الحلبوسي يقدم نفسه كحلّ سياسي واقتصادي لمدن غرب العراق

الرمادي (العراق) - يتطلع رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي البالغ من العمر أربعين عاما، إلى ولاية ثانية عند تحقيق تحالف "تقدم" الذي يتزعمه نسبة جيدة من المقاعد في مجلس النواب أثناء الانتخابات البرلمانية التي ستجري الأحد المقبل.
ومع أن هناك طموحات أكبر للحلبوسي للتنافس على رئاسة الجمهورية وفق تصريحات للمقربين منه لتغيير التقسيم الطائفي السائد أن تكون رئاسة الجمهورية للأكراد ورئاسة الحكومة للشيعة، بينما تمنح رئاسة البرلمان للسنة، غير أنه يواجه تنافسا شديدا من تحالف “عزم” الذي يرأسه رجل الأعمال خميس الخنجر.
ويتنافس الحلبوسي والخنجر المنحدران من محافظة الأنبار على زعامة سنة العراق، بالإضافة إلى أسامة النجيفي المنحدر من محافظة نينوى

ويسعى الحلبوسي لتقديم نفسه كسياسي ديناميكي يترجم الوعود إلى أفعال خصوصا في المحافظة السنية، بهدف تعزيز قاعدته الشعبية.
وتعدّ الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في العاشر من أكتوبر بالنسبة إلى هذا السياسي الصاعد، بمثابة استفتاء. ويمكن رؤية صور الحلبوسي وصور تحالفه “تقدّم” منتشرة في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، طاغية على صور منافسيه من تحالف “عزم” الذي يضم عددا كبيرا من السياسيين السنة الموجودين على الساحة منذ زمن.
وأصبح الحلبوسي نائبا في البرلمان بعد انتخابات العام 2014، ثمّ رئيس اللجنة المالية البرلمانية، وشغل لفترة محدودة منصب محافظ الأنبار.
وأصبح بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2018، أصغر شخص يتولى رئاسة البرلمان بدعم من الكتلة الموالية لإيران.
ووصف المحلل السياسي العراقي جبار المشهداني في تصريح لـ”العرب” صعود الحلبوسي من منصب محافظ الأنبار إلى رئيس البرلمان العراقي، بعد تنافس شديد مع أسامة النجيفي رئيس البرلمان الأسبق وخالد العبيدي وزير الدفاع الأسبق، بالمفاجأة السياسية التي تكشف عن طموحه في تمثيل السنة.
ويشرح المحلل السياسي والمصرفي حمزة حداد أن الحلبوسي ارتقى إلى المناصب بسرعة، وأصبح بذلك بمواجهة الجيل القديم من السياسيين السنة، ووحّدهم ضده.
ويعمل الحلبوسي أيضا على توسيع علاقاته الإقليمية، فالتقى الشهر الماضي ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقبلها بأيام جمعه لقاء في القاهرة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأخيرا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويرى حداد أنه “من الواضح أن هناك تعزيزا للعلاقات بين العراق والإمارات خصوصا في مجال الأعمال كما في المجال السياسي”، مشيرا إلى أن “السلطات الحالية لديها روابط وثيقة” مع الإماراتيين “تأتي من جهود رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب”.
وردا على سؤال حول إمكانية أن يتولى الحلبوسي رئاسة البرلمان لدورة ثانية، يقول حداد “لم يفعل أحد ذلك من قبل، لكن إن كان هناك أحد قادر على فعل ذلك، فهو الحلبوسي”.
إلا أن المحلل السياسي العراقي مصطفى كامل اعتبر التكتلات السنية بصرف النظر عن مسمياتها، نتاج المشروع السياسي الأميركي الإيراني في العراق القاضي بتقسيم العراق إلى مكونات طائفية وعرقية.

وأكد كامل في تصريح لـ”العرب” أن الكتل والتحالفات لا يوجد لديها ما يمكن أن تقدمه على الصعيد الوطني، إذ أنها حصرت نفسها منذ مجلس الحكم بعد عام 2003 في الإطار الطائفي وفي مناطق محددة بعينها.
وقال “تؤكد تجارب ما بعد الاحتلال أن هذه الكتل لم تحقق منفعة حتى لمن تدّعي تمثيلهم ولم تدفع عنهم ضررا، والدليل ما حدث ويحدث في المحافظات المنكوبة، لأن وجود هذه الشخصيات والكتل في هذا المشروع السياسي ليس أكثر من ديكور لازم لإخراج المسرحية التراجيدية بحسب تعليمات مخرجي المشروع، وبالتالي فهي لا يمكن أن تقدم شيئا لأبناء المناطق التي تتحرك فيها، ولكنها مستمرة في خداعهم”.
غير أن تقريرا لوكالة الصحافة الفرنسية يؤكد أن في محافظة الأنبار يمكن رؤية فندق فاخر قيد البناء على ضفاف الفرات ومجمعات تجارية ومطار ومشاريع عقارية متنوعة، في مشاريع تعكس انطلاقة اقتصادية خجولة بعد سنوات من التهميش ويقف وراءها رئيس البرلمان المؤثر الحلبوسي.
وشكّلت هذه المحافظة ذات الغالبية السنية مسرحا لمواجهات تركزت في مدينة الفلوجة ضد القوات الأميركية بعد غزوها العراق عام 2003.
وعانت المنطقة دمارا كبيرا جراء هجمات تنظيم القاعدة بعد ذلك، ثمّ سيطرة تنظيم داعش. واستعادتها القوات الحكومية العراقية في أواخر العام 2015 بثمن باهظ جعل من أغلب مدنها بينها الرمادي، مركز المحافظة، في حالة دمار شبه كامل.
ويغطي الزفت شوارع الرمادي التي تمتد على جانبيها أعمدة إنارة جديدة. وعلى ضفة من نهر الفرات، ينكب عمال على بناء فندق خمس نجوم، يتألف من 15 طابقا تتوزع فيها 184 غرفة، وتصل كلفته إلى ستين مليون دولار.
وتتولى بلدية المحافظة بالتنسيق مع القطاع الخاص تنفيذ المشروع الذي يفترض أن يستكمل ببلاط رخامي مستورد من إسبانيا ومرسى زوارق على النهر وأحواض سباحة.
ويشيد ماجد الغضبان، وهو المقاول الرئيسي الذي يتولى بناء الفندق، بالمسؤولين المحليين، لاسيما الحلبوسي الذي له “الفضل في إعمار المحافظة والاستقرار السياسي والأمني”.
وفي بلد نهشت بناه التحتية سنوات من الحروب، ولا يزال القطاع العام فيها متهالكا واقتصاده ضعيفا رغم الثروة النفطية، تشكّل مظاهر العمران في الرمادي نهضة صغيرة ذات رمزية كبرى، لاسيما بالنسبة إلى العراقيين السنة الذين يعتبرون أنفسهم مهمشين من سلطة مركزية يهيمن عليها الشيعة.

لكن بالنسبة إلى الصحافي عامر الكبيسي المقرب من تحالف “عزم”، المنافس الأكبر لتحالف الحلبوسي والذي يقوده رجل الأعمال خميس الخنجر، فإن مشاريع تحالف “تقدم” في المحافظة “مشروع شخصي” يعتمد على “الإبهار الصوري لمنجزات متوسطة كالتبليط ومداخل المدن”، وفق ما كتب في منشور على موقع فيسبوك.
واعتبر الكبيسي أن “تحالف عزم هو التحالف السني، وتحالف تقدّم هو تحالف شخصي”.
وحتى الآن، لم تنته الأعمال في المستشفى العام الرئيسي في المنطقة على الرغم من أنه يستقبل مرضى. وفتح مستشفى “الصفوة” الخاص أبوابه في أبريل، فيما بعض أقسامه “تستحدث للمرة الأولى في المحافظة”، وفق ما يقول مديرها والمستثمر الرئيسي فيها محمد مصلح حنوش.
ويشير حنوش، وهو طبيب أطفال أيضا، إلى تحوّل المدينة إلى مركز جذب، قائلا “حتى أسعار الأراضي ارتفعت بنسبة الضعف تقريبا، (بعضها) أغلى من بغداد”.
ويتحدث محافظ الأنبار علي الدليمي المرشح للانتخابات مع تحالف “تقدم”، عن مشاريع أخرى قيد الإنجاز بينها مطار دولي ومنطقة حرة لاستقبال البضائع من المنافذ الحدودية الثلاثة التي تربط الأنبار مع سوريا والأردن والمملكة العربية السعودية.
ومن مكتبه، يعرض مدير بلدية الرمادي عمر مشعان دنبوس نماذج معمارية بينها أبراج زجاجية براقة وموقف سيارات بطوابق عدة ومنحنيات هندسية حديثة، كما يكشف عن مجمع عقاري ستقوم بتنفيذه شركة إماراتية في المنطقة.
ويتطلب تنفيذ كل تلك المشاريع وقتا. ويقول دنبوس “نحتاج أربع سنوات أخرى”، معربا عن أمله في أن “يبقى الحلبوسي على رأس الهرم لإكمال ما بدأه مع فريقه”.