الحكواتية يلتقون في الشارقة لحماية فنّهم

الملتقى هذا العام يشارك فيه أكثر من 160 حكواتيا وحكواتية من 46 دولة عربية.
الخميس 2022/11/03
قصص وأساطير

ارتبط العربي منذ طفولته بحكاية الجدة ثم تعلق بالحكايات والقصص فتابعها في المقاهي من خلال الحكواتي وخاصة في رمضان قبل أن تنقرض تقريبا، اليوم تنظم إمارة الشارقة ملتقيات لإحياء فن الراوي وعودته للصغار والكبار.

الشارقة – نجحت إمارة الشارقة في إعادة الحياة لفن “الراوي” أو “الحكواتي” من خلال ملتقيات تقام بصفة دورية على مدار العام في ربوع مدن الإمارة. رواة يحيط بهم جمهور من مختلف الفئات والأعمار، ليستمع منهم إلى حكايات من التاريخ والتراث والأساطير، ويسافر معهم عشاق الحكايات من الصغار والكبار إلى عالم الخيال.

وتحت شعار “حكايات البحر”، أقيمت دورة هذا العام من الملتقى الراوي، لتصحب زواره والمشاركين فيه إلى أعماق هذا العالم الرحب، والتي طالما شكلت جانبا مهما وملهما من عناصر الخيال الشعبي، ونسج منها الراوي رموز حكاياته ودلالاتها الخصبة، ليوثق رحلة طويلة ارتبطت ارتباطا وثيقا بحياة الناس وعلاقتهم بالبحر الزاخر بالأرزاق والآمال والأحلام، والمليء بالقصص التي جسدت واقع المجتمعات عبر التاريخ في حالات يسرهم وعسرهم على حد السواء. وشارك في الملتقى هذا العام أكثر من 160 حكواتيا وحكواتية من 46 دولة عربية.

ويزخر الملتقى بباقة من الأنشطة الفكرية والثقافية والورش التدريبية والبرامج التفاعلية من الجمهور، من بينها مقهى الراوي، ومكتبة الملتقى، وركن التواقيع والإصدارات التي تشهد مشاركة واسعة من الباحثين والمشاركين.

ملتقى الشارقة يتميز بأنه يجمع أشهر الرواة بالعالم في موقع واحد، ليتعارفوا ويتبادلوا الخبرات، ويسهموا بصورة جماعية في الحفاظ على استمرار المهنة

وإلى جانب ملتقى الراوي، تنظم الشارقة برنامج “الحكواتي” الذي كان يجلس في المقاهي والأماكن العامة المفتوحة شخص يتميز بالقدرة على الحكاية، يسرد على مسامع الناس قصصا ممتعة وغريبة.

ومن خلال هذا البرنامج المخصص للأطفال، يلتقي الصغار وجها لوجه مع الحكواتي ليعود بهم بالزمن إلى عقود ماضية، ويغوص في حكايات من الماضي تحمل كثيرا من المعاني والعبر السامية.

ويطل الحكواتي على الأطفال مرتديا عباءة مطرزة تصميمها مستوحى من عصور حكاياته، ليلتفوا حوله ويستمعوا إليه وهو يروي بعضا من نصوص كتاب “ألف ليلة وليلة” أو كتاب “كليلة ودمنة”، وغيرهما من كتب التراث الشعبي العربي.

ويجلس الحكواتي أمام الأطفال حاملا كتابه بين يديه، ليبدأ بسرد الحكايات على مسامعهم، بطريقة مبسطة تمكنهم من رسم الشخصيات في خيالهم، ويقلد مجموعة من الأصوات التي تساعدهم على رسم الحكايات وأبطالها.

ويحرص الحكواتي دوما على أن يسرد تاريخ هذه المهنة في المنطقة العربية، ويشرح للصغار كيف كانت، وكيف تطورت، ويبين لهم نوعية القصص التي يلقيها على مسامعهم، ويحاول في كل مرة اختبار ذاكرتهم ومعرفتهم، من خلال طرحه مجموعة أسئلة مستوحاة من القصة التي يلقيها، بهدف التأكد من فهم الأطفال لمعانيها والعبر المستقاة من هذه القصص.

وفي جزيرة النور وسط بحيرة طبيعية في الشارقة تشتهر بحدائقها وأشجارها النادرة وزهورها، يقف رواة من مختلف الجنسيات ليلقون قصصا من الأدب العربي والعالمي على مسامع الزوار من محبي الحكايات.

ؤؤ

وأصبحت جزيرة النور مقصدا لعشاق الحكايات، حيث تلتف كل مجموعة منهم حول أحد الرواة تحت ظلال الأشجار، مستعينا بأدوات موسيقية وإيقاعية وأجراس، ومجسمات تساعده أثناء روايته لقصته.

ويقول خبير التراث مصطفى عبدالمنعم “نجحت إمارة الشارقة خلال السنوات الماضية في إعادة الحياة لفن رواية القصة من خلال ملتقيات تجمع أشهر الرواة عالميا، وتجمع الصغار والكبار على حب الاستماع للقصص والأساطير”.

وأضاف “يعد الرواة حراسا للذاكرة، فهم يعودون بنا إلى عقود طويلة مضت، ويذكرونا بفصول من التاريخ العربي والغربي، ويذكرونا بمجريات الحياة القديمة التي تراجعت أمام الحياة المعاصرة”.

وترى دعاء محمد، وهي من جمهور ملتقى الراوي في الشارقة، أن هذه الملتقيات تزرع بالأطفال حب الأدب وفنون السرد، وتحفزهم على التخيل، وتغرس فيهم الكثير من القيم التي طغت عليها التقنيات الحديثة والألعاب الإلكترونية.

أما أحمد الزرعوني، وهو من جمهور الحاضرين، فقال إنه يحرص على اصطحاب أسرته لحضور فعاليات برنامج الحكواتي، ليعيش أبناؤه تفاصيل من قصص التراث والتاريخ والأساطير، ويستفيدون من العبر التي تتضمنها القصص التي يقدمها الحكواتي.

Thumbnail

ويتابع بالقول “أبنائي ينتظرون الرواة والحكواتية بشوق كبير ليعيشوا بعالم المرويات الشفهية الخالدة ويتعرفون إلى كنوز الموروث الشعبي الإماراتي والخليجي والعربي والعالمي”. ويقول الحكواتي المغربي عبدالإله خطابي إنه حريص على المشاركة في ملتقيات الشارقة المتخصصة في فن الإلقاء كونها تسهم في إحياء هذا الفن وتسهم في تناقله عبر الأجيال.

وقال الباحث في الحكايات الشعبية عبدالعزيز الرشدي إن ملتقى الشارقة الدولي للراوي يتميز بأنه يجمع مجموعة من أشهر الرواة بالعالم في موقع واحد، ليتعارفوا ويتبادلوا الخبرات، ويسهموا بصورة جماعية في الحفاظ على استمرار المهنة.

20