الحكومة التونسية الجديدة تراهن على الشباب والنساء ضمن تركيبتها

تونس- تتجه نجلاء بودن المكلّفة بتشكيل الحكومة الجديدة في تونس نحو المراهنة على شخصيات نسائية وشبابية بتسليمهم حقائب وزارية مهمة، في خطوة ثمنها مراقبون لكونها تقطع مع تركيبة الحكومات السابقة، مع التأكيد على توفر عنصر الكفاءة والقدرة على تحمل هذه المسؤوليات.
أعلنت رئيسة الوزراء التونسية المكلفة بودن أنه لأول مرة ستتجاوز نسبة تمثيل المرأة 50 في المئة في الحكومة التونسية الجديدة.
وقالت في تغريدة لها على تويتر إن “الحكومة ستتكون من كفاءات نسائية وشباب قادر على إحداث الفارق في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد”.

منذر ثابت: مشاركة المرأة والشباب في الحكومة كانت مطلب الديمقراطيين
ورحبت شخصيات حقوقية بالخطوة، مؤكدة قدرة المرأة التونسية على تحمل المسؤوليات في المناصب الكبرى للدولة، واصفة مشاركة الشباب بـ”المتأخرة”، وداعية بودن إلى أن تكون في مستوى رمزية الفترة الراهنة التي تمر بها البلاد.
وأفادت نجاة الزموري عضو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أن “مسألة تعيين امرأة لتشكيل الحكومة تحسب للرئيس قيس سعيد بقطع النظر عن خلفياته”، قائلة “سعيد بعث برسالة لحركة النهضة في الداخل وكل من يدعون الحداثة والتقدم، ورسالة طمأنة للخارج (فرنسا والولايات المتحدة) أنه يؤمن بالقيم الحدثية”.
وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “نرحب بفكرة المشاركة الواسعة للنساء وخاصة فئات الشباب التي تعتبر أولى من غيرها في تقلد مناصب في الدولة ونحن في الطريق إلى جمهورية ثالثة”.
وتابعت الزموري “إشراك الشباب كان يفترض أن يكون منذ 2011، والمرأة كذلك قادرة على تقديم الإضافة في كل المجالات، وهي أقل عرضة لممارسة الفساد وتعرف بالجدية والصرامة ولا تتعامل بالمحاباة وقادرة على تحمل المسؤولية وإدارة الشأن العام بشكل جيّد”.
وأردفت “على المكلفة بتشكيل الحكومة الجديدة أن تكون في مستوى اللحظة التاريخية لأننا نعيش حقبة جديدة وعليها أن تقطع مع كل ما يتعلق بالمنظومة السابقة من حيث الهيكلة والتركيبة، وأن تختار عناصر وطنيين وأكفاء”، لافتة “عليها أن تفتح الملفات الكبرى وتحيلها للقضاء مثل ملفات الاغتيالات السياسية، وأن تملك الجرأة الكافية لذلك وتطمئن الشعب التونسي”.
ويذهب مراقبون إلى ضرورة القطع النهائي مع الحضور الفولكلوري للمرأة والشباب في الحياة السياسية بتفعيل التشاركية في السلطة، مشدّدين على ضرورة توفر مقومات النجاح من كفاءة وخبرة.

نجاة الزموري: المرأة التونسية قادرة على تقديم الإضافة في كل المجالات
واعتبر منذر ثابت المحلل السياسي أن “إشراك المرأة والشباب في الحكومة الجديدة كان مطلب الديمقراطيين، ومشاركة المرأة تتجاوز الحضور الفولكلوري في الحكومات السابقة، فضلا عن مبدأ المساواة مع الرجل مع ضرورة توفر شرط الكفاءة والقدرة على الاضطلاع بالمهام”.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “هي قفزة نوعية لتكريس التناصف الفعلي بين الرجل والمرأة، وكسر الحاجز النفسي داخل الطبقة السياسية والمرور إلى التشاركية الفعلية في إدارة شؤون الدولة”.
وأضاف ثابت “مشاركة الشباب مهمة جدا، ويجب التركيز على مسألة الاقتدار والكفاءة وكذلك الخبرة والمعرفة لأن كل العصور هي عصور الشباب”.
واستطرد “علينا ألا نجعل هذه المطالب مجرد فولكلور جديد لتبرير تعيين القوى السياسية في تلك المناصب”. ويجمع الخبراء في تونس على أن بودن تواجه تحديا كبيرا في إثبات قدرة المرأة على تولي مناصب عُليا، فضلا عن إظهار الكفاءة لإدارة المرحلة الانتقالية التي من المنتظر أن تشهد إصلاحات سياسية.
ويعزز عدم انتماء بودن إلى تيار سياسي أو حزبي في تونس من فرص نجاحها في تشكيل حكومة توافقية ومنسجمة يمكن أن تنكب على معالجة القضايا العالقة.
ووفقا للتدابير التي أعلنها الرئيس سعيد في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي، فإنها ستقترح أسماء الوزراء فقط، بينما يبقى القرار النهائي بيد الرئيس.
والأربعاء الماضي كلف الرئيس سعيّد بودن بتشكيل حكومة جديدة للبلاد، وفق ما ذكرت الرئاسة في بيان لها، لتكون أول امرأة في تونس تسمى لتولي هذا المنصب.
وأشار سعيّد في خطاب التكليف إلى أنه يتعين الإسراع في اقتراح أعضاء الحكومة، معتبرا أن تونس أضاعت وقتا كثيرا، ومشددا على أولوية مكافحة الفساد.
شخصيات حقوقية تؤكد قدرة المرأة التونسية على تحمل المسؤوليات في المناصب الكبرى للدولة وتصف مشاركة الشباب بـ"المتأخرة"
وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي اتخذ الرئيس سعيد حزمة من الإجراءات الاستثنائية، أهمها تجميد نشاط البرلمان وإقالة حكومة هشام المشيشي.
وتداول على إدارة الشأن العام بالبلاد منذ 2011 تسعة رؤساء حكومات، دون احتساب الحبيب الجملي الذي أخفق في إقناع البرلمان بفريقه الحكومي في 2020.
وخلال عشر سنوات تولّى الحكومات التونسية المتعاقبة كل من محمد الغنوشي ثم الراحل الباجي قائد السبسي ثم حمادي الجبالي وبعده علي العريّض، وخلفه مهدي جمعة، ثم الحبيب الصيد فيوسف الشاهد، وسقطت حكومة الحبيب الجملي لعدم نيلها الثقة، ثم إلياس الفخفاخ الذي استقال وخلفه هشام المشيشي.