الحكومة الكويتية تستسهل الاستقالة بدل مواجهة المعارضة

ثقة الشارع الكويتي في الشيخ أحمد النواف على المحك.
الثلاثاء 2023/01/17
الشيخ أحمد النواف لم يحسن إدارة الصراع مع البرلمان

هناك حالة من عدم الرضا عن طريقة إدارة الحكومة الكويتية للصراع الدائر مع نواب المعارضة حول جملة من مشاريع القوانين، حيث بدت الحكومة ضعيفة وغير قادرة على مجاراة التصعيد، وسلاحها الوحيد الذي تعتمده في الضغط هو التلويح بالاستقالة.

الكويت - تقول أوساط سياسية كويتية إن تعامل رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح مع الأزمة المستجدة مع مجلس الأمة كان دون المطلوب، وشكل رسالة سلبية للشارع الكويتي الذي كان يعلق آمالا كبيرة على الشيخ أحمد النواف في تجاوز مطبات الماضي، ووضع البلاد على سكة الإصلاح.

وتشهد الكويت أزمة سياسية في علاقة بإصرار نواب المعارضة الذين يسيطرون على مجلس الأمة على تمرير حزمة من مشاريع القوانين مكلفة ماليا، في مقابل إبداء الحكومة تحفظات كبيرة عليها، وسط تلويحها بإمكانية الاستقالة إذا ما أصر النواب على موقفهم.

ومن بين المشاريع التي يتمسك بها النواب شراء قروض المواطنين من الاحتياطي العام للدولة، وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية، وتأسيس شركات لإنشاء مدن ومناطق سكنية وتنميتها.

وبدأت هذه الأزمة في التصاعد الثلاثاء الماضي، حينما حضر وزيران فقط إلى جلسة تشريعية للنظر في تلك المشاريع حاملين معهما طلب تأجيل النظر فيها، قبل أن يعلنا انسحابهما، في موقف استغله نواب المعارضة الذين حرصوا على تسويق ما جرى على أنه “جبن من الحكومة”.

القوانين الشعبوية المطروحة ستهوي بصندوق الاحتياطي العام نحو القاع، خاصة مع تراجع أسعار النفط

وتقول الأوساط السياسية إنه كان من المفترض أن تكون الحكومة حاضرة بجميع وزرائها المعنيين بتلك المشاريع، إلى جانب رئيس الوزراء للدفاع عن وجهة نظرهم مع التعبئة المضادة الواعية لمخاطر تلك المقترحات ولاسيما في علاقة بشراء القروض، والتي لا يوجد إجماع شعبي حولها.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الحكومة بدل من ذلك اكتفت بحضور شكلي، قبل أن تنسحب، لتلوح بعد ذلك بإمكانية تقديم استقالتها في حال أصر النواب على موقفهم، وهذا هروب ثان يعكس ضعف الحكومة.

وترى الأوساط أنه من المنتظر أن تنجح القيادة السياسية في احتواء الأزمة المستجدة، وقد بدأت بعض البوادر تظهر في هذا الصدد من خلال تراجع نسبي في موقف النواب حيال تلك المشاريع، حيث أبدوا استعدادهم لإدخال تعديلات جوهرية على المشاريع المطروحة، لكن المشكلة الحقيقية هي في تراجع الثقة بقدرة الحكومة على التعامل مع الأزمات.

وحذرت مصادر مطلعة الاثنين من أن “القوانين الشعبوية المطروحة ستهوي بصندوق الاحتياطي العام نحو القاع، خاصة مع تراجع أسعار النفط أكثر من 26 في المئة منذ بداية العام وحتى اليوم، واستمرارية المصروفات الجارية في الارتفاع”.

وأشارت تلك المصادر بحسب صحيفة “النهار” المحلية إلى أن التطور الاقتصادي سيكون بعيد المنال مع استمرار التأزيم الذي تقوده مطالبات إسقاط القروض وزيادة الرواتب وعدم الالتفات إلى قضايا المستقبل المُلحة مثل التعليم والإسكان والصحة والمشاريع المؤجلة وغيرها.

الاعتماد على النفط وحده ليس حلاً لتحقيق تنمية مستدامة قادرة على تلبية متطلبات الأجيال القادمة

وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادرها أن التأزيم السياسي “لا يمكن أن يتحقق معه حلم تحوُّل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، كما لا يمكن مساءلة الحكومة سياسياً إذا لم يُترك لها مجال للعمل”.

واعتبرت المصادر أن الاعتماد على النفط وحده “ليس حلاً لتحقيق تنمية مستدامة قادرة على تلبية متطلبات الأجيال القادمة”.

وكان الاحتياطي النقدي للكويت قد تراجع في نهاية سبتمبر الماضي إلى مستوى 12.41 مليار دينار (نحو 40 مليار دولار) بانخفاض على أساس شهري نسبته 0.94 في المئة.

وأظهر رئيس الوزراء الكويتي ضعفا منذ البداية في المواجهة مع مجلس الأمة الحالي، حينما اضطر إلى تعديل تشكيلته الحكومية، ثم قبوله بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في صفقات عسكرية هي منظورة أمام القضاء، واليوم برفضه المواجهة واستسهال طرح فرضية الاستقالة.

وتقول الأوساط إن على رئيس الوزراء، وهو ابن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أن يغير طريقة إدارته وأن يبدي حزما أكثر في التعاطي مع نواب شغلهم الشاغل الحفاظ على خزان بشري يلجأون إليه مع كل استحقاق انتخابي، وإن اقتضى الأمر كسب دعم هذا الخزان بمشاريع شعبوية تشكل استنزافا لخزينة الدولة على غرار مشروع شراء القروض.

وتلفت إلى أنه بدل الاكتفاء برفض تلك المشاريع كان يمكن للحكومة أن تعرض بدائلها كأن تطرح مشروعا لدعم محدودي الدخل بطرق أكثر استدامة.

3