الحكومة المصرية تستثمر سياسيا في نجاح مؤتمر المناخ

وزير الخارجية المصري يؤكد أن بلاده ستسمح بتنظيم احتجاجات سلمية خلال فترة إقامة قمة المناخ.
الاثنين 2022/05/30
الوقت مناسب للاستثمار في قضايا المناخ

القاهرة - تضع الحكومة المصرية الكثير من طموحاتها ورهاناتها السياسية على نجاح مؤتمر المناخ “كوب 27”، والذي سوف يعقد في مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من السابع إلى الثامن عشر من نوفمبر المقبل، ومن المتوقع أن يكتب شهادة تفاعلها مع مشاغل المجتمع الدولي، وقدرتها على الانفتاح مع متطلباته، وفي مقدمتها الموافقة على منح حق التظاهر في مناسبة عالمية يبدو فيها المحتجون من أبرز ملامحها.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن بلاده ستسمح بتنظيم احتجاجات سلمية خلال فترة إقامة قمة المناخ، ويتم تطوير مرفق مجاور لمركز المؤتمرات يوفر فرصة كاملة للنشطاء للمشاركة والنشاط والتظاهر والتعبير عن آرائهم.

ودعت منظمة العفو الدولية القاهرة أخيرا إلى تخفيف القيود المفروضة على المساحة المتروكة للنشاط المدني في الفترة التي تسبق انعقاد المؤتمر.

واعتاد بعض النشطاء في مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية الخاصة بالمناخ تنظيم احتجاجات في شوارع المدن التي تقام فيها، وتوجيه اتهامات إلى المسؤولين في الدول الصناعية الكبرى عن سوء أوضاع المناخ في العالم وتداعياته على الحياة.

القاهرة يمكن أن تحقق مكاسب سياسية من وراء المؤتمر، حيث تتبنى مواقف متوازنة في الشواغل المرتبطة بملف المناخ

وأصدرت مصر قوانين تضع قيودا صارمة على التظاهر في الشوارع بعد سقوط نظام حكم الإخوان، عقب ثورة شعبية عارمة شارك فيها الملايين من المصريين.

ويلعب المحتجون دورا مهما في مؤتمرات المناخ جعلها بعيدة عن الكرنفالات السنوية التي يجتمع فيها مسؤولون من دول مختلفة، لعرض رؤاهم حول الخارطة العالمية بشأن الانبعاثات الحرارية والتأثيرات السلبية على حياة المواطنين، جراء إسراف الدول الصناعية في استخدام أنواع عديدة من الطاقة تصيب الجو بالتلوث.

وشدّد وزير الخارجية المصري على هامش اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية، على تنفيذ الالتزامات والتعهدات في جميع قطاعات جدول أعمال تغير المناخ، في التكيف أو التخفيف أو التمويل أو الخسائر والأضرار.

وأطلق رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أخيرا ما يسمى بـ”الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050”، في احتفالية نظمتها وزارة البيئة في التاسع عشر من مايو الجاري، كخارطة طريق لمواجهة تحديات تغير المناخ، تعكس الاهتمام به.

ويسعى مؤتمر شرم الشيخ إلى تحقيق تقدم في المحادثات العالمية بشأن التغيرات المناخية، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة هامة للنظر في آثارها على قارة أفريقيا.

وائل أبوالمجد: مصر ستسعى للتوسط لحل الخلافات حول قضايا المناخ

وتؤكد دراسات عدة أن هذه القارة هي الأقل إسهاما في قضية الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم، لكن من أكثر المناطق تضررا من تغيرات المناخ الخاصة بارتفاع منسوب البحر والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي.

وشكلت مصر لجنة عليا يشرف عليها رئيس الحكومة، وعضوية عدد من الوزراء والمسؤولين لتنظيم مؤتمر شرم الشيخ ومتابعة خطوات الاستعداد لتنظيم الفعالية العالمية، وخروجها بشكل يعكس جهود مصر في دعم قضايا تغير المناخ، ومشاركتها المجتمع الدولي في مواجهة التحديات المرتبطة بظاهرة تؤرق دولا كثيرة.

وتبدو الأجندة المصرية العامة قريبة من أهداف المحتجين المنتظر تفاعلهم مع مؤتمر شرم الشيخ، حيث تطالب القاهرة بمراعاة أوضاع الدول التي تمثل الانبعاثات الحرارية واحدة من المخاطر التي تهددها، وتسعى من خلاله إلى وضع هذه القضية على جدول أعماله.

وتم اختيار مصر لاستضافة النسخة السابعة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ خلال مؤتمر غلاسكو في بريطانيا، والذي عقد في نوفمبر الماضي، بمشاركة 200 دولة أكدت تعزيز التزاماتها المتعلقة بالحالة المناخية في العالم.

وجاء اختيار مصر لاستضافة “كوب 27” بعد سلسلة من التحركات أكدت فيها انشغالها بالتغيرات المناخية، وتحولت إلى ناطقة باسم الدول الأفريقية في هذا المجال.

وترأس الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لجنة الرؤساء الأفارقة المعنيين بتغير المناخ عامي 2015 و2016 وأطلق مبادرتين، الأولى تهتم بالطاقة المتجددة في أفريقيا، والثانية تدعم جهود التكيف في القارة.

وترأست مصر عام 2018 مجموعة الـ77 والصين في مفاوضات تغير المناخ، ومجموعة المفاوضين الأفارقة، وكانت المتحدثة باسم الدول الأفريقية والمعبرة عن رؤاها وأولوياتها حول هذه القضية الحيوية.

وخيبت الدول الغنية آمال الكثيرين في غلاسكو عقب الإشارة إلى رفض تقديم مئة مليار دولار سنويا، تعهدت بها لمساعدة الدول النامية في التحول نحو الطاقة النظيفة والتكيف مع ارتفاع حرارة العالم.

وأشار الممثل الخاص لرئيس قمة “كوب 27” وائل أبوالمجد إلى أن مصر ستضع نفسها في موقف محايد في أثناء استضافتها قمة الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وستطالب الدول الأخرى بالتحرك لتنفيذ تعهدات المناخ ودعم مصالح الدول النامية.

Thumbnail

وتأتي عملية الدعم المادي ضمن أولويات مؤتمر شرم الشيخ، حيث يرمي إلى تدبير تمويل منفصل للخسائر والأضرار والحصول على تعويضات للدول المعرضة للمخاطر، التي تعاني من الطقس السيء بفعل التغيرات المناخية.

وذكر أبوالمجد في تصريحات لوكالة رويترز أن مصر ستسعى للتوسط بين الدول المتقدمة والنامية التي اختلفت حول قضايا انبعاثات الكربون والتمويل المتعلق بالمناخ، وتحاول المساعدة في توجيه الانتقال من مرحلة تقديم التعهدات إلى العمل.

وقلل متابعون من إمكانية نجاح “كوب 27” في توفير الدعم المالي في ظل تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي طالت دولا عديدة بين غنية وفقيرة، قبل أن يتم التخلص من تداعيات فايروس كورونا.

وأكد المتابعون أن القاهرة يمكن أن تحقق مكاسب سياسية من وراء المؤتمر، حيث تتبنى مواقف متوازنة في الشواغل المرتبطة بملف المناخ، بما يعزز حرصها على إيجاد حلول ناجحة في قضية مزمنة.

7