاية قطعان الأغنام في مناطق كثيرة من العالم، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها أنها تأكل نفس غذاء القطيع الذي تحرسه، كما أنها غير مكلفة ولا تحتاج إلى إجراءات واسعة للاعتناء بها، كما لا تحتاج إلى تدريب مكثف.